كان يوم الخميس مصرياً بامتياز، لكنه للأسف كان دامياً ومريراً، تباكى إسلاميو الدول العربية على الحرية والديمقراطية في مصر، والأدهى ادعاؤهم بأن الإسلامويين هم حملة لواء الديمقراطية، وأن معارضيهم وخصوصاً الليبراليين والعلمانيين، هم المدافعون عن حكم العسكر، دون الإجابة على سؤال، هل قدّم الإخوان إبّان حُكمهم نماذج لحرية الرأي والتعبير، وكيف يُبرّرون سقوط كل ضحايا الجانب الآخر، وبأي أدوات لقي هؤلاء حتفهم، وما ذنب الكنائس التي أُحرقت، وأيّ شرعية يُراد فرضها بالقوة، ضد إرادة عشرات ملايين المصريين، وهم في واقع الأمر مصدر الشرعيّة، التي لم يُبق الإخوان منها، غير التهديد بالخراب العميم، وهو ما كان واضحاً في خطابات منصة رابعة العدوية.
واضحٌ أنّ الإخوان تلقوا دعوات للمشاركة في العملية السياسية، وتطمينات بعدم الإلغاء أو الإقصاء، غير أنّهم بعد تمتّعهم بالسُلطة المُشتهاة، تمنّعوا عن المُشاركة وتوعّدوا بالمُغالبة، وخاضوا مُقامرة بمصير مصر، رافعين شعار المظلومية، الذي لن يجد له موقعاً على أرض الواقع، دون إزهاق أرواح المئات، وإراقة شلالات الدماء، غير أنّ الواقع يُثبت أنهم لن يستفيدوا من تشجيع قطر وإيران وتركيا، ولا من المواقف الغربية المُرائية، والمؤكد أنهم سيدفعون أثماناً باهظةً، عندما ينجلي غُبار المواجهات وتنقشع سُحب الدخان.
قدّمت قيادة الإخوان نموذجا مُشوّها للربيع العربي، نتيجة أنانيتهم التي دفعتهم لتفضيل مصالحهم الشخصية والحزبية، والالتزام بحساباتهم الضيّقة، وبعد ثبوت فشلهم، ينحصر دورهم اليوم في التذمّر والشكوى وإطلاق الاتهامات، عميت أبصارهم وبصائرهم عن المصلحة الوطنية، فجاهروا بعدائهم للأقباط، وتجاهلوا أنّ فعل الايمان مُتكامل، وفي صلبه المواطنة، لأنّ الخير لايُرتجى من حزب لا خير فيه لمجتمعه ووطنه.
مرّت مصر بفترة حرجة، تبنّى فيها الإخوان خطاباً تضليلياً، وسخّروا كل أدوات الإعلام لشنّ حملة تشويه للحقائق، واستثاروا النعرات الطائفية، وأصروا على اعتماد سياسات التهميش والاجتثاث واقصاء الآخرين، فأشعلوا نار صراع، لا يقود في آخر الأمر لغير النتيجة الراهنة، التي يتجرعون مرارتها، والمؤكد أنّ فشل تجربتهم في السلطة، لا يجب ان ينسحب على كافة المسلمين، وهم من رفع شعارات التعدديّة وحريّة التعبير، في حركة تكتيكيّة، بهدف الانقضاض على السلطة والتفرد بها، مُعتمدين التصادم العنيف مع كل ما عداهم، وهم يتشدّقون بالحفاظ على الدين، فيما هم يُغازلون "الكفار الغربيين" ويستقوون بهم.
مصر دولة مدنية
[post-views]
نشر في: 16 أغسطس, 2013: 10:01 م