TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "ماصول" الشبوط

"ماصول" الشبوط

نشر في: 3 أغسطس, 2013: 10:01 م

موحان هو الوحيد من أبناء الفلاح شغاتي الشبوط تمرد على أبيه ، وطلب الزواج مبكراً من إبنة احد الأقارب، ضاربا عرض الحائط الأعراف وتقاليد الأسرة في زواج الابن الأكبر ثم الأصغر ، ولكن سقوط موحان في بحر العشق ، واصفرار وجهه من كثر الوجد و"كطع الزاد " وشكواه المستمرة أمام والدته بالضغط على شغاتي ليوافق على اقتران موحان بقنديلة ، وإسدال الستار على تفاصيل اشهر قصة حب شهدتها القرية جعل الأشقاء الخمسة العزاب يتنازلون عن حقهم لصالح اصغرهم فكان له ما يريد تلبية لرغبته واحتراماً لمشاعره .
قبل الشروع باجراءات شراء النيشان و المشية والخطبة وعقد القران ، واجهت موحان مشكلة أداء الخدمة الإلزامية ، فهو "متخلف " بحسب القانون العسكري ، وغير مشمول بدفع البدل النقدي البالغ 100 دينار ، ولحراجة الموقف ولتفادي حصول عواقب وخيمة قد تخرب قصة حب موحان وقنديلة ، نصحه الأهل والمعارف بتسليم نفسه الى" حامية الكوت " ليؤدي الخدمة ، وبعد اشهر قليلة سيتخلص من العبء الثقيل، ليتفرغ للعيش الرغيد في القفص الذهبي .
التحق الجندي المكلف موحان بمركز تدريب مشاة النجف ، ولمواهبه في أداء طور الغناء الحياوي ، استخدم نشاطه الغنائي للتعبير عن لوعته واشتياقه ، وحينما ذاع صيته داخل المعسكر استدعي اكثر من مرة في بهو الضباط وبحضور الآمر والمساعد والآخرين للغناء أمامهم ، وتقديرا لموهبته ، كلف بان يكون "بوقجي" المعسكر ، وكان جديرا بهذه المهنة، فهو يتمتع بحبال صوتية قوية ونفس طويل ، واستخدام البوق في المعسكر له أهمية كبيرة ، فهو إشارةالإيعاز للنهوض الصباحي ، والوقوف في ساحة العراضات ورفع وانزال العلم ، وتوزيع قصعة الغداء والعشاء ، والنزول الى البلدة ايام الخميس ، الجندي موحان الشبوط كانت تنقصه الخبرة في أداء عزف الإيعازات فطلب منه الآمر ، لكي يكتسب المزيد من الخبرة الخبرةان يصطحب معه البوق في إجازته ليتدرب في قريته ثم يعود بصفة "بوقجي" مضبوط ، على نغماته تسير وتطبق الأوامر العسكرية ، وينتصر الجيش على العدو ، وبعرق التدريب تقل دماء المعركة .
وصل موحانالى القرية وصادف ان احد كبار القوم من الوجهاء قد فارق الحياة وأقيم له مجلس فاتحة ضخم جدا ، انشغل به الكبار والصغار وحتى أسرة الشبوط ، وكان اول رد فعل لموحانالبوقجي لمواجهة الموقف الذهاب الى ديار قنديلة ، والظفر برؤيتها بعد غياب ، واذا توفرت الظروف الموضوعية ربما سيختلى بها ، ويعزف لها سمفونية "حلول موعد القصعة " واثناء وصول عراضة قرب "جوادر الفاتحة " للتعبير عن تعزية العشائر برحيل الفقيد انطلق الصوت من بوق موحانفأثار التساؤلات والاستفسارات عن مصدر صوت "الماصول" وإطلاقه في وقت غير مناسب ، وعندما علم الحاضرون بان موحان الشبوط وراء ذلك تبدد الاعتراض ، وتعامل الحاضرون مع الحالة بشكل طبيعي جدا، مثل الفضائية التي تجاهلت الإشارةلماجرى في ساحة التحرير صباح الجمعة ، وفضلت العزف المنفرد على الماصول بنوطة موحان الشبوط .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

العمود الثامن: ليلة اعدام ساكو

 علي حسين الحمد لله اكتشفنا، ولو متاخراً، أن سبب مشاكل هذه البلاد وغياب الكهرباء والازمة الاقتصادية، والتصحر الذي ضرب ثلاثة أرباع البلاد، وحولها من بلاد السواد إلى بلاد "العجاج"، وارتفاع نسبة البطالة، وهروب...
علي حسين

قناطر: المسكوت عنه في قضية تسليم السلاح

طالب عبد العزيز تسوِّق بعضُ التنظيمات والفصائل المسلحة قضية الرفض بتسليم أسلحتها الى الدولة على أنَّ ذلك قد يعرض أمن البلاد الى الخطر؛ بوجود تهديد داعش، والدولة الإسلامية على الحدود مع سوريا، وأنَّ إسرائيل...
طالب عبد العزيز

ناجح المعموري.. أثر لا ينطفئ بعد الرحيل

أحمد الناجي فقدت الثقافة العراقية واحداً من أبرز رموزها الإبداعية، وهو الأديب ناجح المعموري الذي توزعت نتاجاته على ميادين ثقافية وفكرية متعددة، القصة والرواية والنقد والميثولوجيا. غادرنا بصمت راحلاً الى بارئه، حيث الرقدة الأخيرة...
أحمد الناجي

من روج آفا إلى كردستان: معركة الأسماء في سوريا التعددية

سعد سلوم في حوارات جمعتني بنخبة من المثقفين السوريين، برزت «حساسية التسميات» ليس كخلاف لفظي عابر، بل كعقبة أولى تختزل عمق التشظي السوري في فضاء لم تُحسم فيه بعد هوية الدولة ولا ملامح عقدها...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram