عند حلول الليل في القاهرة تتحول هذه المدينة النابضة بالحياة، بفعل أعمال القمع التي تمارسها قوات الأمن على الإخوان المسلمين، الى مدينة أشباح يسيطر عليها رجال الأمن المتلهفين لاصطياد أفراد المجاميع الإسلامية . حيث تتلاشى أصوات الموسيقى الصاخبة على ضفاف
عند حلول الليل في القاهرة تتحول هذه المدينة النابضة بالحياة، بفعل أعمال القمع التي تمارسها قوات الأمن على الإخوان المسلمين، الى مدينة أشباح يسيطر عليها رجال الأمن المتلهفين لاصطياد أفراد المجاميع الإسلامية . حيث تتلاشى أصوات الموسيقى الصاخبة على ضفاف النيل و أصوات باعة العصير و المكسرات المتجولين عند حلول موعد حظر التجوال من الغسق حتى الفجر بعد اسبوع شهد اعنف الأحداث في تاريخ القاهرة الحديث .
يوم الاربعاء الماضي اقتحمت قوات الأمن مخيمات الاحتجاج التي نصبها مؤيدو الإخوان مطالبين بعودة سلطة الرئيس الإسلامي محمد مرسي الذي قام الجيش بخلعه في الثالث من تموز . في حملة الاشتباكات اللاحقة بين قوات الأمن و جماعة الإخوان، قتل اكثر من 700 شخص و تم فرض حالة الطوارئ جنبا الى جنب مع حظر التجوال .
بعد ان يذهب اغلب المصريين الى بيوتهم ليلا ، تتحول القاهرة الى مدينة غريبة حيث ينتشر الجنود و هم يركنون ناقلات الجنود المدرعة على الطرق السريعة و بجوار الجسور و المنشآت . اما بالنسبة للطرق الصغيرة و الأزقة، فيبدو الجنود سعداء بالسماح للحراس – المعروفين باسم " اللجان الشعبية " – بادارة المشهد جنبا الى جنب مع القليل من رجال الشرطة بخوذهم السود الذين يوقفون المشتبه بهم على طول الجسور المطلة على نهر النيل .
يبدو ان بعض المتطوعين يحترمون الأكبر منهم سناً ممن يمسكون السلطة في مناطق القاهرة المتربة المهدمة . ثم هناك شباب مثل ( كانو ) و هو شاب يبلغ السادسة عشرة من العمر يقف عند زاوية الشارع ليفتش السيارات القليلة المارة من هناك ، و يهتف " تحيا مصر " ثم يستغرق في الضحك .
يقول رجال اللجان الشعبية انهم يعترضون المركبات التي تحمل أسلحة يستخدمها " إرهابيو " الإخوان ، و يتصدون للصوص الذين يبدو انهم انتعشوا خلال فترة الفوضى في مصر . في احدى المناطق، يأخذ الحراس استراحة من نقاط التفتيش المتناوبة ليرتشفوا الشاي و يفسروا كيفية العمل؛ عندما يتوقف احد المشتبه بهم فانهم يستخدمون الصفير لينبهوا الجنود القريبين من الموقع او يتصلون بأقرب وكيل استخبارات على هاتفه النقال ، او انهم يتصرفون لوحدهم . يقول محمد شعبان " عندما نمسك بأحدهم، ينتشر المئات منا بسرعة لمساعدة بعضنا اذا لم نتمكن من الاتصال بالجيش ". يقول انهم قبل ليلتين امسكوا 47 من أعضاء الإخوان كانوا يتهيأون لمهاجمة مبنى وزارة الداخلية . رجل آخر عرض رصاصة قال انها قتلت احد ناشطي الاخوان، ثم صرخت امرأة غاضبة و رددت ما صار خطاً رسمياً مألوفاً " انهم اشخاص خطرون يمكن ان يجتاحوا بيتك ، انهم كلاب ". لقد فقد مرسي شعبيته لأنه بدا محتكراً للسلطة و فشل في تحسين الاقتصاد .
في مكان قريب، كان الجنود اكثر تحفظاً و يتجنبون موضوع الإخوان ، لكنهم يدافعون عن استيلاء الجيش على السلطة الذي اعقب الاحتجاجات الحاشدة ضد حكم مرسي . قال احد الضباط و هو يأمر جنوده بأخذ مواضعهم على طول احد الشوارع المظلمة " الأعلام يسميه انقلابا ، لكنه ليس كذلك . نحن نستجيب لإرادة الشعب ".
يتساءل الكثير من المصريين الى اين سيؤدي هذا الاضطراب بالبلاد التي يبلغ سكانها 85 مليون نسمة، و التي تترنح من أزمة الى اخرى منذ الثورة التي أطاحت بالطاغية حسني مبارك عام 2011 .
بينما يقوم الحراس بواجباتهم و الجنود يراقبون من مسافة ، هز رجل – كان يبيع البيض قبل اندلاع المتاعب الأخيرة – يده وهو يشاهد الأخبار ، و قال " كانت الحياة صعبة في ظل مبارك ، اما اليوم فانها لا تحتمل. كيف يمكننا العيش اذا لم يكن بامكاننا التنقل ليلا و بيع البيض ؟ هل تسمى هذه حياة ؟".
عن : الديلي ستار
