وديع غزوان من اكثرالمشاكل تعقيدا التي واجهت اقليم كردستان وتجربته موضوعة العنف ضد المرأة , ليس بسبب عدم وجود تصورات ومعالجات لهذه الظاهرة المرفوضة دينيا وانسانيا , بل لعلاقتها بمنظومة التقاليد القديمة التي ما زال البعض يتمسك بها . ورغم الانخفاض الكبير في مظاهرهذا العنف الذي تشير اليه الاحصاءات الرسمية ,
الا ان بقاءها بنسبها المتدنية والضئيلة يؤشر قصورا بهذه النسبة او تلك تتحمل تبعاته عدة جهات ولكن تتحمله بالدرجة الاولى المنظمات الناشطة في مجال حقوق المرأة سواء في اقليم كردستان ام على مستوى العراق كله . وهنا لاينبغي لنا ان نغفل مجموعة القوانين والتعليمات التي شرعها البرلمان والحكومة لمحاربة هذه الظاهرة الى حد تشكيل مديرية خاصة في وزارة الداخلية لرصدها ومعاقبة من يمارسها . كما انه رغم ( الكوتا ) التي وضعها برلمان الاقليم لمشاركة المرأة فيه وتبوئها مراكز سياسية ومسؤوليات ادارية في العديد من المرافق الحكومية , الا ان حقوق المرأة مازالت لاترقى الى مستوى الطموح ونحن نعيش في القرن الواحد والعشرين . ومن الانصاف الاشارة الى الدور المتميز للنساء الكردستانيات في مراحل النضال الطويلة ومشاركتهن الفاعلة في كثير من الانشطة التي اسهمت في تعميق وترسيخ حقوق الاكراد , لكنها ظلت ازاء حقوقها المشروعة تلتزم الحذر بل يمكن القول منكمشة بعض الشيء . ولكي لانظلم المرأة لابد من الاعتراف بان مسؤولية ذلك لاتتحمله وحدها , بل ان مسؤوليته في كثير من الجوانب تقع على عاتق المجتمع الذكوري لعدم انصافه المرأة الكردستانية والنظر اليها بشكل يتناسب وتضحياتها . . فلقد كانت نظرته ظالمة وكانت نتيجتها حالات انتحار ماساوية ، حرقا ربما احتجاجا على ما تعانيه او حالات يأس وتسليم بقدرها من دون مقاومة . ان ظاهرة العنف ضد المرأة في كردستان اوغيرها بقدر حاجتها الى ممارسات اجرائية كالقوانين , تتطلب قبل كل شيء حملة توعية مجتمعية واسعة تشارك وتساهم فيها منظمات المجتمع المدني النسوية منها بشكل خاص وعلماء ورجال الدين وكل المثقفين , يسلط فيها الضوء على مقدار الحيف الذي اصاب المجتمع جراء النظرة غير المنصفة للمرأة ، وتاكيد ضرورة تطوير النظام الاجتماعي وفق المعطيات الجديدة وتخليصه من المفاهيم التي حالت وتحول دون تبؤ المراة مكانتها التي تستحقها . واقليم كردستان الذي يشهد تطورا ونهضة في كل المجالات مهيأ اكثرمن غيره لتفعيل اسهامة المرأة في عملية البناء التي تبقى بدونها قاصرة وغيرمكتملة . وبشكل عام فان تحررالمرأة واكتساب حقوقها ووأد مظاهرالعنف ضدها يرتبط بتحرر المجتمع كله وترسيخ مفاهيم صحيحة لقيم الحرية , ومن الوهم تصوران معالجة مثل هكذا موضوع يمكن ان تتم من خلال طرحه بشكل مجزأ ومشوه ومسيء حتى للمراة ، عندما يركز فقط على حصولها على مراكز وظيفية ، لانه مهما علا شانها تقود الى تصوروجود فارق بينها وبين الرجل في حين ان الحقيقة هي غير ذلك . فالمرأة كائن انساني مساو للرجل في عقله وادراكه وقدرته على تحمل المسؤولية .
كردستانيات: العنف ضد المرأة
نشر في: 4 نوفمبر, 2009: 05:49 م