اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > الأنثروبولوجيا والتحقيق الجنائي

الأنثروبولوجيا والتحقيق الجنائي

نشر في: 4 أغسطس, 2013: 10:01 م

الأنثروبولوجيا مصطلح مشتق من الإغريقية القديمة يعني (علم الإنسان)، وتُعنى بدراسة أصل الجنس الإنساني، وتطوره، ونشأة العلاقات الاجتماعية والثقافية وتطورها، والبناء الجسماني للإنسان، وسلوكه، والتباين بين الجماعات المختلفة، وتأثير التاريخ الإنساني القديم

الأنثروبولوجيا مصطلح مشتق من الإغريقية القديمة يعني (علم الإنسان)، وتُعنى بدراسة أصل الجنس الإنساني، وتطوره، ونشأة العلاقات الاجتماعية والثقافية وتطورها، والبناء الجسماني للإنسان، وسلوكه، والتباين بين الجماعات المختلفة، وتأثير التاريخ الإنساني القديم على الحاضر الثقافي والاجتماعي.

وقد تفرع علم الأنثروبولوجيا عبر العقود إلى أربعة مجالات رئيسة: الأنثروبولوجيا البيولوجية أو البدنية، والأنثروبولوجيا الثقافية أو الاجتماعية، وأنثروبولوجيا الآثار القديمة، والأنثروبولوجيا اللغوية.
ويختص مجال الأنثروبولوجيا البيولوجية في عمومه بدراسة الأبعاد البيولوجية والتطورية والديموغرافية للإنسان وسائر الحيوانات، والعوامل البيولوجية والاجتماعية التي تؤثر في الاختلافات الجينية والفسيولوجية.
أما أنثروبولوجيا الآثار القديمة فتختص بدراسة تاريخ الإنسان من خلال البقايا والآثار المادية المتخلفة عنه؛ مثل الأدوات والتحف، وبقايا الشجر والنبات، والمباني. ويقوم علماء الآثار من خلال ما تقدم باستنباط أنماط السلوك الإنساني والعادات والتقاليد المرتبطة بثقافات تلك المجتمعات الغابرة.
وتختص الأنثروبولوجيا اللغوية بدراسة طرق وأنماط التواصل الإنساني، سواء عن طريق الكلام أم غيره، وكذلك التباين في اللغة عبر المكان والزمان، وانعكاساتها الاجتماعية، وعلاقة اللغة بالثقافة.
وقد ظهر مصطلح (الأنثروبولوجيا الجنائية) عندما استخدم علم الأنثروبولوجيا البيولوجية (البدنية) من أجل الإجابة عن التساؤلات الجنائية والقانونية، خاصة فيما يتعلق بفحص بقايا آدمية في مرحلة متقدمة من التحلل أو التشويه أو فحص الهياكل العظمية. ويسعى اختصاصيو الأنثروبولوجيا الجنائية إلى تبيان هُوية الموتى الذين صارت أجسادهم في مرحلة متقدمة من التعفن أو التحلل، أو تعرضوا للحرق أو التشويه بحيث يتعذر التوصل إلى هوياتهم من خلال ملامحهم العامة، كما يسعون إلى تقدير الزمن الذي مضى على تلك البقايا كي يربطونها بعصور تاريخية ماضية. ويلاحظ أن صفة (جنائي أو شرعي) في الطب أو الأنثروبولوجيا أو أي علم آخر يدل على استخدام تلك العلوم أو فروعها في خدمة العامل بالقانون أو العدالة بصفة عامة، بيد أن قدم البقايا التي يتعامل معها الأنثروبولوجيون يلغي من انعكاساتها الجنائية، لأن الجرائم التي تكتنفها إما أن تكون سقطت بالتقادم أو أن يكون الجناة قد لقوا حتفهم منذ سنوات طويلة.
وثمة تداخل بين اختصاص الطب الشرعي والأنثروبولوجيا الجنائية، وعلى الرغم من أن علم الطب الشرعي يشمل فحص البقايا الآدمية بشتى أنواعها من أجل تبيان الهوية، والأطباء الشرعيون يقومون بهذا العمل على أكمل وجه، إلاّ أن اختصاصاتهم أوسع من مجرد تبيان الهوية والمدة التي مضت على الوفاة، بينما يكاد ينحصر عمل اختصاصيي الأنثروبولوجيا على ما تقدم، وفي ضوء الأهمية التاريخية للآثار القديمة بصفة خاصة نشأ هذا الاختصاص المنفصل.
وعلى غرار ما يفعله الأطباء الشرعيون، يقوم اختصاصيو الأنثروبولوجيا الجنائية باستخراج وفحص ودراسة البقايا الآدمية، ويستهدف كلا الاختصاصين تقدير العمر أو السن، والجنس أو النوع، والطول، والأصول العرقية والجغرافية، وأية علامات تشير إلى إصابات أو أمراض قبل الموت أو في ساعة الموت. لهذا السبب فإن الأنثروبولوجيين غالباً ما يعملون جنباً إلى جنب مع الأطباء الشرعيين، واختصاصيي طب الأسنان الجنائي والمحققين في جرائم القتل للتوصل إلى معلومات تفيد في الأبحاث الجنائية أو التاريخية. وخلافاً للأطباء الشرعيين لا يجوز للأنثروبولوجيين تعيين سبب الوفاة بشكل رسمي وقانوني، وقد يأخذ الأطباء الشرعيون رأيهم في الحسبان عندما يتعلق الأمر بالمدة التي مضت على الوفاة وجنس العظام والعمر والجنس وما إلى ذلك من الخصائص التي تفيد في تعيين هُوية أصحاب العظام أو البقايا الآدمية.
وقد انبثقت اختصاصات دقيقة من علم الأنثروبولوجيا الجنائية، فنشأ اختصاص فحص العظام دون سائر الجسم، ومن خلال العظام يمكن تبيان طول الإنسان وجنسه وعمره والسلالة العرقية، وربما يظهر على العظام ما يدل على سبب الوفاة وكيفيتها. ومهما كانت مهارة الفاحص واختصاصه فإن مسألة العمر والطول تظل في حكم التقدير التقريبي دون تحديد دقيق أو قاطع، فمن المسلمات الطبية أن العظام تتأثر من حيث خصائصها بمتغيرات كثيرة منها الغذاء والبيئة والوراثة، كما أن علاقة طول عظم معين بطول الإنسان قد تتأثر بعوامل تختلف من إنسان إلى آخر.
وعندما يتعلق الأمر بالفروع الدقيقة للاختصاصات الطبية أو غيرها نجد أنه كلما زاد تعداد سكان دولة ما أمكن توسيع مجال الاختصاص، فلا معنى أن يوجد مختص في مجال نادر في دولة صغيرة عندما لا توجد الحاجة إلى اختصاصه. ثمة مؤسسات إحالة مركزية في الولايات المتحدة - على سبيل المثال - تستقبل الحالات أو القضايا أو العينات الحيوية من شتى أنحاء القارة، وعليه فإن احتمال أن يظل المتخصص دون عمل لمدة طويلة سيكون ضئيلاً، بينما لا تحتمل دولة صغيرة أن يكون لديها اختصاصات واسعة، بل قد يكون أوفر من الناحية المادية أن تقتصر على الضروري من الاختصاصات، وإحالة المسائل النادرة إن حدثت إلى اختصاصيين في دولة أخرى. هذا المبدأ ينطبق على اختصاص الأنثروبولوجيا بصفة عامة والأنثروبولوجيا الجنائية بصفة خاصة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram