مرةً أُخرى، لم يكد صدى خطاب الشيخ حسن نصر الله يُغادر جنوب لبنان، حتّى جاء الرد من مُعارضي النظام السوري، على شكل تحذير من إدخال لبنان دوامة من العنف، في حال استمر حزب الله في دعمه العسكري لقوات الأسد ، أو نفّذ تهديده بمضاعفة عديد مقاتليه ضد "الإرهابيين التكفيريين"، المُستعدين فعلياً لجر المنطقة إلى حالة من الفوضى والدمار، يعرفون ويُحذّرون من أنّها تخدم مصالح اسرائيل، المُفترض أنها عدوةٌ تاريخيةُ لحزب الله، المُتّهم من هؤلاء بافتقاره للمبادئ والأخلاق، على خلفية نصرته لديكتاتور مارس كل جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية، وعلى الرغم من هذا الرد الحاد فقد دان ائتلاف المعارضة السورية التفجير الإرهابي في الضاحية الجنوبية، الذي أسفر عن مقتل حوالي الثلاثين بريئاً، ذنبهم أنّهم توهّموا الأمان في مربع حزب الله الأمني.
ليس سراً أنّ مشاركة حزب الله في معارك سوريا، أدّت إلى تصاعد حدّة الخطاب الطائفي والمذهبي، خصوصاً بعد إعلان نصر الله استعداده لدفع الثمن، وتحمّل تبعات تلك المشاركة، وهو بعد التفجير الثاني عاد ليؤكّد ذلك، متجاهلاّ أن الوضع الراهن في لبنان، مرتبط بالأزمة السورية، وأن كل تدخل جديد سيكون سبباً مُضافاً لتفجير هذا الاختلاف، بغض النظر عن محاولات منحه صفات أخرى، تتطاول حد اعتباره خطوة على طريق تحرير فلسطين، بينما يؤكد واقع الحال أن هذا التدخل استعدى مذهبياً أكثرية السوريين، الذين رأوا فيه نصرةً لطائفة ضد أخرى، أكدها تفاخر الشيخ مؤخراً بهويته المذهبية.
قد يرى البعض في حادثة تفجير الضاحية، حدثاً لايستحق الكثير من التوقف عنده، مُقارنة بما يجري في مصر وسوريا، غير أنّ التداعيات المُحتملة ترفض هذا التفسير، فموت حوالي الثلاثين لبنانياً في تفجير واحد، يساوي نسبياً مقتل خمسمائة مصري، أو مائتي سوري أو ثلاثمائة عراقي، والمُهم أنّ ذلك يحصل في بلد لم يكد يخرج من حرب أهلية طائفية طاحنة، وهو مستعد اليوم للعودة إليها، مع امتدادات إقليمية تتجاوز جغرافيا لبنان وجواره العربي، والمدهش أنّ حزب الله اليوم استبعد إسرائيل من دائرة المُتهمين المُحتملين عن التفجير الأخير في الضاحية، وأحل بدلا منها "التكفيريين"، مُبدياً استعداده لمُحاربتهم أينما كانوا، وخصوصاً على الأرض السورية.
لايعني ذلك منح صك البراءة للتكفيريين، المُتّهمين بارتكاب العديد من الهجمات الإجرامية، سواء في لبنان أو سوريا أو غيرها من دول المنطقة، كما لايعني أنّ التطرف الذي يأخذ صفة التكفير، انتفى عند طرف المعادلة الثاني، ما يعني أن الصراع سيكون أشدّ عُنفاً، ولن تكون السيارات المُفخخة التجلي الوحيد له، بقدر ما ستكون الصورة الأقل عُنفاً ودمويةً، ما يستدعي اليوم العمل على إطفاء بؤرة التوتر، بدل النفخ في كيرها، والعمل على عدم إقحام لبنان، او أي طرف فيه في المستنقع السوري، والابتعاد عن لغة التخوين، بما تعنيه من نيّة الإقصاء، والسعي بدلاً من ذلك إلى التواصل بين الأصوات العاقلة المُعتدلة في كل الطوائف، لقطع الطريق على التيارات المُتطرفة، التي بات حزب الله اليوم ضحية إرهابها.
تفجير الضاحية والتداعيات الخطرة
[post-views]
نشر في: 18 أغسطس, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 1
نبيل العربي
نصر الله هو المحرك الطائفي الاساسي لان ايران تحاول ايجاد اقتتال طائفي بين العرب انفسهم ولم تستطيع لانها جسم غربي اي فارسية ولذاللك جاء حزب الله تحت حق يراد فيه باطل وهي محاربة اسرائيل مثل الانقلابات العربية بالستينات واعطاء شرعية ومصداقية لما يقول