TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > إلياذة" المسؤول"

إلياذة" المسؤول"

نشر في: 19 أغسطس, 2013: 10:01 م

الصحفي الراحل عباس الحديدي رحمه الله  يوم كان مسؤولًا عن قسم المحليات في احدى الصحف اليومية   ، عرف  بين زملائه ،  بأنه صاحب تعليقات ساخرة  في التعامل مع المواد غير الصالحة للنشر ، وفي كثير من الأحيان تكون قاسية ،  عندما يبدي اعتراضه على مادة لا تصلح للنشر  فيقول مخاطباً كاتبها بطرح   سؤاله الشهير :" هل كتبت ملحمة  الإلياذة " ، ومواد صفحة المحليات في ذلك الوقت مع وجود استثناءات ،  لا تتعدى تغطية نشاطات المسؤولين ، في  افتتاح جدارية ،  ومساعدة الأُسر المتعففة  بمنحها "قوطية" دهن من نوع الراعي ، وحضور تجمع جماهيري ،  لتجديد عهد الوفاء والولاء .
الصحفي "كاتب الإلياذة"  لطالما  عبر عن رفضه لهيمنة سلطة الراحل  الحديدي باللجوء الى مدير التحرير ،  وعرض شكواه عسى ان يجد حيزاً في الصفحة لنشر الخبر، لاعتقاده بانه مهم ، ويهم  أبناء ناحية العكيكة  في محافظة ذي قار بوضع حجر الأساس من قبل أمين سر قيادة الفرع لافتتاح مشروع اروائي ، سيسهم في توفير المياه لزراعة الحنطة والشعير وزيادة الإنتاج،  كسراً  للحصار  الجائر ، وبعد مداولات  ومناقشة بين مدير التحرير ومسؤول الصفحة الحديدي ، يوافق الأخير على نشر مقطع صغير  من "ملحمة الإلياذة" في زاوية من أخبار المحافظات .
زملاء الراحل الحديدي من  العاملين في صفحة المحليات ، اعتادوا على تعليقاته ،  حتى أصبحت "الإلياذة"   قولاً شائعاً ومتداولاً في الجريدة في إشارة الى نوع من  المواد ، تندرج من وجهة نظرهم ضمن  اطار الدعاية لمسؤول حكومي او حزبي،  اعتاد مكتبه الإعلامي اعتماد مراسلي الصحف المحلية وقتذاك  لتغطية نشاطاته .
نظرية الراحل الحديدي الذي فارق الحياة نهاية عقد التسعينات لإصابته بمرض عضال ،  تصلح هذه الأيام للتطبيق ، والتعليق على  تصريحات المسؤولين والقادة السياسيين وأعضاء مجلس النواب كافة وبلا استثناء ، فالجميع يعتقد بانه صاحب "ملحمة الإلياذة العراقية"  عندما تؤكد بعض الأطراف بان الأيام المقبلة ستشهد تطوراً ملحوظاً في تحسين إدارة الملف الأمني ، باعتماد خطط جديدة بتفعيل الجهد الاستخباري،  وتنفيذ  عمليات استباقية لإحباط مخططات الجماعات الإرهابية ، فيما يعلن طرف اخر ان ملامح المستقبل الزاهر  للشعب العراقي لاحت في الأفق ، لان الشركات الأجنبية أخذت تتسابق  وتتنافس لإقامة مشاريعها في العراق،  للقضاء على أزمة السكن وحل مشكلة الكهرباء.
 يستمر سرد فصول الملحمة  على لسان اكثر من مصدر لرواية أحداثها ، ومنهم من حمل" الربابة" واخذ يجوب الأزقة والأحياء خارج المنطقة الخضراء ،  ليغني أمام أبواب المنازل "من كصيد البادية"  ليحفز السامعين على  المشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة  ، لاختيار خير من يمثلهم في مجلس النواب المقبل ،  وحينذاك يسدل الستار على المشهد الأخير من "  الإلياذة "  بنسختها العراقية ،  ويبقى تعليق الراحل الحديدي الساخر من كاتبها خير شاهد على حقيقتها المؤلمة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram