TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هل الارهابيون اكثر نزاهة من رئيس مجلس الوزراء؟

هل الارهابيون اكثر نزاهة من رئيس مجلس الوزراء؟

نشر في: 29 يوليو, 2013: 10:01 م

كيف تنجح التنظيمات الارهابية في العثور على "الكفاءات الخبيرة في صناعة الموت" وتقوم بإدارتها بشكل ينجح في إلحاق العار بنا، بينما نفشل نحن، وهل هم حقا اكثر "نزاهة وخبرة"؟ انه سؤال يحمل قسوة بالغة، قسوة امارسها مع نفسي قبل ان امارسها مع مؤيدي طريقة سلطان العراق في ادارة الدولة.
حقا، الا يبدو ان التنظيمات الارهابية اكثر "نزاهة وخبرة وغيرة" من فريق سياسي وعسكري يدير البلاد ويستبد بها ولا يسمح برقابة برلمان ولا رأي عام ويحتقر المظاهرات، ويتفاخر بأنه لا يدري على كم ساعة كهرباء يحصل العراقيون، وبالتأكيد فإنه سيزعم بأنه لا يدري كم فاسدا كبيرا في مؤسسة الامن "يبيع الهاتف النقال ب٣ مليون دينار" في سجن ابي غريب، طبقا لمعلومات محزنة ادلى بها مسؤول رفيع في العدد السابق من الجريدة؟ لكن تنظيم القاعدة كان "يدري" بالطبع.
ولا شك ان تنظيمات الموت ليست ديمقراطية ولا شأن لها بالحداثة. لكن ما يجري على الارض يوحي بأنها اكثر تنظيما وحداثة من مؤسسة الحكم في بلادنا، والادهى ان تنظيم القاعدة "اقل فسادا وأكثر ايمانا بأهدافه". وهذه معركة ارادات، يفوز بها من يحسن "العض على النواجذ" ولا يكذب على نفسه. بينما استغرق الكثير منا في الكذب على نفسه، والثمن ما يقوله لنا ضابط الاستخبارات الرفيع، فقد نجح التنظيم في شراء موبايلات داخل سجن ابو غريب، ونجح في رشوة مشغل "جهاز تشتيت ترددات الهاتف" وزرع الطريق المؤدي للسجن بالعبوات بحيث ان قوات "النجدة" التي ارسلها السلطان غرقت في القنابل قبل ان تصل الى السجن. بل ان التنظيم المميت نجح في بناء تل يقفز عليه السجناء قرب سور المعتقل الرهيب، ونحن فشلنا حتى في رصد تل!
اخترقونا في عملية واحدة، عشر مرات. ولم ننجح في اختراقهم ضمن اي عملية كبيرة. ترى ألا يوجد ضمن تنظيم القاعدة فاسدون او مهملون، او عناصر يكرهون اسامة بن لادن، او لديهم مشكلة "حزبية" مع ابو عمر البغدادي، كي نتعرف على هؤلاء ونخترقهم ونقلص حجم خسائرنا؟
لكن هذا لم يحصل في كل العمليات الكبرى، ما يعني انه تنظيم متقن، لا يكذب على نفسه، ولا يتذرع بالجهل، كما لا يرمي بالمسؤولية على "شركائه"، ويبدو ايضا ان قادة التنظيم غير الديمقراطي، ينجحون في احاطة انفسهم بخبراء لديهم كفاءة وإيمان بمبادئهم "الفاسدة"، بينما يحيط سلطاننا نفسه بعديمي الخبرة وناقصي الحكمة، والذين يكذبون عليه وعلينا بثمن موت احبتنا من البصرة الى الموصل.
التنظيم غير الديمقراطي، يعرف كيف ينصت للنصائح "المفيدة"، اما فريق السلطان فهو لا ينصت الا لتصفيق المنافقين، وقد اصيب بالخدر والارتخاء نتيجة المديح الزائف، الى درجة ان السلطان نفسه صار لا يجد اي حرج من الاعتراف امام ملايين العراقيين، بأنه لا يعلم عدد ساعات الكهرباء، وهو غير واثق حتى من الشهرستاني! ومع ذلك فإنه يقول ان العراق "سينهار" لو خسرنا قيادة ائتلاف دولة القانون، التي لا تدري بعطل كاميرات السجن، ولا ببورصة الهواتف النقالة المزودة بالانترنت، والتي تتيح لبعض قادة التنظيم "الدخول الى فيسبوك" من داخل ابوغريب، والتعليق حتى على بعض البوستات، كما يدعي البعض!
تنظيم القاعدة يركب عجلة رشيقة ومليئة بالاذكياء، والسلطان وفريقه يقودون مركبة عملاقة اسمها العراق، وينزلون بها في كل المطبات المطعمة بنكهة كوارث التاريخ، ونحن نخسر السباق. لا السلطان تعلم حماية المركبة، ولا نحن وجدنا طريقا لمنع انزلاقها. وجميعنا نكذب على انفسنا، باسم المصلحة العامة و"التكتيك السياسي" و"قواعد لعبة الشطرنج". ان الجالس خلف المقود يحتكر ملف الامن بلا محاسبة، وهو "مخمور" بصهباء السلطة، ومهادنة مراكز القوى. ونحن نخسر اثناء عملية الكذب على النفس. وخسارة كهذه بحاجة الى اعتراف كبير، وإلى تغيير اسرع من الايقاع الاصلاحي البطيء الراهن.
انه "عار جماعي" والسلطان "المخمور بتصفيق زائف" يقود مركبتنا بصبيانية ولن تعرف المصارحة طريقا الى قلبه المشغول بغوايات وغوايات، مثل كل سلاطيننا الذين خسروا معارك التاريخ ونزلوا بنا الى عالم الاقدار السفلي، ثم اعتذروا بأنهم لم يكونوا يعلمون!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 7

  1. نصير عزيز مهدي

    الاخ سرمد العزيز ..من حقك ان تكتب ماتشاء وبطريقتك الادبية المنمقة ..وانا واثق من ذكائك بانك والاخرون تعرفون كل المعرفة من ان حكام العراق وعبر التاريخ المشؤوم لن يتنحوا او يتخلوا عن السلطة ..هذا قدر العراق ؟؟ ولاءسباب عديدة اجتماعية عشائرية حزبية نفسية بعث

  2. علي عبد علي

    ان المالكي ينفذ اوامر اسياده في واشنطن و طهران فحسب. ان هاتين الدولتين قد اتفقتا منذ 2003 على تقسيم الادوار في عملية تدمير العراق و شعبه في مخطط يعجز عقل المالكي و شلته حتى عن فهمه ناهيك عن الاعتراض على تنفيذه. انه العبد المطيع و الجميع يعلم بهذه الحقيقية

  3. ابو حسن

    هل تعتقد يا سيد سرمد ان المالكي وامثاله الذين لا يسمعون ولا يرون الا انفسهم سيسمعون كلامك هذا او اي نصيحة تقدم لهم من اي شخص اخر هؤلاء عميت ابصارهم وقلوبه بحب الذات حتى ولو دمروا العراق باكمله فلا يرون الخطء الا من غيرهم فهم لا يخطئون حسب تصورهم ويلقون ا

  4. Dhia

    الشعب هو من يتحمل المسؤولية عن ما يجري بالعراق فهكذا حكومة غير قادرة على حماية الوطن والمواطن غير جديرة بالاستمرار وعلى الشعب أن يقول كلمته الفصل بحقها .. ولكن عندما تتعالى بعض الأفواه بهما مطالب فإنها لا تكمم ولكن تصفى .. ولكن أن الشعب عندما يريد أن يقول

  5. محمد الحائري

    علقت في مكان اخر, واضيف هنا.. الا يكفينا هذا الهذو و الانقياد الى موضوعات يريد لها العملاء و اجراء الاجنبي ان تسود و يتداولها الناس!! هل هناك من احد صغيرا ام كبيرا لم ينتبه الى الان عن حقيقة ما يجري في البلاد و ان السلطه و كل الجهاز الاعلامي يأتمرون بأوام

  6. نبيل ا-لاردن

    لماذا نردد مصطلحات الغرب الساسية مثل ارهاب مثل ما اسرائيل تتهم الفلسطينين بالارهاب هناك مشكلة نظام حكم بالعراق وهذة ردة فعل على ذالك يجب تصحيح الفعل لكي لا يكون هناك ردة فعل

  7. شلش

    جزيل الشكر والامتنان للقلم الموضوعي الشجاع يا اخ سرمد وارجو من الله ان يحفظك من زمرالسياسيين الاغبياءالجهلاءوارجو ان تثق يااخ سرمد هم لايتعمدون الفشل بل هم اغبياء وكل الاحداث تبرهن هذا

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram