TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مساكن على المريخ

مساكن على المريخ

نشر في: 19 أغسطس, 2013: 10:01 م

مصادفة، اطلعت على حوار (تحشيشي) بين مجموعة من الشباب العربي حول الخبر الذي نشر قبل فترة عن دعوة شركة فضائية هولندية تحمل سم (mars one) للسكن في المريخ وإقامة مستوطنة بشرية هناك وإعلانها عن بدء قبول طلبات المتقدمين لإعمار كوكب المريخ..تصورت ان الأمر مجرد خدعة او مزحة ولكن يبدو ان الأمر حقيقي وهو ما دفع الشباب العربي الى فتح باب الحوار حول من يبادر لهجرة بلده والسكن في الكوكب الاحمر...ِالغريب ان اول من تطوعوا لهجرة بلدهم هم العراقيون لعدة أسباب اولها التخلص من التصريحات الحكومية الكاذبة و(الهبطات) المستمرة من الانفجارات والاغتيالات والمداهمات ولأنهم سيمتلكون قطعة ارض دون انتظار وعود الحكومة بتوفير السكن لكل مواطن عراقي ولن يكون عليهم البحث عن وظيفة في كوكب لاتوجد فيه أية مشاريع بعد ولأن الحرمان والغربة في الوطن تجعل المرء يفقد انتماءه له تدريجياً..تتابعت بعدها الطلبات والمبادرات بالهجرة الى المريخ من قبل الفلسطينيين عسى ان يعوضهم عن وطنهم السليب ومن السوريين الذين سئموا العنف والاقتتال وكانت هناك طلبات قليلة من بعض المصريين الذين اعتبروا الذهاب الى كوكب المريخ دون عودة الى الارض نهائياً نوعاً من الانتحار.. والانتحار في هذا الزمن من اجل مبدأ حتى لو كان زائفاً يعد استشهاداً يستحق المرء عليه دخول الجنّة.. تتابعت طلبات من دول اخرى وجد ابناؤها في الذهاب الى المريخ تغييراً وفرصة لتجربة شيء مثير..وحدهم الخليجيون لم يفكروا ابدا في مغادرة بلدانهم حتى ولو على سبيل المزاح فهم (ابناء البلد) الذين يأمرون ولا يؤمرون ويستمتعون بكل فرص الحياة من سكن ورفاهية وتعليم جيد وصحة دون ان يتظاهروا لينالوا خدمات يستحقها كل مواطن او يعيشوا على أرصفة دول اخرى بحثاً عن مصدر رزق..نحن لانحسد الخليجيين –لاسمح الله – لكن الحوار الذي قرأته ذكرني بأصوات العراقيين المبحوحة وهم يطالبون ابدا بمطالب قومية قبل ان يتذكروا مطالبهم الوطنية الشخصية فهم حريصون على التعبير عن انتمائهم لوطنهم العربي الكبير قبل وطنهم الصغير ومثلهم العديد من العرب الذين كانوا يعتبرون فلسطين جرحهم الأبدي..شبابنا العربي الآن يحث على هجرة الاوطان والتملص من القضايا الوطنية والقومية وكل ما اكتشفوا انه محض شعارات بحَّت من أجلها اصوات من سبقهم وفقد بعضهم من أجلها حياتهم ليجد أبناؤهم انفسهم دون سكن او مصدر رزق او اي احترام وتقدير من قبل حكومات بلدانهم...المهم ان نهاية الحوار الذي بدا بلا نهاية هو الإجماع على الخشية من هجرة العرب الى المريخ لأنهم سيدمروا الكوكب الجديد بعد ان دمروا بلدانهم على كوكب الارض، فهم لن يعيشوا دون نفاق ودجل وكذب وتمثيل على بعضهم البعض كما أنهم لن يتفقوا أبداً على امر واحد ولن يتمكنوا من انتخاب رئيس لهم بديمقراطية حقيقية بل سيلجأون الى التزوير والمحاباة وسيخلعونه كما انتخبوه او يشدون شعرهم ندماً على اختياره ويعجزون عن فصله عن مقعده الرئاسي الملتصق به بـ(السيكوتين) الشرعية كما يحصل في العراق مثلا، ولن يبدعوا او يبنوا ويعمروا كما فعل الخليجيون في اوطانهم بل سيشاركون في التدمير والتفجير والتبذير وكل ما يحيل البلدان المعمورة الى انقاض.. ليبقى العرب في أوطانهم اذن وليتخلوا عن أحلامهم في بناء كوكب جديد خالٍ من متاعب كوكب الارض وليتخلوا ايضا عن شعاراتهم القومية والوطنية لأنها مصدر رائع حاليا لـ(تحشيشات) وسخرية شباب العرب..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram