ما يجري في مصر منذ خلع الرئيس الإخواني الاسلاموي، حدث يتجاوز بكل المعايير والمعاني، ام الدنيا، مصر. فالهبّة الجماهيرية التي أجبرت الرئيس الأسبق حسني مبارك على التنحي، قدمت نموذجاً في مواجهة النظام الشمولي الذي يتحدى إرادة الشعب ويصر على مصادرة قرار
ما يجري في مصر منذ خلع الرئيس الإخواني الاسلاموي، حدث يتجاوز بكل المعايير والمعاني، ام الدنيا، مصر. فالهبّة الجماهيرية التي أجبرت الرئيس الأسبق حسني مبارك على التنحي، قدمت نموذجاً في مواجهة النظام الشمولي الذي يتحدى إرادة الشعب ويصر على مصادرة قراره. والانتقالات المتسارعة التي أعقبت ذلك، من حكم العسكر، ثم تمرير الانتخابات الرئاسية قبل اقرار الدستور والاستفتاء عليه، وما تمخض عنها من انتخاب رئيس اخواني، هي نموذج آخر لغياب الوعي العام، في لحظة تحول تختلط فيها الاوراق، وتضيع المقاييس، ويصبح التخبط في اتخاذ المواقف خارج السياقات الطبيعية، سيد الموقف.
في التجربة المصرية التي قادت الشعب على غفلة منه او بفعل تناقضات ملتبسة، الى تسليم الدولة العميقة الى رئيس اخواني، اختار مرسي بمجرد ادائه القسم الرئاسي، ان يكون رئيس جماعة وعشيرة و"أهل" بدلاً من رئيس لدولة عظيمة مثل مصر، تحمل في وجدانها سبعة الاف سنة من الإرث الحضاري، وتحتل موقع القلب في العالم العربي والاسلامي، متوهماً مع جماعته ومكتب إرشادها، انه بذلك يستطيع إطفاء جذوتها، وتطويع دولتها العميقة، بتقاليدها وتنوعها الثقافي وإسلامها الوسطي، ممثلاً بالازهر الشريف ومشيخته العقلانية، الى موطئ قدم ووثوب للتنظيم الدولي للاخوان المسلمين، ينفذ أجندته المريبة ومخططاته التي انكشفت على تداخل وتواطؤ، مع المخطط الاميركي الاسرائيلي لترويض العالم العربي والاسلامي، واخضاعهما لمصالحهما، بدءاً بتصفية القضية الفلسطينية، من خلال "تلزيمها" لاخوان غزة "حماس".
كل ذلك الذي جرى من لحظة تَجمُّع القوى ونهوضها لإسقاط نظام مبارك، مرورا بالمرحلة الانتقالية للعسكر، وصولاً لتنصيب مرسي رئيساً، في كفة، ووقائع العام الذي تذاكى فيه لتدمير قوى الدولة المصرية، اقتصاداً ونسيجاً اجتماعياً وفناً واستقراراً امنياً وسياحة، رئيس الجماعة محمد مرسي، مستبيحاً بذلك روحها، للعودة بها إلى ظلمات القرون الوسطى، ان لم يكن لمتاهات الجاهلية الاولى... في كفة أخرى.
لقد حاول مكتب الإرشاد وقادته المتوارون خلف كواليس مركزهم الرئيسي العلني في "المقطم" وعبر رئيسهم في الاتحادية، تصفية كل اركان الدولة المصرية الراسخة. وبدلاً من استرضاء طرف من المعارضة واستدراجه للعمل معهم، بإظهار استعداد فعلي لتطمينه سياسياً، او كسب ود اوساط شعبية، بتحقيق تطلعاتها المتواضعة التي لا تتجاوز رغيف الخبز النظيف، دخل مرسي في صراع مفتوح على كل الجبهات، لم يوفر فيه حتى اقرب حلفائه في التيار الإسلامي، السلفي. وأثار حفيظة مختلف الأوساط والجبهات، فاستهدف القضاء والقضاة والمثقفين، كتابا وفنانين وسينمائيين، واستفز الشباب والنساء، وفتح نيرانا سلفية على الأقباط والملل الاخرى، وجرد مذاهب وعقائد من الحصانة الدستورية، وانتهى الى تعبئة الأغلبية المطلقة من المصريين الكادحين والفلاحين وذوي الدخول المحدود، ضده، بما اتخذ من تدابير اقتصادية تضمنت زيادة اسعار، وافراغ السوق من المواد الحيوية الأساسية، ومن المحروقات والبنزين، التي هربها الى غزة، أملاً في تقوية مواقع حماس في مواجهة السلطة الوطنية الفلسطينية!
لكن مقتل مرسي وإخوانه تحدد حين أصابهم الغرور والوهم، بأنهم في حلٍ من خطوات تدريجية لاستباحة الدولة والاستيلاء على مفاصلها الحيوية، فراح الرئيس المخلوع يصدر الفرمانات المتتالية، ليفرغ الدولة ممن لا يرى فيهم موالين للإخوان، ويضع في مواقعهم إخوانا وموالين على المكشوف، وتمدد ليُخضَع الأجهزة الأمنية والجيش تحت رقابة حزبه وفي دائرة نفوذ الجماعة مباشرة.
لم يدُر في خلد محمد مرسي وجماعته وعشيرته، ان الشعب المصري بلغ سن الرشد السياسي، وامتلك ناصية الحكمة والمعرفة في كل ما يتعلق بإرادته وسبل التحكم فيها ومواجهة الحاكم الذي يتطاول عليها. لم يدرك مكتب الإرشاد، وربما السفيرة الاميركية نفسها، ان الوعي الجمعي المصري تجاوز كل توقعاتهم، وتغلغل التذمر والنفور من الرئيس وجماعته حداً يصبح فيه الخروج بعشرات الملايين لإسقاطه، ممكناً عبر مبادرة مباركة من شباب "تمرد" الذي امكن من خلاله جمع عشرين مليونا من التواقيع المطالبة برحيل مرسي، تمهيداً لانتفاضة ٣٠ يونيو "حزيران" المليونية التي فاضت بجموعها شوارع وميادين وحواري مصر، حتى قيل انها مظاهرات جماهيرية لم يشهد التاريخ مثيلاً لها!
نسي مرسي دروس التاريخ، القريب منه قبل البعيد، الذي جاء به الى رئاسة ام الدنيا، لأن لسان حاله وجماعته التي وصلت الى قصر الاتحادية، كان يضمر مفهوما مستحدثا في العراق "اخذناها ولن نعطيها"، وعلى رقاب الشعب المصري! بفعل مصادفات تاريخية وظروف معقدة وملتبسة، وضعف دراية ببواطن الامور من جماعات وأوساط وطنية وشبابية، جعلها ترى في انتخاب محمد مرسي الاخواني، خياراً يتيح امكانية بناء ديمقراطية ودولة مدنية!
سقط مرسي، وانهار حلم التنظيم الدولي للاخوان، تحت وقع الوهم القاتل في مواجهة نهوض جماهيري غامر.
"ماننطيها"..!
فمتى يتعلم الدرس، السلطان المتغطرس بلا مسوغ، صاحب "ماننطيها" العراقي، بالصدفة..!
جميع التعليقات 11
المدقق
ان المالكي عراقي بامتياز وانتم المشكوك بعراقيتكم لان ولائكم ليس للعراق بل للاقليم ومن وراءه .. وليس من حقك او من حق غيرك المزاودة على وطنية ابو اسراء فهو اشرف من الذين اختاروا ان يتحالفوا مع اعداء العراق وارتضوا ان يرتموا باحضان الصهيونية ... طاح حظ الوكت
omeed
ابقى بحسرة شوفة بغداد حتى لو تصير مشكلة باقصى العالم تربطهه بالمالكي وبعدين منو العراقي بالصدفة بس لا تطلع انت العراقي الاخير تافههههههههههههههههههههههكبير وفلوسك وين راح تروح لغادة ووووووووووووووو باي ايها المتصابي الاخخخخخخخخخخخخخخخخخخيرررررررر ةةةةةة
حكمت حسين
لاأنتظر ان يتعلم ، لانه لايريد ان يتعلم الدرس . اكتسب غطرسته من صمت حلفائه، وانخفاض صوت معارضيه.
نبيل
احييك على هذا المقال واتمنى ان كل الشعوب العربية تحذوا حذو الشعب المثري وتتبراء من الحركات الطائفية ان كانت سنية او شيعية نعو للحركات التقدمة القومية الحضارية المدنية لا لحكم المرشد والامام
ابو علي الزيدي
والله سيسقط لئنه بنى بناءه على الرمال ومن بلاغة الامام علي عليه أفضل السلام والتي غابت عن ذهن جماعة ماننطيها (من بناها بخير طاب مسكنها ومن بناها بشر خاب بانيها)ولا أريد أن أعلق أكثر من ذلك
سامي
ترى ابو الماننطيها اذا ينجح بترأس الحكومة للمرة الثالثة وراها راح يطالب بالرابعةو الخامسة... في الاخر راح يكم البلد بكد ما ابو الحفرة حكمها.
حازم فريد
عزيزي السيد فخري ما علاقتنا بوضع مصر ،نعم سوف لن نعطيها ولن تعاد صيغة حكم الأقلية ،هذا معنى لن نعطيها ،ومام جلال قالها سابقا رئيس الوزراء من الشيعة ،ولكن الأخوة السنة لايقبلون بهذه المعادلة فدع مصر للمصريين ولا داع لتجيير كل حدث في العالم وربطه مع المالكي
وجيه الفريجي
المالكي عندما قال ماننطيهاكان يقصد بان الاغلبيه هي التي تحكم لا الاقليه وهذا مامعمول بة من زمن الاغريق الى يومنا هذا , والمالكي لم ياتي بمحض الصدفه وانما بتاريخ طويل عريض من النضال ومقارعة نظام المقابر الجماعيه وخير دليل على ذلك حلبجه والانتفاضة الشعبانية
بروفسور حامد المسافر
الاسلام بشقيه السني و الشيعي ليس الحل في عالم تحكمه التكنولوجيا الحديثه و يلعب العلم الدور الاكبر في تطوير الكومبيوترات و نظريات الكم..الخ..الاسلام كلام فارغ بعيد كل البعد عن العقل..لذلك وافق اوباما ان يساعد الاسلاميين في بلدان الشرق الاوسط..لابقاء هذه ال
فارس
هو المالكي زين بس لو يحاسب اللي جاب السونار 66 مليون وهو20 دولار. ولو يحاسب المرتشي مليون حتى يحول رقم المنفيس من الفقراء,ولو يفصل الموظف اللي ياخذ 5 مليون رشوة على قرض الاسكان .ولو ميخلي فرق مليون دينار بين راتب النفط وباقي الوزرات ولو يقلل راتب النواب 4
Sami
اخوان تري محد يكول نريد حكم الاقلية يرجع، كل ما نريد ان لا يحكمنا نفس الشخص لاكثر من دورتين (8 سنوات). لا مانع من الحزب الحاصل على الاغلبية ان يحكم لاكثر من دورتين. تخيلوا اذا ابو الما ننطيها يحكم 12 او 16 سنة بربكم هذه تكون الديمقراطية؟ ترى الحجي ابو ما