TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العراقيون والبُعد السياسي في العرّاف

العراقيون والبُعد السياسي في العرّاف

نشر في: 14 أغسطس, 2013: 10:01 م

يتميّز مشروب الليمون بالنعناع، بخلطه عنصرين مُختلفين في تأثيرهما، فالليمون لوحده شرابٌ مُنشّط، بينما النعناع مُهدّئ، وفي خلطهما كما ساد في مُسلسل العرّاف، خلط للتناقضات يُوصّف حال مصر، قبل وأثناء وبعد إطاحة نظام مبارك.
الشخصية الرئيسة التي أدّاها عادل إمام، هي شخصية رجل شديد الطيبة، كان وجد نفسه طفلاً في الشارع، بدون أي وثيقة تثبت نسبه، فقام بتزوير بطاقة شخصيّة، للتخلص من تساؤلات الشرطة عن هويّته، وحين نجح أعجبته اللعبة، فبدأ مشواره مع تزوير البطاقات الشخصية وانتحال الشخصيات، بين محام مشهور، إلى لواء في مباحث الأموال العامة، إلى طبيب جراح، وتاجر انتيكات وصاحب بازار سياحي، وهو في كلّ الشخصيات التي انتحلها، يحظى بجمع من المؤمنين بقدراته الخارقة.
ويكشف العمل الفني، المعروض في رمضان على أكثر من فضائيّة، أنّ الرجل كان مزواجاً، وخلّف من كل شخصية انتحلها ابناً له، واحد ينتمي للجماعات الدينية الجهادية، وآخر نصاب ومحتال، وضابط شرطة محترف، وواحد يظن نفسه يساريا ثوريا، وابنة وحيدة وبسيطة، وبما يجمع في العائلة المفرقة تباينات المجتمع المصري، فيما يتعرض عبد الحميد البكري، الاسم الأساسي للشخصية التي أداها عادل إمام، للمطاردة طيلة المسلسل من لواء شرطة متقاعد، كان قبض عليه قبل ثلاثين عاماً، ويعود للخدمة ليقبض عليه.
يتبدّى البعد السياسي للمسلسل، في القرار المفاجئ للعرّاف، بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية، عقب فراره من السجن، الذي تعرّض للهجوم من قبل ملثمين، هنا اتهام لحماس بتحرير المساجين، ثم يدخل مع جماهير ميدان التحرير، وهنا تقفز إلى واجهة المشهد صورة محمد مرسي، تلتف حوله الجماهير، فيمسي على قاب قوسين من الموقع، لولا تدخّل (الدولة العميقة)، التي تفاوضه على الانسحاب والمنفى الاختياري، مقابل مبلغ مالي، ما يُعيد إلى الواجهة أحمد شفيق في حكاية المنفى، وكان قبل ذلك تعرّض لمحاولة اغتيال غامضة، في تلميح لمحاولة اغتيال اللواء عمر سليمان، حين يعلم أولاده بمقايضته ترشحه بالمال، يقررون البراءة منه، فيعود من حيث ابتدأ عند صديقه القديم والحشاش (مسعد)، يشكو له عقوق أبنائه، ويطلب منه نفس حشيش، فيستغرب منه ذلك، كونه لم يسبق له تعاطي هذا المخدر، فيرد عليه بحزن "ماعادش فيه حاجة جادة في البلد يا مسعد، كُلّه بقى هلس".
بعدها يعلم أبناؤه بموته فيدفنوا جثته، لكنّ زوجة إبنه الضابط، تكتشف أنّه ما زال حياً، وقد انتحل صفة داعية، يحمل اسم صديقه الحشاش، الذي دُفن على أساس أنّه البكري، وحين يعلم أبناؤه يقررون مُسامحته، لكنّهم في الطريق إليه، يكتشفون أنّه بشخصيته الجديدة، تمكّن من سرقة خزائن البنك المركزي المصري، وهو سيظهر بعد ذلك، مُحاولاً خداع مجموعة من المستثمرين، ببناء تلفريك في الموقع الذي يصطاد فيه ضابط الأمن، الذي اعتقله أكثر من مرة السمك، وحين يسمعه يُقهقه في تعبير عن أن لا شيء سيوقف حال الاحتيال، وسيواصل هذا المحتال طلب  الليمون بالنعناع، لمن يرغب بخداعهم، تعبيراً عن استمرار حالة التخبط، وعدم وضوح الرؤية، عند كل المصريين، المحتاجين لهذا المشروب الملتبس الهوية، ليتمكّنوا من تجاوز واقعهم المر.
السؤال اليوم، كم شربتم من أكواب الليمون بالنعناع، من أيدي ساستكم المهرة في اللعب بكل الأوراق المُحرّمة، ابتداءً من ورق اللعب الموزع في العراق، عند دخول القوات الأميركية، هل تتذكّرونه، أم تواصلون شرب الليمون بالنعناع؟.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram