هناك الكثير من السياقة والأحاديث في فيلم "مثل عاشق" وهو آخر نتاج المخرج الإيراني عباس كياروستامي، لكن ذلك ما وراء السطح فقط. بعد أن جاء فيلم "نسخة مصدقة" التي تدور أحداثه في توسكاني بإيطاليا فإن الفيلم الجديد الذي عرض في المسابقة الرسمية لمهرجا
هناك الكثير من السياقة والأحاديث في فيلم "مثل عاشق" وهو آخر نتاج المخرج الإيراني عباس كياروستامي، لكن ذلك ما وراء السطح فقط. بعد أن جاء فيلم "نسخة مصدقة" التي تدور أحداثه في توسكاني بإيطاليا فإن الفيلم الجديد الذي عرض في المسابقة الرسمية لمهرجان كان الأخير في أيار وعرض في مهرجان نيويورك السينمائي – نجد فيه المخرج يعرض طبقة مختلفة شاسعة لطوكيو وبكادر ياباني كامل. لكن حتى وهو بعيد عن وطنه فإن كياروستامي يبقى هو كياروستامي.
وقصة الفيلم بإيجاز تتعلق بأكيكو الشابة العاهرة التي تقوم بمهمة زيارة رجل أكاديمي متقاعد هو "تاكاشي". في الصباح التالي يؤدي تاكاشي دور الأب وهو يجول بالمرأة في البلدة ويساعدها في تحاشي خطيبها المتقلب المزاج ويناقش معها فلسفة الحياة. إن الفيلم هو لغز ساحر منتج بوعي عميق لحركة الكاميرا وتصميم الصوت والأداء. في مهرجان نيويورك السينمائي وهو يروج لفيلم جديد لأول مرة على مدى عقد كامل فإن المخرج الذي يبلغ الثانية والسبعين كان يجلس مع محرري مجلة "آنديوير" كي يناقش مقاصده في فيلم " مثل عاشق" ولماذا فضل العمل خراج إيران وكيف يتطلع إلى التحديات الجديدة.
خارج التصوير في اليابان ما الذي شعرت بأنه جديد بالنسبة لك حول هذا الإنتاج؟
إنه جديد كأي فيلم حين يبدأ. إضافة إلى أن اليابان كل شيء فيها جديد. الناس والوجوه والطعام.
دون فهم اللغة كيف استطعت أن تخبر الممثلين إذا أدوا الأداء الذي ترغب به؟
هدفي من جانب واحد لا أن أتدخل في ثقافتهم وخصوصياتهم لكن في الوقت نفسه لا أن أترك أي عرض للثقافة اليابانية في فيلمي. اهتمامي كان أن أكتشف إن كان هناك أي صفات كونية فيهم كشخصيات.
قد تكون أجنبياً في اليابان لكن السينما اليابانية ليست أجنبية بالنسبة لك. ففيلمك المصنوع عام 2003 باسم "خمسة مهداة إلى أوزو" يشير إلى ذلك كثيراً. أتساءل إن كان هناك أي جانب في السينما اليابانية ألهمك حين حملت تصوراً لهذه القصة؟
الأفلام اليابانية التي في ذهني هي كلاسيكيات السينما اليابانية والتي اعتدت أن أراها. لكن بعدئذ حين تطلب الأمر العمل في اليابان بدأت أشاهد الكثير من الأفلام اليابانية الجديدة كي أرى الممثلين واختارهم. وأدركت أنهم لم يكن لهم علاقة مطلقاً بذاكرتي ومعرفتي بالسينما الكلاسيكية اليابانية. ووجدتهم أكثر أمريكية بطريقة ما. لذا صنعت فيلمي حسب رؤيتي الخاصة وأخبرني بعد ذلك العديد من الناس بأن فيلمي كان أكثر يابانية من السينما اليابانية الآن.
هل يعني ذلك نجاحاً لك؟
ذلك هو بالضبط وعدي الوحيد لمنتجي. قلت أن المرء لا يستطيع أن يلتزم لشخص آخر في صنع فيلم جيد- إنك لا تستطيع أن تقول إن كان فيلمك جيداً أم لا- لكن الالتزام الوحيد الذي أقبل به هو حقيقة أن فيلمي لن يظهر كونه قد صنعه أجنبي أو من خارج اليابان. وأظن أني نجحت في ذلك الجانب.
في الوقت نفسه ولأن هذا الفيلم وفيلم "نسخة مصدقة" يشتمل على علاقة غامضة بين شخصيتين فمن السهل جدا رؤية أن أحدهما مقطوعة مصاحبة للآخر. فما هو رأيك بهذه المقارنة؟
لن أتدخل في رؤيا المشاهد لفيلمي أو التحليل النقدي له لذا أقبله كونه وجهة نظر. لكن يتوجب عليّ القول بأنه بالنسبة لي فإن ذلك الرابط لم يكن متعمداً على الإطلاق. ولم أكن أعنيه ولم أكن واعياً به. غير أن كليهما نتاجان للخيال نفسه. لذا لا بدّ من تكون ثمة علاقة بينهما.
في الواقع إن أفلامك تتطلب من المشاهدين أن يعملوا أذهانهم ويفسروا مقاصدك. غير أنه في حالة أفلامك الأولى- مثل "كلوز أب"- فإن الكثير من ذلك التأويل يتعلق بالظروف الدقيقة للمجتمع الإيراني. هل ما زلت تشعر بأن جذورك تشي بعملك؟
مرة أخرى أقول أني لا أستطيع أن أخبرك بالضبط كيف أني أستطيع أن أكون مفهوماً أو كيف أنك كمشاهد أو كناقد تستطيع أن تدرك حقيقة أني صنعت فيلمين في مجتمعين مختلفين. لكني اعتقد أنك لو أخذت شخصيات الفيلم كما هي وإذا لم تحاول أن تضعها في قوالب وتتدخل كثيراً في طبيعتها فإن كل تلك الشخصيات يكون لها لغزها وغموضها الخاصين. لذا فإنهما ليس لهما علاقة بأي هوية خاصة أو بلد. اعتقد أن العلاقة الحالية بين شخصية فيلم "كلوز آب" وآخر فيلمين لي هو أنهم كلهم لديهم شيء يريدون أن يفصحوا به لكنهم كانوا يمتلكون ذلك الجانب غير المصرح به أو الملفوظ جداً من شخصياتهم. ولا أستطيع أن أعبر عن ذلك. اعتقد أن كل الشخصيات لديها مثل هذه الطبيعة الإنسانية المعقدة التي هي أقرب إليك مما إلى الحقيقة واشعر أنا بالتعاطف مع اللغز ولا اعتقد أني حاضر هنا كي أكشفه.