TOP

جريدة المدى > عام > فلك الدين كاكائي..غياب ضوء فـي زمن الظلمة

فلك الدين كاكائي..غياب ضوء فـي زمن الظلمة

نشر في: 2 أغسطس, 2013: 10:01 م

    غاب عنا ضوء شيخ جليل، عمل بصمت راق، صمت نقي يشبهه تماما.. رحل لكنه ترك بيننا وفينا آثارا لا يمكن لأي زمن ان يمحوها، لانه حينما يمر قريبا منك يترك خلفه شعاع ضوء يلف روحك.التقيته يوم كان وزيرا لثقافة اقليم كردستان، لأعد برنامجا لتلفزيون

 

 

غاب عنا ضوء شيخ جليل، عمل بصمت راق، صمت نقي يشبهه تماما.. رحل لكنه ترك بيننا وفينا آثارا لا يمكن لأي زمن ان يمحوها، لانه حينما يمر قريبا منك يترك خلفه شعاع ضوء يلف روحك.
التقيته يوم كان وزيرا لثقافة اقليم كردستان، لأعد برنامجا لتلفزيون الحرية عن سيرة حياته، ورغم اني التقيت بالكثير بعده، الا انه منذ ذلك اللقاء عام 2008، ظل حاضرا معي ومؤثرا بي دائما.
لم ألتقه كثيرا، بل مرات معدودة، لكني اشعر وكأني عرفته منذ يوم ولدت، هذا الاثر لا يتركه الا شخص مثل فلك الدين، لانه ارتقى بوعيه الى مصاف روحانية، لا تعبر عنها الكلمات، بل الصمت خير ما يوصله لنا.أردت ان اكرر تجربة اللقاء معه مرة اخرى، لكن ظروفا خارج ارادتي حالت دون ذلك، كما انه قلما يرد على هاتفه الخلوي، الذي كان لا يطيقه، كما ذكر لي خلال لقاءاتي به، فأيمانه الصوفي، ينأى عن كل ما يفصل الانسان عن الطبيعة.
فلك الدين، المتصوف الذي سما على دنياه الى عالم لا يستطيع أي كان ان يصله، لان السمو يتطلب صفاءً روحيا وعقليا وتسامحا مع الاخرين، وهذا ما يعجز الكثير، هذه الايام ان يتحلوا به.
ان غياب مثل هذا الرمز تجعل ايام القحط تدنو منا، فغيابه ورموز مثله بكل بساطة لا يعوضون مطلقا، لأن قيم زمنهم الاصيل ولت، وباتت عملة غير قابلة للصرف في زمن المصالح، حيث يركل الجائع بالحذاء ويركع للثري، زمن الالتصاق بكراسي السلطة التي لا واجبات فيها سوى جني المكاسب قبل ان يتنزع الكرسي بربيع شعبي او بخريف يسقط كل الاوراق فتنكشف العورات.
الجلوس مع فلك الدين ينسيك هويتك وانتماءك، وحتى دينك، لان كل الاختلافات والتنوع الانساني في شخصه، وهو مع الجميع واليهم، لانه الكل بالفرد والفرد بالكل.يخيفني غباب تلك الرموز، وبدأت اشعر ان كل ضوء يخفت تحل ظلمة مكانه، فأنهم اضاءوا لنا دروبا صنعت اسم العراق الحضاري، وصنعوا زمنا نذكره اليوم كل لحظة، ولا رد فعل لنا سوى الحسرة عليه، لان لا بديل اليوم لما يغيب عنا، وما يمحى لا يعيد كتابته احد، وما خسرناه ظل خسارة ولم يكن رحيل فقط، لانه التعويض اصعب الممكنات بهذا الزمن. عاش سنواته الاخيرة منعزلا، قلما تجده في مكان عام، لكنه حاضر في أي مكان تحضر فيه الثقافة والقيم الراقية.. هل سألنا انفسنا عن رموز هذا الجيل: ترى هل انصفهم الدهر كما انصفونا؟

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

بروتريه: فيصل السامر.. قامة شامخة علماً ووطنيةً

الحكّاء والسَّارد بين "مرآة العالم" و"حديث عيسى بن هشام"

موسيقى الاحد: 250 عاماً على ولادة كروسيل

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة

في مجموعة (بُدْراب) القصصية.. سرد يعيد الاعتبار للإنسان ودهشة التفاصيل الصغيرة

مقالات ذات صلة

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة
عام

الكاتب يقاوم الغوغائية والشعبوية والرقابة

أدارت الحوار: ألكس كلارك* ترجمة: لطفية الدليمي يروى كتابُ مذكرات لي ييبي Lea Ypi ، الحائز على جائزة، والمعنون "حُرّة Free" تجربة نشأتها في ألبانيا قبل وبعد الحكم الشيوعي. أما كتابُها الجديد "الإهانة indignity"...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram