المدى الثقافـيفي هذا الكتاب يضع د.عقيل مهدي اربعة نصوص مسرحية ذات رؤى مختلفة في معالجاتها وتطرح كل واحدة من هذه المسرحيات ثيمات قلقة لزمن رديء، تتمحور جميعها في كشف الزيف والكذب والرياء الذي بات يستفحل ويأخذ شكلا شموليا في النسيج الاجتماعي العراقي،
انها عملية رصد الواقع بلا تزويقات مسرحية، فضح ماهو قائم الان، وهي صراعات الخير والشر والبقاء للاقوى بعد ان تسود قعقعة السلاح وتسلط اللصوص على المراكز المهمة في المجتمع، والضحية الاولى تستفحل فتصبح هي الجلاد لابناء جلدتها بعد ان سيطرت على مقاليد الامور، والجلاد السابق يتقنع بهيئة الضحية ويمارس القتل بشتى الوسائل، فيتغلب من جديد وتكثر الاقنعة فتبدو الوجوه اكثر زيفا في عملية ارتكاب الجريمة التي يدفع ثمنها الشعب. في مسرحية"علي الوردي وغريمه" الوردي هذا المفكر الاجتماعي الذي درس بجد ووعي وقدرة فائقة في التحليل النفسي للشخصية العراقية، وكتب "لمحات من تاريخ العراق الحديث "وكتب اخرى تدور حول تلك الشخصية وكشف اعماقها ومآربها والتأثر السريع في الحدث والتغيير المستمر في طبيعة التغييرات الاجتماعي. -عليوي-شخصية ارهابية عصابية مشعوذة تعمل بالزيف والخداع والوصول الى مآربها نتيجة غياب الوعي الجماهيري، بحيث يقدر ان يتامر على شخصية علي الوردي، وهي الرمز الوطني العراقي،الذي يمثل الشريحة المثقفة التي تدرك حجم الخراب الذي حل بالبلاد، من خلال الحوار الساخن والممتلىء بالخوف وتهديد السلاح، يأخذ الحوار شكل تغلب الشر على الخير، موحيا الى ايحاءات شتى بان الغلبة لعنصر الخديعة، وهذا هو المحور الاساسي الذي اراد عقيل مهدي ان يصف هذه الحقبة العسيرة التي تمر على البلاد. اما مسرحية – جمهورية الجواهري- التي تتكون من الشخصيات – الجواهري – طه حسين –المرأة – عبدالكريم قاسم – نوري السعيد- السجين فهد -المخبر- وهي مسرحية تسرد تاريخ العراق الحديث في الايام الاخيرة من حكم نوري السعيد،وما يدور في اروقة ذلك الحكم واعتقال احد الرموز الوطنية التقدمية وهو-فهد- السكرتير الاول للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي، وكذلك محنة المثقف بعد قيام الجمهورية، تتمثل في شخصية شاعر العرب الاكبر الجواهري بحيث تضيق عليه الدنيا فلم يجد من يؤويه ومطاردته من العراق الى مصر، وربما اراد ان يقول المؤلف ان الجمهورية التي كان يحلم بها الجواهري لم تتحقق، بعد عسكرة المجتع وتحويل المؤسسات المدنية الى غير دستورية. وكانت مسرحية الاسكافي المتكونة من- الاسكافي –الشيخ عمار –نعوم جومسكي- عالم لغوي امريكي-جورج تنت رجل مخابرات امريكي- تمثل هي حوارات محتدمة مابين هؤلاء الشخوص الذين اجتمعوا بعد سقوط الصنم، ومن هنا تبدأ دوامة تصريف امور البلد الذي اكلته الذئاب التي قدمت من وراء الحدود، اراد عقيل مهدي ان يؤكد ان الوطنيين هم في حل من هذا الخراب وانهم لايمتلكون عصا سحرية لاقامة نظام تحترم فيه هيبة الانسان والوطن وان هؤلاء جميعهم غرباء ولايمتون بشيء الى هذه البلاد. المسرحية الرابعة هي –البدوي والمستشرق-يقول فيها المؤلف :تزخر ثقافتنا التاريخية بقيم بمثل ما تقترحه حضارتنا المعاصرة من تجاذبات تتمحور حول التصادم او التثاقف –البدوي-نموذجا للفكر الحر،يقود صراعا باقنعة تراثية سياسية وفقهية متفتحة ضد الامير غريمه المستبد،المالك للجسد والمال والسلطة والمستشرق جونز كولينالي متعصب بخلاف ماثيو.
عقيل مهدي في جمهورية الجواهري :لامنـاص من قبضـة الـمؤامـرة
نشر في: 6 نوفمبر, 2009: 04:50 م