على مدار اسبوع كامل قبل العيد ظلّت وزارة الداخلية وقيادة عمليات بغداد تطمئنان سكان العاصمة يومياً الى انهم سيمضون عيداً سعيداً هذه السنة. والعيد السعيد عراقياً هو الآمن، فحاجة الناس الأساسية في بغداد وسواها هي الأمن ثم الأمن ثم الأمن. بيد ان ما حدث في العيد ان الناس تعرضوا لخديعة حقيقية.. فهذا العيد ربما كان الأكثر تعاسة ودموية في السنوات الأخيرة.
قبل العيد بأيام اعلنت وزارة الداخلية وقيادة عمليات بغداد عن تأهب القوات الأمنية ودخولها "حالة طوارئ" (الإنذار ج) لحماية المواطنين خلال أيام العيد، وعن اتخاذ اجراءات أمنية مشددة في اطار "المرحلة الاستباقية" لاستقبال العيد وتأمين حماية المواطنين.
واعتبرت وزارة الداخلية وقيادة عمليات بغداد ان "التأجيج الموجود الان في الشارع العراقي جاء لزرع الرعب وعدم ثقة المواطن بالأجهزة الأمنية"، وأكدتا ان "القوات الأمنية في أحسن سياقاتها".
وجاء في أحد التصريحات أن عملية "ثأر الشهداء" فتحت آفاقاً جديدة لحفظ الامن وشلّت تحركات الارهابيين وحدّت من تواصل المجاميع المسلحة مع بعضها، اذ تم خلالها ضبط الكثير من مخازن الاسلحة والقبض على مسلحين.
وبحسب التصريحات أيضا تضمنت خطة العيد نشر عناصر استخبارية مدنية في الاماكن العامة لدعم القوات الامنية عن طريق ما تجمعه من معلومات بشأن تحرك الارهابيين، فضلاً عن تسيير دوريات بالتعاون بين الداخلية وعمليات بغداد للسيطرة على الوضع.
هذا كان قبل حلول العيد. وفي اليوم الاول للعيد، الخميس الماضي، أعطت الداخلية وعمليات بغداد الانطباع بانهما واثقتان من تأمين الوضع الأمني وان أكثر ما بات يهمهما هو أن يحتفل الناس بالعيد من دون منغصات اجتماعية وليست أمنية، وبالأخص تحرشات الشباب، فالمتحدث باسم الجهتين دعا الشباب والمواطنين الى "احترام العوائل والاحتفال بطريقة حضارية".
حلّ العيد وخرج الناس زرافات ووحداناً الى المتنزهات وفي زيارات الى الاهل والاقارب، لكن كان عليهم أن يخوضوا تجارب مريرة في ايجاد الطرق السالكة الى أهدافهم .. كالعادة طبّقت الداخلية وعمليات بغداد سياسة أسهل الحلول، وهو اغلاق المزيد من الشوارع وتشديد الاجراءات على نقاط التفتيش، ما تسبب في اختناقات مرورية غيير مسبوقة. واستغل سواق التاكسي الفرصة لمضاعفة الاجور بحجة الزحام. وهذا كله اضطر الآلاف من العوائل الى السير على الاقدام عدة كيلومترات لبلوغ اهدافهم او للعودة الى بيوتهم نادمين. وبلغت المعاناة ذروتها بسلسلة التفجيرات والهجمات الارهابية المروعة التي نسفت كل أساس لما صرّحت به الداخلية وعمليات بغداد، أو لنقل: ما تمنيتاه ورغبتا فيه.
للمرة الألف نقول ان السياسة الامنية غير سليمة، والخطط الامنية غير صحيحة، فالامور بخواتيمها، وهذا العيد أظهر من جديد ان الأمن مفتقد تماماً .. لابدّ من الاعتراف بهذا .. الاعتراف خطوة مهمة للذهاب الى الخطوة التالية، وهي التفكير بوضع سياسة أمنية سليمة وخطط أمنية ناجعة.
في آخر ايام العيد أصدرت الداخلية بياناً شديد اللهجة حملت فيه على وسائل الاعلام متهمة اياها كالعادة بالتهويل .. نعم، كان هناك تهويل من وسائل اعلام معادية، لكن هذا ما كان سيحدث لو ان الاجهزة الحكومية عامة، وفي مقدمها الاجهزة الامنية، كانت شفافة مع الناس والاعلام. التهويل استند الى المعلومات المضللة التي قُدمت عن أمن العيد وحجم الضحايا الذين سقطوا في العمليات الارهابية خلال العيد.
اقترح على وزارة الداخلية وقيادة عمليات بغداد تنظيم مؤتمر شعبي يحضره مواطنون من فئات مختلفة وممثلون عن وسائل الاعلام الى جانب قادة أمنيين لكي يسمع هؤلاء بآذانهم رأي الناس والإعلام بالسياسة الأمنية والخطط الأمنية.. لن تخسر الداخلية وعمليات بغداد في عمل كهذا، بل بالتأكيد ستنتفع بآراء مفيدة ستُطرح.
عيد غير سعيد (1)
[post-views]
نشر في: 12 أغسطس, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 1
حازم
لا يوجد في دول العالم بأن رئيس وزراء يمتلك مليشيات تهجر وتقتل بالكواتم وتختطف الابرياء وتطالب فديه 25000 دولار وعندما يمر احد هذه المليشيات عبر الفارز يطلق عليه كلمة سيدي عصائب اهل الحق تدعم من قبل المالكي وتطلق كلمة سني ارهابي على الانسان البسيط وهو نفس