TOP

جريدة المدى > مقالات رئيس التحرير > هل تقوى دولة " فاشلة " وقيادة مستكينة على حماية وطن ..؟

هل تقوى دولة " فاشلة " وقيادة مستكينة على حماية وطن ..؟

نشر في: 30 يوليو, 2013: 10:01 م

منذ الهروب الكبير من سجني ابو غريب والتاجي ، تتحسس المدن والأحياء العراقية منافذ شرايين حياتها، وتزداد قلقاً من النوائب التي تنتظرها مع إطلالة كل صباح، بعد ان تكون جراح لياليها قد تخثرت . فالانفجارات بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة والعبوات اللا

منذ الهروب الكبير من سجني ابو غريب والتاجي ، تتحسس المدن والأحياء العراقية منافذ شرايين حياتها، وتزداد قلقاً من النوائب التي تنتظرها مع إطلالة كل صباح، بعد ان تكون جراح لياليها قد تخثرت . فالانفجارات بالسيارات المفخخة والأحزمة الناسفة والعبوات اللاصقة، فقدت "تواضعها" اذ كانت تستهدف الأفراد والتجمعات المتفرقة ، بينما صار بإمكانها التخطيط والتعبئة على مستويات ستراتيجية، لتصيب في تزامن ملفت مدناً وأحياء ومرافق مدروسة في أنحاء متباعدة من البلاد، دون خشية من إعاقة او استدراج أمني يجهض مهامها المرسومة.

إن داخلية المالكي وأجهزة أمنه، فقدت رباطة جأشها ولم تعد تستحي من "الاستجارة" بالمواطنين ودعوتهم لمد يد العون لها لمواجهة العمليات الإرهابية. وهي لا تتخلى حتى في مثل هذه الحالة، حالة الارتباك وانعدام الوزن والشعور الداخلي بضعف الحيلة، عن المكابرة والادعاء ولوي الحقائق. وتتجنب وضع الأمور في أنصبتها والإقرار بأسباب عجز الحكومة عن كسر شدة الهجمات الإرهابية، لعلها تستطيع من خلال ذلك تنظيم هجوم معاكس يربك التنظيمات ويشل حركتها ويمكّنها من استعادة المبادرة وإيقاف النزيف العراقي الطاهر، المتناثر في كل اتجاه.

لكن المشكلة لم تعد في استجارة القوى الأمنية، ولا في إمعانها بالادعاء او إخفاء الحقائق، وتزييف أسباب العجز الحكومي. بل في هذه اللامبالاة من رأس الحكومة على ما يُرتكب من جرائم يومية وحصد للأرواح البريئة، دون ان يبدو عليه حزن او هوان، شعورا بمسؤوليته المباشرة عما تُساق اليه الدولة المفككة، من تداعيات قد تنتهي اذا استمر التدهور، الى ما يُشبه الانهيار او المزيد من التفكك والتشظي.
ويستمر التمادي في التعامل مع المخاطر التي باتت تهدد سيادة البلاد والسلامة الوطنية العامة، ولم تعد تقتصر على مآل العملية السياسية، و"الجيوب" المتبقية من إرهاصات الديمقراطية التي يجري قضمها ووأدها بالتدريج. ومما يزيد من المخاطر والاحتقان والقلق في الحياة السياسية، تصاعد وتيرة الانفلات الأمني، بالارتباط مع مواصلة "القابض على مصائر البلاد" المكابرة بالالتفاف على الحقائق ومحاولة تمييعها والقفز على استحقاقاتها، من تدابير سياسية وأمنية، وفي الصدارة منها الإقرار بالعجز التام عن إدارة الحكومة، والإخفاق في معالجة الملف الأمني، بل وكل الملفات التي تشدد الخناق حول دولته الفاشلة. 
من الواضح حتى لمن لا بصيرة له، ان التنظيمات الارهابية بعد "صولة" أبو غريب والتاجي، والمجازر المرتكبة خلال الايام التي تلتها، انتقلت الى مستوى نوعي شمولي. مما يتطلب عدم استبعاد شن هجمات اشد ضراوة وأوسع أضراراً وتأثيراً. فمن لاذ بالفرار من السجنين لم يكتف برصيد تجربته من العمليات الاجرامية التي قادته الى الاعتقال، بل عززها بالخطط والمهارات والمعلومات اللوجستية التي تم تبادلها واغناؤها، خلال الفترة التي سبقت الهروب. ويُحسنُ ان تأخذ الأجهزة الأمنية والاستخبارية بنظر الاعتبار، ان توزيعاً دقيقاً للمهام جرى بين الهاربين، مسنودا بالمخططات التفصيلية لكل عملية نُفِذت او ستنفذ لاحقاً. وهذا ما تؤكده عملية الهروب نفسها بتفاصيلها وقوة النيران المستخدمة، وطابع المفاجأة فيها، والاعلان المسبق عنها قبل شهور!
ورغم التداعيات الخطيرة التي تتفاقم كل يوم ويجري التعبير عنها من قبل القيادات السياسية، دون استثناء، بعبارات ومفردات بليغة "رنانة"، فان أي جهدٍ مسؤول لم يقترب حتى الآن من وضع خارطة طريق تؤشر ولو عبر خطوة تمهيدية واحدة عملية لإيقاف الانزلاق الى حافة الانهيار. 
فاذا استبعدنا، وهذا واضحٌ وجلي، احتمال تنحي السيد المالكي ، او تنحيته والبحث عن صيغة ملائمة بديلة لقيادة العملية السياسية خلال الفترة المتبقية من ولايته الكابوسية، الأسوأ منذ تقلده الحكم في الدورة الاولى، فان القوى الحاكمة المتحالفة صاحبة القرار، لم تجرؤ على المبادرة حتى لطرح حلولٍ جزئية ترقيعية تعكس ارتقاءً بالعزائم، ومظهراً للمواجهة والرفض للوضع الحالي. ولم يفكر التحالف الوطني بإجبار المالكي على سحب يده من وزارتي الداخلية والدفاع، وتعيين وزير لكل منهما، ومسؤولين جدد للأجهزة الأمنية وإقصاء جماعته عن مراكزهم فيها . والمؤسف كما يظهر، كلما اتسعت دائرة العنف والإرهاب واشتد عودهما، تراخي إرادة القيادات القابضة على مصائرنا ووطننا ودولتنا الفاشلة، الغافية وكأن العمى أصاب بصيرتها وبصائرها، او انها بمنأى عما يدور من حولها، غير معنية بالحرائق التي تشتعل، والدماء التي تسيل، والأبواب المفتوحة على كل الاحتمالات. 
وقد يرى البعض من القيادات وامراء الحرائق، ان في الوقت متسعاً حتى الانتخابات التشريعية القادمة، وهي لا تتجاوز بضعة اشهر، وليس من المتوقع حدوث خرابٍ او انحطاطٍ وتدهور في الحياة السياسية والأمنية، اكثر مما هي عليه الان! وقد يكون هذا التقدير في أساس المراوحة في مواقف القوى، خاصة اذا أخذنا بنظر الاعتبار ان كلاً منها يفكر بان رصيده في تزايدٍ، طردياً مع الخسارة التي يُمنى بها الغريم الحاكم!
وفي هذا التنجيم السياسي، يتساوى الجميع في الموقف المتهاون من الشعب الكظيم، مما يلحق به من خسائر في الأرواح، والاستهتار بالمصالح الوطنية العليا وما تتعرض له من مخاطر وتحديات.
ومادام الحال على ما هو عليه من مكابرة واستخفاف السلطان، وما دام الموقف على ماهو عليه من استصغارٍ ولا مبالاةٍ وضعفِ مروءةٍ، ان لم نتجاسر ونقول ، من هوانٍ وجبن من أرباب الحل والربط في العملية السياسية ..
وما لم تظهر، بقدرة قادرٍ او نهوضٍ بين المهمومين من جماهير شعبنا..
فان علينا ان نعمق من يقظتنا، ونقاوم ما يراودنا من إحساس باليأس، لان ما نحتاجه إنما هو عكس ذلك تماماً، ونحن نواجه إرهابا منفلتاً، يتغذى على ضغائن وتمادي فريق حاكم، بان انه تجرّد من كل حياءٍ وعِفّة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. نبيل

    ليش هو في دولة اللي بحكم مليشيشيات ارهابية همها خدمة ايران والانتقام من خصوم الماضي والحاضر

  2. نزار

    كيف نتعاون مع القوات الامنيه وهي تدوس على كرامتنا وتداهم بيوتنا وتسرق حاجياتنا وتشتمنا وتتهمنا بالتعاطف مع الارهابيين ونحن اساتذة جامعات نسكن في حي الجامعه التي داهمتها قوات المالكي اول من امس وعاثت في بيوتنا خرابا وصودرت وسرقت الساعات والموبايلات وبندقية

  3. علي العراقي

    استاذنا الفاضل ذكرت كل شيء واحسنت ولم تذكر الاسباب الحقبقية التي يتردد الائتلاف في طرحهامنها مثلا سحب الثقة عن المالكي وتنحيته لفشله الذريع في ادارة شؤون البلاد..صدقني انها اسباب طائفية بحته من خانة ((ماننطيها وخاف تروح ))وهذه ثقافة صرنا نعيشها يوميا ويت

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram