TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الكويت وبرلمانها الجديد

الكويت وبرلمانها الجديد

نشر في: 30 يوليو, 2013: 10:01 م

لم تنجح المعارضة الكويتية بكل أطيافها، في إفشال الاستحقاق الانتخابي الرابع خلال خمس سنوات، ولم تنجح في دفع الناخبين إلى العزوف عن المشاركة لعدة أسباب، أبرزها الزيارات التي قام بها أمير البلاد للقبائل، التي أدركت أن مقاطعتها للمجلس السابق أضرّت بمصالحها، إضافةً إلى أنّ المواقف والشعارات التصعيديّة، التي رفعها أقطاب المعارضة، استفزّت شرائح واسعة من المجتمع الكويتي، الذي يرفض التغيير الجوهري في نظامه السياسي، كما أنّ تعطيل عمل الدولة أدى إلى تآكل مؤسساتها، وتوقّفت الكثير من المشاريع الحيويّة والتنمويّة، رغم أنّ المجلس المنحل والحكومة التي واكبته، أصدرا كثيراً من القوانين في فترة وجيزة، فاقت ما كان تشهده عهودٌ سابقة.
خلال السنوات الخمس الماضية، سادت الكويت حالةٌ من عدم الاستقرار السياسي، بسبب تكرار العملية الانتخابية، وفيما يخشى كثيرون أن يكون مصير المجلس الجديد كمصير سابقيه، اللذين حلّهما الأمير بسبب الصراع الذي ظلّ محتدماً بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، فإنّ المتفائلين يعتمدون على تحريك كتلة من النواب الفاعلين للحياة السياسية، بعيداً من أجواء الصراع الذي ساد المرحلة السابقة، وتسبّب بتعميق الأزمة، وأسفرت انتخابات الصوت الواحد عن تغييرات كبيرة شملت 29 من أصل 50 مقعداً، وفوز عدد كبير من الوجوه الجديدة غير المصنفة سياسياً، وعن خسارة كبيرة للشيعة، الذين انخفض عددهم من 17 إلى 8 نواب، رغم مشاركة ناخبيهم بكثافة في الاقتراع، في حين فاز القبليون بـ 24 مقعداً، ليؤكدوا أنهم الرقم الأهم في المُعادلة البرلمانية، وتقلّص تمثيل المرأة من ثلاث إلى اثنتين.
كانت الكويت السبّاقة بين دول الخليج لخوض التجربة البرلمانية، وتحوّلت إلى نموذج تتطلع اليه شعوب المنطقة، إن لجهة الحكم الديمقراطي وما رافقه من خطوات تنمويّة، أو توازن سياستها الخارجيّة، لكن الحال تغير بعد الغزو العراقي، حتّى أن شعوب دول جوار الكويت، باتت تنظر إلى الأزمات المُتتالية في هذا البلد الخليجي، كتهديد لأمن الإقليم كُلّه، مع مجاورة الكويت لثلاث قوىً إقليمية كبرى، تتصارع على بسط نفوذها في المنطقة، ترافق كُل ذلك مؤخراً، مع هبوب نسائم أو عواصف الربيع العربي، التي تدفع بجدية للبحث عن صيغة توافقية جديدة، تحافظ على الدولة، وتمنع التنافس على الحكم، من أن يُشكّل عاملاً في اهتزاز العلاقات بين السلطات، أو تصعيد الاستقطاب بين القوى المختلفة، وتلك هي مسؤولية بيت الحُكم، بصفته الضابط لإيقاع التنافس بين السُلطات.
عاشت الكويت منذ التأسيس، ثُنائيّة التوافق بين بيت الإمارة وأهل المدينة، غالباً كان الحاكم يستقوي بالقبيلة ورجال الدين، غير أن تغيّر الظروف الاقتصادية، وما رافقها من طفرة تعليمية، غيّرت أسس هذه الثنائية، خصوصاً مع بروز قوى الإسلام السياسي، التي انتعشت بتغييرات ما يسمى الربيع العربي، وحالة المطالبة بالأفضل عند القبائل، التي كانت تُراقب التقدم المذهل في الدول الخليجية المجاورة، بينما دولتهم تراوح في حل المشاكل الاجتماعية والسياسية، دون تحقيق قفزات اقتصادية ومالية وتعليمية وإعلامية، غير أن الحاكم المُحنّك، تمكّن من الحد من التأثيرات الناجمة عن المتغيّرات في دول الجوار، من إيران إلى العراق، وهو أعاد التواصل مع القبائل التي استجابت لخطوته، غير أنّ كلّ ذلك لا يبدو كافياً، إذ المطلوب اليوم إرساء حالة من التوافق بين جناحي السلطة التنفيذي والتشريعي، وعلى قاعدة التشارك في القرارات السياسية والاقتصادية، دون إحساس بالغبن أو الضغينة أو الهزيمة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram