مثلما كتب تاريخ الكرة العالمية سيرة عظماء الملاعب طوال العقود الماضية ، فأنه لن ينسى الحيوانين المشهورين اللذين سرقا الأضواء بشكل عجيب في موسوعة بطولات كأس العالم بعدما شغلا الإعلام والجمهور في حادثتين لن تبرحا الذاكرة البشرية أبداً ، وهما الكلب بيكلز الذي عثر على كأس جول ريميه عام 1966 مدفونة في حديقة سارقها في احدى ضواحي لندن قبيل انطلاق منافسات البطولة لينقذ المنظمين من الحرج ، والثاني الأخطبوط بول صاحب التوقعات المذهلة التي اصابت أربع مرات لمصلحة فوز الألمان في يورو 2008 مقابل خطأين أمام ( كرواتيا 1-2 وإسبانيا 0-1) بينما جاءت متطابقة كلها في مباريات المانشافت ضمن كأس العالم 2010 بما فيها نتيجة المباراة النهائية التي حسمتها إسبانيا بهدف نظيف أمام هولندا، علماً ان بول نفق في 26 تشرين الأول العام نفسه بعد شهرين من تسميته سفيراً رسمياً لإنكلترا لملف مونديال 2018 .
ليت بول لم يمت، كنا بحاجة اليه اليوم ليراقب جلسات الاتحادات الخليجية المتوالية منذ عام 2009 حتى الآن وهي تدرس وتحلل وتتكهن وتشترط وتتوعد وتحذر وتهدد البصرة بسحب ملف تنظيمها لدورة كأس الخليج العربي لكرة القدم ، وبات واضحاً تفنن فلاسفة اللجنة التفتيشية للقضايا الأمنية والفنية ويمكن ان نضيف اليها الترفيهية في البحث عن حجج جديدة للحيلولة دون إقامتها في العراق الذي استنزف مشروع تحضيره للدورة مليار دولار كان شعبنا ولما يزل أحوج اليه لتحسين شبكات الكهرباء والقطاع الصحي وغيرهما من مرافق الحياة لو تكرّم الأخطبوط بول باختيار أحد الملفين المرشحين فعلاً للتضييف ( البصرة أم جدة ) بدلاً من ترك باب التكهن مفتوحاً حتى 5 تشرين الأول المقبل منعاً لضياع الوقت وحفاظاً على العلاقات (العراقية – الخليجية) من القطيعة والانفصال " كروياً " !
إن خريطة تسيير الحوار على طاولة اجتماع المنامة واجهت حدوداً مصطنعة لأشقاء انقلبت تصريحاتهم التي اطلقوها في الدورة الخليجية 21 من مؤيدين بسلاسة ومرحبين بعودة الدورة الخليجية الى ارض الرافدين ثم الى معارضين بتشدّد لملف البصرة ، ولم يكتفوا بتيئيس الوفد العراقي الذي فشل في اقناع المجتمعين طوال الجلسات الماضية بسلامة الملف العراقي وامكانية نجاح الدورة أمنياً وتنظيمياً خلال فترة اقامتها التي لا تتجاوز الأسبوعين ، بل أخذ البعض وبتصرّف شخصي يلوح بورقة رفع الحظر الدولي للإقرار بخليجي 22 في البصرة، ويؤسفنا ان يتبرع رئيس اتحاد الكرة البحريني علي بن خليفة بإعلانه رهن الموافقة الخليجية نظير سماح ( فيفا ) برفع حظره عن العراق كشرط أساس لتسليمه الملف ، وبدورنا نسأل : إذا كان ابن خليفة حريصاً على تلقي الإذن من ( فيفا ) ويقدمه على جميع التعهدات التي اطلقت منه ومن غيره للعراق لتعزيز اللحمة الخليجية في البصرة كما إدعوا إبان نقل الدورة الى المنامة قبل عامين ، فلماذا أخفق رؤساء الاتحادات وعجزت سياستهم الدبلوماسية من انتزاع اعتراف رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف بلاتر بدورة الخليج بالرغم من زياراته المكوكية للمنطقة كلما احتاج الى مساندتهم ؟!
صراحة ، من دون لف أو دوران، إن الجدول الزمني الجديد الذي أقرّه اجتماع أمناء السر العام في الاتحادات الخليجية والعراق واليمن أول من أمس الاثنين في البحرين ينتهي في 18 آب المقبل لن يغير من القرار الخليجي تجاه ملف البصرة قيد أنملة ، فماذا بوسع الاتحاد العراقي لكرة القدم فعله خلال المدة المطلوبة بعدما أكملت وزارة الشباب والرياضة جميع متطلبات لجنة التفتيش الرئيسة ولم تبق سوى بعض النواقص الخدمية في البنى التحتية وتوفير الطاقة والمياه وطرق المواصلات التي تستغرق وقتاً يتجاوز النصف الأول من العام المقبل ؟!
هنا يتحتم على مجلس الوزراء تشكيل خلية عمل فاعلة وعاجلة تضم الوزارات المعنية بانجاز واجباتها في مشروع المدينة الرياضية في مواعيد محددة ، فنداءات وزارة الشباب والرياضة ومجلس محافظة البصرة من تلكؤ اعمال الوزارات ذات العلاقة بالمشروع لم تلق آذاناً صاغية ، الأمر الذي ينعكس بالسلب على مصير الدورة 22 ، ويُعطي ذريعة للخليجيين بسحب الملف منتصف مطلع تشرين الأول المقبل إن لم يكن القرار جاهزاً للإعلان في وقته!
الأخطبوط بـول الخليجي!
[post-views]
نشر في: 30 يوليو, 2013: 10:01 م