اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > البغداديون يتسابقون في هجرة عيد العاصمة صوب كردستان

البغداديون يتسابقون في هجرة عيد العاصمة صوب كردستان

نشر في: 3 أغسطس, 2013: 10:01 م

لا تفصلنا غير أيام عن عيد الفطر المبارك ،وبالتأكيد سيمر هذا العيد على العراقيين بصورة عامة والبغداديين بصورة خاصة وفي القلب الف حسرة وفي الاحداق ملايين الدموع  على ماجرى ومايجري في بغداد وبقية مدن العراق من ازهاق لأرواح الأبرياء من أحبتهم وأبناء

لا تفصلنا غير أيام عن عيد الفطر المبارك ،وبالتأكيد سيمر هذا العيد على العراقيين بصورة عامة والبغداديين بصورة خاصة وفي القلب الف حسرة وفي الاحداق ملايين الدموع  على ماجرى ومايجري في بغداد وبقية مدن العراق من ازهاق لأرواح الأبرياء من أحبتهم وأبناء جلدتهم،لاسيما وأن شهر رمضان الكريم شهد أكبر عملية حصاد تقوم بها الميليشيات الارهابية بحق المواطنيين ،حيث بلغ عدد الشهداء في هذا الشهر وبحسب احصاءات رسمية(1056)شهيدا بينما عدد الجرحى بلغ بحدود(1550)جريحا،وتلك الارقام تجعل من هذا الشهر الفضيل يتربع على عرش  الشهور في عدد الضحايا،ناهيك عن الانتكاسة الامنية التي سميتها بنكسة رمضان في حادثتي هروب السجناء من سجني ابو غريب والتاجي التي اشارتا وبوضوح الى ضعف ووهن القوات الامنية في حماية نفسها فكيف الحال في حماية المواطن الذب اصبح نقطة تصويب دائمية للمجاميع الارهابية بعد عجز القوات الحكومية الواضح من حمايته.

بشارة ام كلثوم(الليلة عيد)

العيد في جميع الدول الاسلامية له قدسيته لما يحمله من تقاليد وطقوس جميلة ،السلام فيه يختلف وحتى الطعام،فهو خيمة صلح بين المتخاصمين،هو فرحة الايتام وضحكة الأرامل،سعادة الاطفال وهم يرسمون برائتهم بمعية العابهم،صواني أكلة العيد الشعبية (الكليجة) تصطف بالعشرات على ابواب الافران متباهية بحشوها ورائحتها التي يتصاعد طيبها مع تصاعد الهبة النار داخل الفرن الحجري،العيد ولائم وسلام دائم،ملابس جديدة تملأ جيوبها عيديات الاقرباء،العيد تبادل الاطعمة بين الجيران،والقبلات بين الخلان ،لغة التسامح هي السائدة مع نهاية آخر فطور في شهر رمضان،ومع بداية استقبال العيد بصوت ام كلثوم وهي تعلن البشارة للجميع (الليلة عيد)،جميع تلك اشعائر والطقوس التي تعبر عن الفرح اصبحت في خبر كان على الرغم من وجود السيولة النقدية عند الموظف او غيره من ابناء الطبقة المتوسطة،ولكن اية فرحة تشترى بالمال؟،وأي عيد حقيقي تجلبه النقود؟، ولكن العيد عند العراقيين اصبح اليوم كما يقول الراحل عبد الحسين الحلفي"ابوطنه الضحكة شردت من الحلوك..والعيدية دوم مزاعله الايد...يجينه العيد جان ومامش اهدوم...هسه اهدوم عدنه وما يجي العيد"نعم هسه اهدوم عدنه وما يجي العيد .
الهروب من الجحيم
فقدان الامن والامل في قدرة القوات الامنية على حمايتهم جعل من البغداديين والعديد من عوائل المحافظات الاخرى بالتجهز بالمال استعدادا لمغادرة العاصمة بأتجاه اقليم كردستان للتمتع بعيد حقيقي بعيدا عن دوي الانفجارات التي اصبحت كاللحن الدائم الذي تصغي له الآذان شاءت ام أبت ذلك،بعيدا عن طوابير الزحام التي تسببه السيطرات بفضل اجهزته المزيفة لكشف المتفجرات كما يدعون،على الرغم من اعلان الدولة التي صنع الجهاز في احدى شركاتها بأنه مزيف وحكم على صاحب الشركة بالسجن عشرة سنوات ومازال رجل السيطرة مواكب على حمله متبجحا بفشله،وكيف لا وقيادته مصرة باصرار اعمى على وجوده المخزي والمعيب لما يعطي من دلالة جهل وعدم اكتراث بحياة الناس من قبل المتصدين لحفظ الامن،وقد اجمع اغلب المواطنين الذين التقتهم المدى بأن توجههم الى اقليم كردستان هو بالحقيقة هروب من الجحيم الذي يعيشونه في بغداد وبقية محافظات العراق.
تضاعف ساعات الانتظار 
في السيطرات
سائق سيارة الاجرة محمد محمود والذي يعمل على خط بغداد –اربيل بين (للمدى) ان السيارات التي تعمل على هذا الخط لم تعد كافية للاستيعاب العوائل المسافرة الى الاقليم للزخم الكبير في عدد العوائل المسافرة مبينا في نفس الوقت ان السائقين يعانون من طول الانتظار عند مدخل المحافظة للحصول على بطاقة الدخول من نقطة التفتيش ،واكد محمود ان وقت انتظارنا للراكبين قد تضاعف اذا ما قورن بالايام الاعتيادية فبدلا من انتظار يستمر لدقائق ،اصبح الآن يستمر لأكثر من ساعتين والسبب لايكمن في نقطة التفتيش كما يقول محمود عازيا السبب للتوافد غير المسبوق من قبل العوائل العراقية القادمة من بغداد وبقية المحافظات،واكد محمود ان معظم الاحاديث التي يتناولها الركاب داخل العجلة مفادها ان بغداد لم تعد آمنة لمواطنيها في الايام العادية فكيف الحال في ايام الاعياد واصفينها بانها ايام سيستغلها الارهابيون لتنفيذ اجنداتهم بقتل الابرياء بحسب اقوال الركاب نقلا عن السائق محمود.
حياتنا فوق المال
سميرة جاسم موظفة في وزارة النفط بينت للمدى ان زوجها قبل اسبوع من الان قام بالاتصال باحد اصدقاءه بحجز شقة سياحية للعائلة في مصيف شقلاوة وبسعر (175) الف دينار لليلة الواحدة في ايام العيد اما الايام التي تسبق العيد وهي الثلاثاء والاربعاء يكون سعر المبيت لليلة الواحدة (125) الف دينار في حين ان سعرها بالايام العادية لا يتجاوز ال(50)الف دينار كما تبين جاسم،ومع ذلك تقول ان السبب في ذلك هو خشية العائلة على اولادنا من البقاء في بغداد والذهاب الى المتنزهات فيها بعد ان برهنت الحكومة على عدم قدرتها على حماية المواطن وهذا مابرهنته حادثة هروب السجناء من سجني ابو غريب والتاجي،وتضيف جاسم بمرارة واضحة كنا نتمنى ان نسافر الى كربلاء والنجف لزيارة العتبات المقدسة لكن وبحسب قولها لم يعد اي مكانا في العراق آمنا بأستثناء اقليم كردستان ،وعلى الرغم من تكاليف السفر االباهضة وكذلك اسعار الاقامة ومايرافقها من طعام،ولكن الامان والحفاظ على الاولاد من الخطر الذي اصبح ظاهرة دائمية الحضور في البلد فوق المادة حتى وان كلفنا ذلك مانملك من المال بحسب قول جاسم.
250 الف دينار للشخص الواحد
علي فاضل معلم ابتدائية اوضح للمدى انه حجز لعائلته قبل اسبوعين في احدى الشركات السياحية التي تكفلت بالنقل والسكن وزيارة المناطق السياحية في اقليم كردستان مقابل مبلغ(250)الف دينار للفرد الواحد،ويرى فاضل ان السبب في ذهابه الى الاقليم وتركه للعاصمة بغداد دون التزاور مع اهله واقرباءه في العيد ليس السبب الامني فقط على الرغم من كونه اول الاسباب ،لكن الاجراءات التي اعلنتها قيادة عمليات بغداد من اعادة حظر التجوال بعد منتصف الليل وكذلك قرار القيادة الامنية باستمرارها في تطبيق العمل بنظام الزوجي والفردي بالنسبىة للمركبات التي تحمل لوحات الفحص المؤقت" المنفيست" في بغداد،سيجعل من حركة العائلة محدودة كما يقول فاضل ،لذلك آثر ان يصرف ماخزنه من مال لايام العوز على عائلته من خلال السفر الى اقليم كردستان وقضاء ايام العيد هناك حفاظا على سلامة العائلة والتمتع بايام فرح بعيدا عن المفخخين والمفخخات بحسب قول معلم الابتدائية فاضل.
نقاط التفتيش والزحام
هذا وقد أصدرت القيادة تعليمات خاصة لسير المركبات التي تحمل لوحات الفحص الموقت "المنفيست" في بغداد، لتطبيق العمل بنظام الفردي والزوجي، وتشمل جميع المركبات ذات لوحات الفحص الموقت حتى الحكومية منها، باستثناء مركبات الحمل والأجرة التي تسع لـ 11 راكبًا فما فوق، مبينة أن عائدية العجلة المتجولة في العاصمة بغداد، يجب أن تكون لصحابها أو حائزها أو السائق لها الذي يحمل وكالة مصدقة من المرور العامة أو من كاتب عدل، في حين يرى العديد من المواطنين الذين شملهم قرار المنفيست ان العمل في نظام الفردي والزوجي على سيارات الفحص الموقت لا يمثل حلاً جذريًا للمشكلة الأمنية والبيئية، موضحين بانه كان المفترض من وزارة الداخلية إيجاد حل جذري كتسجيل تلك السيارات وترقيمها لاسيما وان العديد من السيارات بعد التغيير وباعداد كبيرة تراوحت بين مليون الى مليون ونصف السيارة وهو ماسبب هذا الزحام المروري في شوارع العاصمة التي هي اصلا مزدحمة بسبب قطع الشوارع بالحواجز الكونكريتية فضلا عن وجود عشرات السيطرات التي قطعت اوصال بغداد بحسب قولهم.
هروب البرلمان
حسن فالح صاحب محل لبيع المواد الكهربائية اكد للمدى ان العديد من تجار الجملة لبيع المواد الكهربائية قد رزموا حقائبهم وسافروا مع بداية شهر رمضان الى بيروت ودبي وبعضهم الى كوالامبور لقضاء شهر رمضان وكذلك العيد هم وعوائلهم هناك،موضحا بان امورهم المادية تسمح لهم بالسفر والسياحة في تلك المناطق وبين فالح انه وعائلته سيقضون عطلة العيد في ربوع كردستان،مضيفا بان اي شخص متمكن ماديا سوى كان من بغداد اومن بقية المحافظات يرفض البقاء فيها لاسيما وحصاد الموت مستمرا فيها كما يقول فالح،الذي قال ان الدليل على حديثي هو هروب ساسة البلد وبالتحديد ممثلينا في السلطة التشريعية الى خارج العراق مع عوائلهم على الرغم من ان البلد يمر بمرحلة خطرة جدا من حيث الوضع الامني ،واستغرب فالح من اللاابالية وعدم المسؤولية التي يتصرف بها اغلبية اعضاء مجلس النواب،ففي الوقت الذي يعيش فيه المواطن كابوس هروب السجناء وما اعقبه من تفجيرات هزت العاصمة بغداد والعديد من المدن العراقية ،نرى ممثلينا يعطون لانفسهم اجازات مفتوحة الى شعار آخر ويهربون خارج البلد ،وسط استغراب الجميع بحسب قول فالح.
عيد بأية حال عدت ياعيدُ
بائع قناني ماء الشرب في احدى نقاط التفتيش الذي قال بان اسمه سعد واشك في ذلك لكونه كان يبتسم حين ذكر لي الاسم بعد تردد،حين سألته عن وجهته في العيد قال طبعا هنا قرب السيطرة ساقضي جميع ايام العيد ،لأن العيد لاهل المال يااخي وليس لنا نحن الفقراء الذي نبحث في يومنا عن قوت يومنا الذي قد ينقص ولايزيد بحسب قوله،وبين سعد انه المعيل الوحيد لعائلة تتكون من خمسة اشخاص بعد فقدان والده في عام 2007في منطقة شارع حيفا حيث كان يعمل هناك كصاحب بسطية لبيع السكائر ،ولم يسمعوا خبرا عنه الى يومنا هذا،وعن الوضع الامني في بغداد ومايسببه من قلق على حياته،قال سعد وبمرارة لا اخشى على نفسي بقدر خشيتي على مصير امي واخوتي،مضيفا ان الموت قدر محتوم على كل انسان مثل الرزق فماكتبه الله علينا سيصيبنا حتما،وأنا اودع سعد والحسرة واضحة في عيونه وطيات حديثه الذي يردد دون ان يدري مع المتنبي:
عيدٌ بأيّةِ حالٍ عُدتَ يا عيد....ُ
بمَا مَضَى أمْ بأمْرٍ فيكَ تجْديدُ
لم يترك الدهر من قلبي ولا كبدي...
شيئا تتيمه عين ولاجيدُ
أصخرة أنا،مالي لاتحركني... 
هذي المدام ولاهذي الزغاريدُ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram