سأمارس أقصى درجات حُسن النية مع قادتنا الأمنيين الذين يريدون أن يقنعوا الجميع أن مثل هذه الحوادث تحصل كل يوم في العالم مستشهدين بما يجري في الصومال ومالي وأفغانستان، وسأتجرع الروايات الكوميدية التي أعلنها بعض مسؤولي الأجهزة الأمنية التي تقول إن: "الإرهابيين فشلوا في الوصول إلى أهداف حيوية ! وإنهم خسروا المعركة" وسأصدق بيانات وزارة الداخلية التي تصر على أن عدد ضحايا تفجير أكثر من ثلاثين سيارة مفخخة، لم يتجاوز عدد أصابع اليـــد الواحدة -أتمنى عليكم أن تنتبهوا جيداً للأرقام!
طبعا معظم هذه التصريحات لا تخلو من بعض الفكاهة والسخرية التي تفوق كثيرا تصريحات النائب عالية نصيف التي يفتقدها العراقيون بشدة في هذه الأيام العصيبة، حيث أتحفتنا ذات يوم بتصريح خطير قالت فيه إن "من يعتقد ان الأجهزة الأمنية لم تدحر الإرهاب فهو واهم "، ولهذا كان لابد أن يخرج القائد السابق لعمليات بغداد الفريق عبود كَنبر الذي يقود الآن عمليات ثأر الشهداء في لحظة تجلٍ ليقول إن القوات الأمنية تتعامل مع المواطن بشفافية، وانها تداركت أخطاءها السابقة، وإنها الآن تدرك أن الكثير من الخطط السابقة لم تكن مدروسة جيدا".
وأنا أقرأ تصريح السيد كنبر تمنيت لو سمح لي سيادته بأن أجري معه حواراً لأفهم منه الفرق بين الفشل الأمني وبين العجز عن حماية الناس.. ولأنّ ليس كل ما يتمنى المرء يدركه ولأننا نعيش في عصر المسؤول الذي لا نراه إلا في الأحلام أو من على شاشة الفضائيات مبتسماً وهو يعدد لنا أنواع الخراب والمآسي التي تحاصرنا كل يوم.. لهذا قررت أن أحلم بحوار مفترض مع الفريق كنبر الذي تفضّل مشكورا واستقبلني بإطلالة مستنسخة من الناطق السابق الفريق قاسم عطا، مرددا بعصبية: أرجوك قبل أن نبدأ الحوار، عليك أن تعرف جيدا أن التاريخ لن يرحم كل من يحاول أن يشكك بأهمية انتصاراتنا الأمنية، فأنتم معشر الإعلاميين تشاركون في أكبر عملية خداع للناس.. فلماذا تتناسون أننا بحمد الله بعد ١٠ سنوات استطعنا أن ننتج نظاما ننافس فيه بلداناً بحجم السودان والصومال وجزر القمر!
س: ما رأيك في من يقول إن بعض الأجهزة الأمنية تمارس نوعاً من التهريج الأمني.. يطلق عليه البعض تقصيرا وإهمالا وشراء ذمم؟
ج : هذا ما أسميه أنا قصورا في عقل المتلقين للمعلومة.. فأنا أريد تنبيه الجميع إلى أن مصطلح الخرق الأمني النوعي يطلق على العمليات الإرهابية الكبيرة مثل ما حدث في 11 أيلول في نيويورك ،فقد قتل أكثر من ثلاثة آلاف شخص، بينما الذي حدث عندنا خلال الأيام الماضية لم يذهب ضحيته سوى خمسة شخص.. تصور خمسة شخص ماذا تعني أمام ما قدمناه من منجزات أمنية جعلت بلدانا كبرى تتمنى الإفادة من خبراتنا الأمنية.
س: سيادة الفريق دائما ما تطرب القوات الأمنية أسماعنا بالوصلة الغنائية التي يقول مطلعها: كل شيء تحت السيطرة .. فهل تقصد السيطرات التي تحبس على الناس أنفاسها أم أن هناك سيطرات هي في الحقيقة أخوات في الرضاعة مع الإرهابيين؟
ج: يا عزيزي نحن لا ننشز في اللحن .. وأنا بالذات دقيق في اختيار كلمات الأغاني التي أخرج بها للناس ..فكلمة سيطرة –وأتمنى أن لا تنسى بأنني من هواة الشعر وفي أحيان كثيرة تنتابني رغبة كبيرة بأن أكتب معلقة شعرية عن المنجزات الكبيرة التي تحققت بفضل عبقرية القائد العام للقوات المسلحة، لكن شيطان الشعر يرفض الحضور هذه الأيام بسبب ارتفاع درجات الحرارة- المهم أتمنى ان نكون دقيقين في تعريف المصطلح، فسيطرة تعني السيطرة على مقدرات الناس وآمالهم وأحلامهم وأمنهم ومستقبلهم.. وهذا كله سيكون من مهمة الحكومة وأجهزتها الأمنية التي تسعى لأن يحصل العراق على لقب أرض السيطرات بعد أن غدره المؤرخون وأطلقوا عليه ظلماً اسم أرض السواد !
س: وسائل الإعلام والصحافة العالمية تقول إن المؤسسات الأمنية لم تعد تهتم بأمن المواطن بقدر اهتمامها بملبسه وحشمته وطريقة قص شعره فما قولك في هذا الأمر؟
ج: للأسف معظم العراقيين غير مؤهلين لمعرفة الآداب العامة وأخلاق الطريق.. وهم كارهون للتطور يريدون أن يعودوا إلى الوراء ،إلى عصور الإيمو وعبدة الشيطان، بينما نحن نريد لهم أن يعيشوا في ظل حملة إيمانية تضمن لهم مكانا في الجنة بعد عمر قصير.
س: ولماذا لا يعيشون الجنة على الأرض وهم يتمتعون بخيرات هذه البلاد؟
ج: أعوذ بالله من شر الشيطان الرجيم، كل جنان الأرض، لن تجعلهم يعيشون لحظة اطمئنان واحدة ..المشكلة يا سيدي أنك لا تريد منحي فرصة لشرح وجهة نظري.. فأنتم معشر الصحفيين تتحدثون ليل نهار عن الديمقراطية والحرية والرخاء الاجتماعي وتنسون أنها نِعَم زائلة .. فإذا كنا جادين بإسعاد هذا الشعب علينا أن نغرز فيه قيم القناعة التي هي كنز لا يفنى بينما الخدمات والصحة والتعليم والأمن، مظاهر زائلة وزائفة "منو مات وأخذ وياه امن وامان، مو كافي تلعبون بعقول الناس"!
وهكذا يا سادة انتهى الحوار، لنكتشف أننا أمام حالة قديمة من التهريج تدار بحرفية شديدة شعارها "كل شيء من أجل الشفافية "!
حوار في المنام مع الفريق كَنبـر
[post-views]
نشر في: 17 أغسطس, 2013: 10:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 5
كمال يلدو
ألف شكر لك يا صادق....هذه الخراجات ستنتهي الى دورة المياه والصرف الصحي(الأهلي او الحكومي) لا يهم طالما نهايتها صارت واضحة
آريين آمد
ههههههههههه.. شر البلية ما يضحك... عقليات مثل كنبر ومن لف لفه ... اكيد ستضيع القائد العام للقوات المسلحة فهم يقودونه من فشل الى فشل اكبر منه... حتى يصل الحريق الى المنطقة الخضراء.
بو حسن
طريقة رائعة في الكتابة للسخرية من كنبر ومشتقاتةمن الفاشلين واللة المستعان.
عهد الوارثين
قبل فترة سمعت اخى قبل فترة وهو امر لواء فى الجيش (مسلكى) نناقش الوضع الامنى تكلم عن عبود كنبر وبطريقتة باعادة نظام هدام القادة الامنيين ليس لديهم طريقة للاايقاف نزيف الدم فقط لديهم كلمة واحد فتشو سيارة سيارة لكنها يتناسى نفسية الجندى الانسان ليس الة ل
محمد سعيد
كذب ثم كذب حتي تصدق .ان خاصبه الكذب اصبحت ملازمه حقيقه لمسارات الحياة في العراق الجديد واللباس الواقي للقاده الذين جاؤو في غفله من الزمن و باراده قاهره علويه خارجيه , او اعتقدو انهم هبه ربانيه نزلت من السماء ,هكذا ظلو يرون في الصدق مجرد