يغيظني من يبرر للساسة افعالهم وكأن وجودهم مسلمة ولاسبيل لاستبدالهم بمن هو افضل منهم..ولأن اسلوب التحاور الجديد مع الاخرين بات يفقد كل ملامح الديمقراطية التي نصبوا اليها منذ ان صار علينا اذا اردنا ان نكسب الاخرين ان نستمع اليهم فقط واذا اردنا ان نخسرهم فعلينا ان نناقشهم فقد تكررت خساراتي لمن يرى ان رئيس مجلس الوزراء المالكي يحاول ان يقدم شيئا للعراقيين ولكن الارهاب يقف له بالمرصاد ومن يرى ان الشعب المصري لم يمنح فرصة كافية للرئيس المخلوع مرسي ليحاول تقديم شيء لشعبه ومن يرى ان صدام حاول ان يسعد شعبه لكن امريكا كانت ترسم له خطواته..انهم يتحدثون جميعا عن محاولات وكأن السياسة حقل تجارب والشعب ادوات مختبرية تخضع لتجارب الساسة وقد تنجح التجارب او تفشل..لاضير مادام البعض يجد مبررا للسياسي ويمنحه العذر بانه حاول ان ينفع شعبه ففشل ولابأس من محاولة اخرى حتى لو ذهب ضحيتها عشرات او مئات الضحايا...
من السخرية المرة ان يرى المرء الأشياء كما هي لاكما ينبغي ان تكون رغم ان العثور على الحقيقة ليس صعبا بل الاصعب هو الهروب منها متى ماعثرنا عليها وهذا مايحدث مع العراقيين فهم يعرفون المثل الذي يقول: " اعط الخبز لخبازه ولو اكل نصفه " ويدركون جيدا ان المالكي يرفض ان يمنح الخبز لخبازه خشية ان ياكل الخباز نصفه ويفضل ان ياكل الخبز كله ولوحده ولايهمه تواتر الفضائح من ايام الانفجارات الجماعية الدامية الى ضرب العزل في ساحات الحويجة الى هرب السجناء باعداد لم تشهد لها الدول مثيلا من قبل وحتى فضائح صفقات اجهزة التفتيش ومنظومات الكهرباء وحرق طوابق من الوزارات لطمس سرقات وتلاعب المسؤولين وسلوكيات قوات الامن واختراقها على جميع المستويات من قبل ارهابيين ومنتفعين..انه مسؤول عن انهيار دولة بكاملها تتآكل جدرانها يومياً بآلاف الاكاذيب والوعود والغريب انه يجد من يدافع عنه قائلا انه احسن من غيره وانه يحاول ويحاول جاهداً ان يسعد العراقيين..
لم يعد العراقيون يحلمون بحاكم يسعدهم بل بحاكم يمنحهم فرصة العيش فهم اما ان يكونوا حطبا لحروب حاكم مغرور او يصبحوا ادوات مختبرية لحاكم يحاول ان يجرب مواهبه في قيادة كل مفاصل الدولة الحيوية ووزاراتها الامنية والخدمية وهم في كلتا الحالتين مشاريع موت دائمة لحكامهم..
ربما كان موهوباً فقط في الخطابة فبعد كل ازمة يطل على شاشات الفضائيات ليتحدث عن احلام وردية لم يلمس العراقيون أياً منها كحقيقة لكنه يخدرهم بوعوده ويخدع بعضهم بتبريراته لاخطائه وقصوره بوقوف الظلاميين والبعثيين خلفها وهكذا يجد من يمنحه العذر فهو يحاول ويحاول...
قبل سنوات حاز فيلم (احدهم طار فوق عش المجانين) الامريكي على خمس جوائز اوسكار لأن بطله جاك نيكلسون ظل يحاول الهروب من مستشفى المجانين طوال الفيلم لاثبات سلامة عقله وفشل في النهاية فقال عبارته الشهيرة (ولكنني حاولت..اليس كذلك)..اذا كان نيكلسون اكتفى بالمحاولة وارتضى الفشل لأن هناك من هو اقوى منه وتمكن من البطش به فهل تفشل محاولات المالكي باستمرار لأنه يخشى من هو اقوى منه وهو رجل الدولة الاول ومالك مفاتيحها بيديه..عليه اذن الا يستبد برأيه فيهلك وان يعبر عن وطنيته بالعمل لابالقول والخطابة وان يعترف باخطائه قبل ان تسقط نقطة الحياء الاخيرة فلا يجد وقتها من يبرر له محاولاته ويلتمس له الاعذار..
نقطة الحياء الاخيرة
[post-views]
نشر في: 29 يوليو, 2013: 10:01 م