TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المواطن هو السبب

المواطن هو السبب

نشر في: 12 أغسطس, 2013: 10:01 م

من كان يرغب في الحصول على وصفة سحرية لقضاء عيد سعيد وأيام أخرى اسعد فلم يكن عليه إلا متابعة قناة العراقية إذ كان سيشعر بالنشوة وهو يقرأ في شريط الأخبار عن عدد الإرهابيين الذين القت القبض عليهم عمليات بغداد، وسوف (يشمت) بهم لأن القوات الأمنية عثرت على أوكارهم واستباحت خلاياهم وعثرت على أسلحتهم وكواتمهم وعبواتهم وذخيرتهم... وكان سيطمئن حين يدرك انه بالغ في تصديق خبر استشهاد عدد كبير من المواطنين على خلفية التفجيرات التي طالت مناطق مختلفة من بغداد ومحافظات اخرى يوم السبت الفائت، لان أخبار قناة العراقية تؤكد سقوط شهيدين و28 جريحا فقط في بغداد وعدد قليل منهم في جميع المحافظات التي شهدت عمليات إرهابية، كما سيشعر باطمئنان اكثر حين يتأكد ان رئيس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة كريم بطبعه وهو (يحل الكيس) ويمنح مليون دينار لعوائل شهداء وجرحى التفجيرات الأخيرة وليس مولعاً بإطلاق الوعود فقط لمن يعيشون تحت خط الفقر على سبيل المثال حين يعدهم بخطة خمسية ترفع مستواهم المعيشي وتنتشلهم من واقعهم المزري ولكن (بعد خمس سنوات) وحتى ذلك الحين عليهم ان يزرعوا الصبر في بطون أولادهم الجائعة وقلوبهم المكلومة.
المواطن سيؤنب ويعنف نفسه بشدة أيضا لأنه سيكتشف انه المسؤول عن ازدياد الهجمات الإرهابية كما تدل عليه تصريحات مختصين في القناة لانعرف هويتهم فهو يقصر في إيصال المعلومة ليساعد على استتباب الأمن ويهمل واجبه في مراقبة الإرهاب للحد منه!!
لاننصح المواطن أيضا بمتابعة قنوات أخرى ترفع عدد الضحايا من الشهداء الى 70 شهيداً والجرحى الى 320 جريحاً لأنها ترعبه وتحول عيده المنتظر الى مأساة بهدف المنافسة الإعلامية واستقطاب مشاهدين اكثر لغرض ان يجري المواطن العراقي خلف من (يبكيه) وليس من (يضحكه) تطبيقا للمثل المعروف ورغبة في الحصول على قبس من نور يهديه الى الحقيقة.
المواطن إذاً يتحول الى كرة تتقاذفها القنوات الإعلامية بينما تغيب الحقيقة عنه تماما وسط هذا السباق الإعلامي ذي الصبغة الطائفية، خاصة حين يطل مسؤول في دولة القانون ليقول ان تفجيرات العراق لاتمثل تدهوراً أمنياً بل حربٌ مستمرة مع الإرهاب، ولأن المواطن العراقي مجبول على الحروب ومعتاد على قوانينها فعليه ان يؤمن بحقيقة ان الحروب تخلف ضحايا دون شك لذا يعتز بموتاه في التفجيرات فهم شهداء حرب شعواء مع الإرهاب حتى لو لم يمسكوا بسلاح في وجه إرهابي عدا حياتهم الضائعة بسببه.
الحقيقة التي يعيها المواطن في مختلف أنحاء العراق هي ان الخلل في الأداء الحكومي هو سبب الانهيار الأمني، فضلا عن الإصرار الحكومي على اتخاذ "سمة الحزم" في معالجة الأمور، والتهليل الإعلامي لذلك هو الكارثة بعينها فالرجل الحكيم الذي يقف في حزم هو رجل دولة، أما الرجل الأحمق الذي يقف في "حزم" فهو كارثة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram