من المألوف جدا في دول أو حكومات المنطقة ، ومنها العراق ، اللجوء إلى إصدار بيان أو تصريح رسمي لتصحيح خطأ يعد غير مقصود ،جاء على لسان المسؤول الأول في الحكومة ، فرئيس مجلس الوزراء اعلن العفو عن الهاربين من منتسبي فرقة عسكرية تابعة للجيش ، وذكر في كلمة له تناقلتها وسائل الإعلام ، ان العفو يشمل من "دخل الإرهاب " بينما كان يقصد من يعد طبقا للضوابط العسكرية قد دخل الهروب ، أي ترك وحدته العسكرية ، وأصبح في عداد "الفرارية " ومخالفة هؤلاء قبل "مرحلة العراق الجديد " جريمة تستدعي تحرك "الانضباطية" والجهاز الحزبي للقبض على "الفرار" وإعادته إلى وحدته مخفورا لينال العقوبة المناسبة ، وفي سنوات الحرب العراقية الإيرانية هناك من صدرت بحقه عقوبة الإعدام لتغيبه لمدة يوم واحد أو أكثر ، وتخليه عن تلبية نداء الوطن .
المستشار الإعلامي لرئيس الحكومة اضطر إلى تصحيح ما جاء على لسان المالكي ، وأكد المستشار ان الداخلين إلى الإرهاب ، يعني بهم رئيس مجلس الوزراء من ترك الخدمة وأصبح هاربا، وليس من انضم إلى جماعات مسلحة ، تندرج ضمن التنظيمات الإرهابية ، والتصحيح جاء بعد ان خضع قول المالكي لتفسيرات عديدة ، وتساؤلات عن إمكانية ان تبادر الحكومة لإعادة النظر بمشروع المصالحة الوطنية ، والانفتاح على الجماعات المسلحة ، لغرض تشجيعها على "الانخراط " في العملية السياسية ، ولكن التساؤلات والاستفسارات تبددت ، عندما تبين الفرق بين الإرهاب والهروب ، وتحقق النجاح للخطة الأمنية .
الرئيس العراقي الأسبق عبد السلام عارف ، عرف عنه بانه كان كثير الزيارات للمدن العراقية للاطلاع على أحوال الرعية ، والوقوف على احتياجات ومتطلبات الشعب حسبما يروج لذلك الإعلام العراقي الرسمي وقتذاك ، وفي إحدى زياراته مدينة كركوك، اصطحب معه ملك اليمن فبدأ خطابه بما ورد في القرآن الكريم (ان الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة ، وكذلك يفعلون ) واستهلال الخطاب أثار انزعاج الضيف اليمني ، الأمر الذي جعل احد المقربين من الرئيس يهمس بأذنه ليصحح الموقف ، لأن المقال لا يناسب المقام، وتمت معالجة الموقف بالإشارة إلى الملوك السابقين وليس الحاليين المعروفين بخدمة شعوبهم بوصفهم أصحاب رسالة الدفاع عن الأمة العربية وتحقيق وحدتها الشاملة ، و خطأ الراحل عارف صحح بعد دقيقة ولم يتعرض لتساؤلات واستفسارات وتأويلات ، لأن الأوضاع السياسية في تلك المرحلة محسومة بشكل واحد يتمثل بسيطرة العسكر على السلطة ، ومطاردة وملاحقة القوى الوطنية الأخرى .
الساحة السياسية ومنذ اكثر من عشر سنوات، شهدت تصريحات لقادة أحزاب ورؤساء كتل نيابية توصف بأنها "نارية ومن العيار الثقيل" ، وبعد أن تصل إلى الرأي العام وتخلف تداعيات خطيرة تهدد السلم الأهلي ومستقبل العملية السياسية ، يصدر من المكتب الإعلامي لصاحب التصريح تصويب لتصحيح الخطأ ، "بتخريجة " أن وسائل الإعلام نقلت التصريح بشكل مجتزأ مع مطالبة الإعلاميين بأن يكونوا أكثر دقة في نقل الحقيقة وبيان الفرق الشاسع والكبير بين الإرهاب والهروب .
هروب المالكي
[post-views]
نشر في: 13 أغسطس, 2013: 10:01 م