اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > ناس وعدالة > ذكرى فتاة كانت جميلة!

ذكرى فتاة كانت جميلة!

نشر في: 4 أغسطس, 2013: 10:01 م

لاشك ان الجمال نعمة كبيرة يهبها الله عز و جل لمن يشاء فليس هناك ما هو اروع من ان ترى نفسك جميلا في عيون الاخرين وان تشعر بالسعادة والراحة عندما تنظر في المرآة وترى نفسك جميلا ولكن قد تتحول هذه النعمة الى نقمة عندما يتحول الجمال الى سجن يحبسنا داخله و

لاشك ان الجمال نعمة كبيرة يهبها الله عز و جل لمن يشاء فليس هناك ما هو اروع من ان ترى نفسك جميلا في عيون الاخرين وان تشعر بالسعادة والراحة عندما تنظر في المرآة وترى نفسك جميلا ولكن قد تتحول هذه النعمة الى نقمة عندما يتحول الجمال الى سجن يحبسنا داخله ويتحول الى هاجس مرضي يسيطر علينا خوفا من زوال هذا الجمال الاخاذ ! وقد يتحول هذا الهاجس الى اكتئاب ما اذا زال هذا الجمال فعلا ! وهذا ما حدث مع (ف) الفتاة الجميلة والرشيقة التي لم تتحمل فكرة زوال جمالها الساحر الذي كان يخطف العيون والقلوب فقررت ان ترحل عن الدنيا بارادتها دعونا نعيش التفاصيل الحزينة منذ نعومة اظافرها و (ف) آية من الجمال كل من حولها كانوا يشيدون لجمالها في كل ساعة حتى اصبحت تشعر انها ملكة تسير فوق السحاب تحصد الاعجاب اينما ذهبت وتنتزع كلمات الاعجاب والانبهار اينما حلت اصبحت (ف) تشعر ان جمالها سيكون جواز مرورها للعيون والقلوب وانه سيفتح لها جميع الابواب المغلقة فمن هذا الذي يستطيع ان يقاوم هذا الجمال الاخاذ والسحر الطاغي حتى اسرتها كانت تتعامل معها بتدليل حاسم في تضخم الشعور بالذات بداخلها لم تكن متفوقة في دراستها وكيف تكون متفوقة وهي تمضي يومها كله امام المرآة وتعتني بجمالها الذي يعتبر رأس مالها الحقيقي ومؤهلها الاعلى من أي مؤهل دراسي ... وكانت تهتم باقتناء المساحيق وادوات المكياج اكثر من اهتمامها بقراءة الكتب والمراجع الدراسية ... ومع ذلك انهت دراستها في احدى الكليات الاهلية التي لا تهتم بالدراسة ، ولكن تهتم بالاجور والعوائل المرفهه ... وكان طبيعيا ان يفتح لها جمالها كل الابواب المغلقة واستطاعت ان تحصل على وظيفة في احد البنوك في السليمانية رغم ان درجات نجاحها كانت دون مستوى القبول في هذه الوظائف المهمة لكن جمالها كان هو كارت الدخول الى هذا البنك الاستثماري ، واثناء احدى الاجازات الصيفية مع عائلتها في احدى المصايف التركية اقيمت مسابقة لاختيار ملكة جمال المصايف والحت عليها امها بالاشترك في هذه المسابقة واكدت لها انها ستحصد الجائزة الاولى وسوف تكتسح جميع المتسابقات وبالفعل استجابت (ف) لضغوط الاهل والاصدقاء وشاركت في المسابقة وكما كان متوقعا حصدت المركز الاول بلا منازع واصبح لقبها ملكة جمال المصايف التركية واصبح الكأس الذي حصلت عليه هو اهم واغلى شيء في حياتها ... واصبحت تحرص على تنظيفه وتلميعه بصورة شبه يومية باعتباره شهادة رسمية بجمالها وفتنتها ! وفجأة وبدون مقدمات اصيبت (ف) بمرض غامض تسبب في زيادة وزنها بصورة كبيرة وصلت الى درجة السمنة ولم تعد تصلح معها كل الانظمة الغذائية لانها سمنة مرضية ولم تفلح معها مراجعات الاطباء والعقاقير والادوية التي تناولتها في انقاص وزنها ... وبعدما كانت تحصد الاعجاب والانبهار اينما حلت اصبحت تحصد الشفقة والتعاطف بعد ان تحول حالها الى النقيض تماما ... وبعد ان كانت تقف امام المرآة بالساعات تتباعى بجمالها ورشاقتها حطمت كل المرايات الموجودة بالمنزل حتى تتحاشى النظر الى صورتها المؤسفة التي صارت اليها ! بعد عدة اشهر من العلاج ... اصيبت (ف) باكتئاب حاد واصبحت تتجنب الخروج من غرفتها او حتى التكلم مع افراد اسرتها وامتنعت من الذهاب لعملها لانها لا تستطيع مواجهة الموظفين من زملائها وزميلاتها وهي في هذه الحالة ... وتسببت العزلة التي تعيش فيها في اصابتها باكتئاب حاد واصبحت رافضة تماما للحياة وكل مظاهرها ... وفشلت كل محاولات اسرتها في اخراجها من الحالة النفسية السيئة التي وصلت اليها ... وفي النهاية قررت (ف) ان تضع حدا لكل الامها وعذابها وقررت ان تنهي حياتها وحتى لا يستطيع احد انقاذها انتظرت حتى خلد الجميع للنوم وتناولت كمية كبيرة من الاقراص المهدئة التي ادت لاصابتها بهبوط حاد في القلب والدورة الدموية وتوفيت في دقائق معدودة دون ان يشعر بها احد ! وفي الصباح اكتشفت والدتها الفجيعة عندما توجهت اليها في غرفتها لتوقظها لتناول الافطار والادوية ! وسارع افراد الاسرة بالاسراع بها الى احدى المستشفيات القريبة في محاولة يائسة لانقاذ حياتها الا ان الاطباء اكدو لهم انها فارقت الحياة منذ عدة ساعات واكدوا ان سبب الوفاة هبوط حاد في الدورة الدموية نتيجة تناول كمية كبيرة من الحبوب المهدئة ! ادارة المستشفى ابلغت مركز الشرطة القريب حيث قامت باجراءتها المضادة بالفحص الابتدائي ومن ثم ارسال الجثة الى الطب العدلي مع استمارة التشريح لبيان اسباب الوفاة وهل الحالة فيها شبه جنائية من عدمها ! واطلعت الشرطة على التقارير الطبية الخاصة بـ(ف) التي تؤكد اصابتها باكتئاب حاد ومزمن وانها كانت تراجع طبيبا نفسانيا ... بعد اجراء التشريح وارسال استمارة التشريح الى القاضي قرر غلق القضية باعتبارها انتحارا ... ليسدل الستار على حياة ملكة الجمال التي اصبحت مجرد ذكرى لفتاة كانت جميلة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. نبيل العربي

    هي الدنيا كما شاهدتها ازمان

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

جانٍ .. وضحية: مدفع السحور.. جاء متأخراً !!

كانت ليلة من ليالي رمضان، تناول الزوج (س) فطوره على عجل وارتدى ملابسه وودّع زوجته، كان الأمر عادياً، لكن لسبب تجهّله، دمعت عينا الزوجة. ابتسم في وجهها وهَمَّ بالخروج الى عمله بمحطة الوقود الخاصة...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram