قحطان جاسم جواد تباينت الأعمال الرمضانية لهذا العام ما بين الجرأة والإسفاف والحقيقة والكوميديا الرصينة والساذجة .. وكل منها يحاول ان يحصل على رضا الناس ، لكن الأسلوب يختلف مع الأخذ بنظر الاعتبار النية الطيبة . كذلك تباين الإنتاج في الفضائ
قحطان جاسم جواد
تباينت الأعمال الرمضانية لهذا العام ما بين الجرأة والإسفاف والحقيقة والكوميديا الرصينة والساذجة .. وكل منها يحاول ان يحصل على رضا الناس ، لكن الأسلوب يختلف مع الأخذ بنظر الاعتبار النية الطيبة .
كذلك تباين الإنتاج في الفضائيات فالبعض منها قدم إنتاجا ضخما في حين لجأ البعض الآخر الى الإنتاج البسيط وتمشية العمل بأي شكل من الأشكال في سبيل تقديم عمل درامي تراه الناس سواء رضيت عنه ام لم ترض .
كما أخفقت بعض الفضائيات في احترام قدسية الشهر الفضيل وتقديم ما يتناسب مع أهميته .. بل نراه على العكس فضلت تقديم الرقص والمجون والخمرة والدعارة بطريقة فاضحة ولا ادري لماذا تلجأ الفضائيات الى تقديم مثل هذه الأشياء خلال شهر رمضان المبارك ولا تقدم في الأيام الأخرى من السنة ؟!
حتى أعمال الكوميديا ظهرت ترهلات المسلسلات بطريقة فجة وعدم مقبولية مع استثناء مسلسل التيتي الذي يتناول الحياة العراقية ببساطة وبدون رتوش وعلى نحو يحترم المشاهد .. والفضل في ذلك يعود للفنان الكبير قاسم الملاك سواء باسهامه بكتابة النص او في بطولته للعمل وكذلك المخرج جمال عبد جاسم حيث قدما عملا ناقدا للكثير من ظواهر حياتنا الحالية من خلال شخصية رجل بسيط هو التيتي . فجاء العمل خاليا من الإسفاف والاستهزاء او الكلام المبطن وسوء النية .. كما يعد العمل حسنة لقناة العراقية في توجهها لاستقطاب مثل هذه الأعمال وتفضيلها على الأعمال الكوميدية الاخرى المليئة بالاسفاف .. ولا أجافي الحقيقة ان قلت انه مسلسل العائلة العراقية بشرائحها المختلفة .. وقد لمست ذلك ميدانيا في زياراتي للأهل والأصدقاء واكتشاف مدى متابعتهم للمسلسل .لكن قد يؤاخذ عليه إيقاعه البطيء والمط في بعض حلقاته والمبالغة في بعض مشاهده .
من الاعمال الاجتماعية الاخرى التي نالت المتابعة لجرأة ما قدمه مسلسل ( م .م ) الذي عرضته الشرقية وتناول قضية زواج المتعة وزواج المسيار وهما يعنيان الرمز ( م . م ) وجرأة العمل جعلت الكثير من الطائفة التي مستها الظاهرة ينزعج بالرغم من انتشار الظاهرة على نحو صار يشكل مرضاً .. خصوصا انتشاره في الجامعة ولدى كبار الشخصيات على نحو يثير علامات الاستفهام ! المسلسل فيه وضوح بلا لبس لإدانة ظاهرة هذا الزواج والعمل على الحد منه كي لا يتحول الى ظاهرة سيئة . وقدم المخرج حسن حسني والمؤلف عبد الخالق كريم عملا دراميا مهما فيه جرأة قل نظيرها ، ولولا فسحة الحرية المتوفرة اليوم لما عرض مثل هذا العمل ! .
ايضاً ... جاء مسلسل ( حفيظ ) بشيء جديد من خلال قضية ( البعبع ) الذي يكمن في تل حفيظ بالعمارة ويقتل الناس او يخفيهم وهي أسطورة توارثها الآباء والاجداد ويناقشها المؤلف سعد هدابي بطريقة تكشف ان البعبع المختفي في تل حفيظ هو خدعة يوظفها البعض من اجل إخافة الناس وابتزازهم .. العمل جيد ويقدم صورة جميلة في الدراما العراقية .. علما ان الصابئة المندائيين اعترضوا جداً لأنه يشوه طائفتهم وطالبوا بإيقاف العمل .
كذلك لفت انتباهنا مسلسل اخر هو ( رباب ) لمخرجه علي ابو سيف ومؤلفه باسل الشبيب ويناقش قضية الكرد الافيليين وتسفيرهم الى خارج العراق . وكيف ان احد المتنفذين يعمل من اجل استثمار هذه القضية لمصلحته الشخصية نتيجة لحبه لرباب ورفضها له في يوم ما .. فيتحول حبه لها الى انتقام رهيب عززه الحقد الدفين .. هذا العمل قدم لنا المرأة بطريقة مغايرة لما شاهدناها عليه سابقا فبالرغم من المأساة والمعاناة التي تمر بها رباب فانها تظل صامدة وقوية وتتحدى المحن .. وربما هو العمل الاول الذي يكتب خصيصا للفنانة اسيا كمال، التي ابدعت فيه على نحو غير اعتيادي ، وكاتبه هو زوج الفنانة اسيا المؤلف باسل السبيب . هذا العمل قدم صورة مفصلة لكثير من المفاهيم التي برزت على لسان الشخصيات منها التي تصطاد بالماء العكر لتحقيق المنافع الشخصية حتى ان كانت على اوجاع الناس ، وابراز المواطنة الصالحة واتخاذ المواقف ضد الاخرين حتى ان بدأت من رب العائلة لان الوقوف بوجه الخطأ لا يعرف المصالح او القرابة . ناهيكم عن الموقف الصلب لعائلة رباب التي تقسو على نفسها من اجل صالح العائلة ... انها مأساة درامية أمتعتنا بأداء أبطالها لاسيما الفنانة اسيا كمال والفنان غانم حميد.
