كثيراً ما أشعر بالأسى حيال السيد نوري المالكي، فهو غالباً ما يبدو في وضع وحال لا يتمناهما العاقل حتى لعدوه، والسيد المالكي يعيش حال الانحشار منذ مدة غير قصيرة، وهذا ما تعكسه تصريحات عصبية له وزلات لسان متكررة منه.
أشعر بالأسى، فلو كان للسيد المالكي مساعدون ومستشارون غير الذين يحيطون به الان، لربما تصرّف (سياسياً وعلى صعيد إدارة الدولة) بطريقة مختلفة لا تُوقعه في هذا الكم من الأخطاء ولا تزيد من عدد خصومه ومناوئيه وأعدائه كما هو عليه اليوم. ولكن في النهاية هو المسؤول عما فيه، فهو من اختار مساعديه ومستشاريه الذين أحاطوا أنفسهم بجيش من المنافقين والمتزلفين ونهازي الفرص، معظمهم من نفايات عهد صدام.
أكتب هذا لأن رسالة "التهنئة" التي وجهها السيد المالكي في عيد الفطر المنصرم أعادت إليّ الشعور بالأسى تجاه هذا الرجل. لو كان للسيد المالكي مساعدون ومستشارون عقلاء وحكماء ما كتبوا له ولا أشاروا عليه بكتابة رسالة بهذا النص. هذا العيد حلّ في ذروة تفاقم الأعمال الإرهابية على نحو غير مسبوق منذ سنوات. فعلى مدى الشهور الاربعة الماضية كان الارهاب يضرب يومياً، مزهقاً أرواحاً كثيرة وسافكاً دماء غزيرة ومدمراً أملاكاً ثمينة. ولم يراع الإرهابيون حرمةً لرمضان ولا للعيد، وكان من اللازم أن تتضمن رسالة رئيس الحكومة تنديدا قوياً بوحشية الإرهابيين واستهتارهم، ومواساة لعائلات الضحايا من قتلى ومصابين ومتضررين.
في العيد ينتظر الأبناء أعطيات من الآباء والأمهات (عيديات)، بيد ان السيد المالكي، وهو في موقعه ومنصبه بمثابة الأب والاخ الاكبر لابناء الشعب، بدا في رسالته متطلباً، سائلاً الابناء والبنات ان يقدموا له العيدية، فهو طلب من العراقيين "بكل ألوان الطيف العراقي البهيج من عرب وكرد وتركمان وايزيديين وشبك ومن مسلمين ومسيحيين وصابئة من كل الاعراق والاديان والمذاهب ان يكونوا يداً واحدة وقلباً واحداً وان ينظروا الى المستقبل وينبذوا دعوات التحريض والطائفية ويفتحوا قلوبهم لبعضهم البعض".
السيد المالكي أبلغ "العلماء وائمة الجمع والمساجد ومثقفي العراق وادباءه وشعراءه وفنانيه واعلامييه ورياضييه وكل مواهبه الخلاقة في الداخل والخارج ان بلدكم بحاجة اليكم، بحاجة الى كل كلمة تكتبونها أو ابداع تسطرونه او قصة تروونها او نتاج فني او علمي تبدعونه. انه بحاجة الى حرصكم وصدقكم وتفانيكم".
ودعا المرأة العراقية الى "المزيد من الحضور الفاعل والاقدام على تحمل المسؤولية في كل ميادين العمل العلمي والسياسي والفني والثقافي والادبي وغيرها"، والعشائر وجميع صنوف المجتمع من عمال وفلاحين ورجال اعمال وتجار وصناعيين وكسبة ونقابات ومنظمات مدنية الى "التعاون فيما بينهم والتعاون مع الدولة وأجهزتها المختلفة لرفعة بلدنا وإعلاء شأنه بين بلدان العالم".
وفي بادرة نادرة الحدوث توجّه السيد المالكي الى الشباب بالدعوة لأن يكونوا "عوناً لبلادكم وسنداً لأمنه واستقراره وبنائه في كل الميادين وحصناً منيعاً له أينما كنتم، في ميادين المعرفة وطلب العلم أو في حقول العمل والاعمار والبناء أو في ساحات الثقافة والفن والرياضة والابداع (...) لا تسمحوا للاصوات المفرقة ولا تلتفتوا لدعوات التحريض والفتنة (...) ولا تكونوا لا سمح الله وقوداً لحروب ونيران يشعلها أعداؤنا لإعاقة نهضتنا وسلب ارادتنا في البناء والاعمار".
وأخيراً دعا "الشركاء السياسيين" الى "التنافس فيما يخدم بلدنا ويعزز وحدته ويجعله اكثر رفعة وعزة وازدهارا (...) تعالوا لنبني دولة العدل والقانون وبناء المؤسسات والحياة الديمقراطية الكريمة".
وماذا في المقابل؟ ما الذي ستقدمه الحكومة أو تفعله في مقابل هذه القائمة الطويلة من الطلبات؟ ما الذي سيفعله السيد المالكي وحكومته لتمكين العراقيين بكل اطيافهم القومية والدينية والمذهبية والسياسية والطبقية ليكونوا يداً واحدة وقلباً واحداً، ولمساعدة العلماء والمثقفين والرياضيين والنساء والشباب والعشائر والعمال والفلاحين ورجال الأعمال والتجار والصناعيين والكسبة والنقابات والمنظمات المدنية والشركاء السياسيين من أجل تلبية طلبات السيد المالكي؟ .. رسالة العيد لم تعد بشيء، بل لم تتضمن مجرد الاشارة، على صعيد مكافحة الفساد المالي والاداري وتقويم أوضاع الاجهزة الامنية المخترقة ومعافاة الحياة الاقتصادية وتحسين الخدمات العامة والحد من مستويات الفقر والبطالة العالية... الخ.
رسالة السيد المالكي لم تكن في الواقع سوى فرمان همايوني من حاكم الى محكومين.
انني آسى له.
جميع التعليقات 2
احمد
لكل ظالم نهاية خالي العزيز والمالكي بدأ بلتملق لولايه ثالثه حتى يظهر لشعب بأمه رمز وطني ..... مع الاسف
المدقق
اسم الله عليك من الاسية عيني .. انتو ما تاسون على العراق وشعبة . انتو تاسون على منافعكم ومصالحكم وبس وليذهب العراق الى الجحيم ... لقد بانت كل نواياكم في تدمير العراق ولكن هيهات فابو اسراء ومن خلفه كل الشرفاء سيبقون شوكة في اعينكم واعين كل من يريد شرا بالع