هل تتردد اميركا في تسليح العراق؟ وما هو شكل الضغوط السياسية المتوقعة التي يدعو لها بعض الاميركان، بعد ان كبرت مشكلتنا حتى اضطرت واشنطن لتسيير طائرات بلا طيار من تركيا، محاولة فهم ما يجري عندنا؟
ملف ابو غريب يربك محللي واشنطن الذين وجدوا انفسهم مطالبين بنسيان كل ازمات الكون والتركيز على نحو ألف مجرم بينهم قياديون بارزون في تنظيم الموت الدولي، غادروا السجن ولا احد يعلم الى اي قارة سيتجهون. وسبق لبترايوس ان اعتقل هؤلاء بجهد جهيد مستعينا بصحوة الابنار، وها هو كل شيء يتبخر بفرار طرائد اهم قادة اميركا. والخلاصة المؤسفة ان اخطاء المالكي وإخفاقاته، صارت تهدد الامن العالمي برمته.
ولا يبدو رد فعل واشنطن في موضوع التسليح وضمن هذا المناخ الكئيب، محددا بما يكفي، فالأنباء تتابع حول صفقات جديدة آخرها العربات "النووية" وفاتورتها المكلفة، لكن سفير العراق في أميركا يكتب مقالا تنشره الصحافة هناك، لا ينجح في اخفاء حزن حكومة العراق. السفير يعلن حرصه على العلاقة الوثيقة بواشنطن، لكنه يرجو البيت الأبيض ان "يفصل بين تسليح بغداد، والعنف في سوريا"! ترى ماذا سمعت بغداد من واشنطن بهذا الخصوص؟ وإلى اي مستوى نجحت "حكمة قيادتنا" في تسويق العراق كطرف منقوص الالتزام ويمكن ان يتنصل عن مسؤولياته، ويستخدم سلاح أميركا في ورطة تغضب الجميع؟ وهل كان هذا وراء التأجيل الأخير في تسليم صفقة أف ١٦؟
لقد كان يفترض ان تربض المقاتلات الاستراتيجية تلك على مدارجنا الحربية قبل هذا الوقت، بينما يذكر اخر اعلان للبنتاغون، ان واشنطن "ولحرصها على تسليم العراق طائرة بآخر التحديثات"، ستنشغل بتركيب رادارات "متقدمة جدا" قبل نقل البضاعة لنا، وهذا امر سيستغرق تصنيعه واستكماله بالطبع، عاما آخر. واذا بقيت "حكمة قيادتنا" على حالها فمن المرجح ان نصحو في العام المقبل لنجد واشنطن راغبة بإضافة قطعة "متطورة" ستؤخر تسلم اف ١٦ سنة او اكثر. وهذا امر يقلق المالكي كثيرا، ويعارض ميله الشديد الى الجلوس في شرفة ساحة الاستعراضات حين يحل عيد الجيش المقبل، ليرمق بزهو تحليق المقاتلات الاميركية، فيذهب بعدها الى الاقتراع منتشيا بامتلاك العسكر واحتكار ملفهم، ومحاولا جعل الجمهور ينسى حفلات الذبح اليومي الذي لن توقفه عربة نووية ولا طائرة اميركية.
والرجل يتعرض بين الحين والاخر الى نكسة داخل علاقته بواشنطن، ولم يخف عني دبلوماسي عراقي التقيته في العاصمة الاميركية، قبل ايام من اعادة انتخاب اوباما، شعور طاقمنا هناك "بالحرج" لانهم يفشلون في عكس صورة "التزام مسؤول" امام الادارة الاميركية خلال نقل رغبات المالكي التي لم يألفها رجال في البنتاغون اعتادوا على قواعد لعبة تعرفها كوريا الجنوبية واسرائيل وشاه ايران.
الا ان ما تقوله واشنطن بوست في افتتاحيتها قبل ايام يذهب الى مرمى ابعد، فالصحيفة تستشعر ان اوباما متشكك في نوع المساعدة التي يتطلبها الوضع العراقي، ومن الواضح ان كثيرا من الاطراف الدولية تسأله: هل انت جاد في وضع كل هذا السلاح الخطير بين يدي بغداد، بينما فريق المالكي عاجز عن الاحتفاظ بطرائد بترايوس في ابو غريب؟
الصحيفة تحاول تذكير الجميع بأن العراق جزء اساسي من الامن العالمي، وأن مساعدته امر حاسم، لكنها تشترط لذلك ان تكون المساعدة مرفقة بضغط تمارسه اميركا على فريق المالكي. ومقترح "الضغط" ان التسليح والمعونة الاستخبارية ليسا علاجا سحريا لتوطيد الامن، فالتسوية الامنية لابد ان تستند الى تسوية سياسية، وحين خرب اتفاق الساسة لحظة انسحاب جيوش اميركا، بدأ مأزق الامن يتسع ويكبر ويبتلع كل شيء.
والرسالة هي ان اعادة الاعتبار لروح التوافق مع اطراف البلاد، وفي داخل البيت الشيعي نفسه، خطوة اولى نحو اقناع كل الحلفاء بمساعدتنا في هذا الظرف الحرج، وهو مدخل وحيد لاعادة بناء "الامن النسبي" الذي كنا نتمتع به حتى قبل ورطة الحويجة.
لقد تركت السياسات المتسرعة للمالكي، ثغرات رهيبة نفذ منها الاعداء والمتشددون، وجعلتنا نخسر كثيرا من التضامن الداخلي الذي لا يمكن كبح جماح القاعدة الا من خلاله. ومن الجيد ان الواشنطن بوست ادركت هذا، وهي تبلغه بوضوح الى مراكز المال والسلاح والنفط في اميركا. وهذا امر سيدركه المالكي وأوباما طال الوقت ام قصر، لكننا نتمنى ان لا يتأخر ذلك كثيرا، لاننا "تحت الماء.
"ضغط" أميركي على بغداد
[post-views]
نشر في: 30 يوليو, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 1
المحامي عباس العبيدي
والله ومحمد رسول الله آمريكا لاتعطي العراق أي أسلحة ولا طائرات .أعتقد اللي يقرأ التاريخ جيدا سيعرف أن ألغرب كله لايريد تسليحنا.أقرأ كتاب تأريخ تأسيس الجيش العراقي ولو نموت ما ينطونا أسلاح.والمالكي يعلم جيدا هذا الموضوع ولذلك لجأ الى الروس.