TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > تنظيم " البزّوني " في العراق

تنظيم " البزّوني " في العراق

نشر في: 21 أغسطس, 2013: 10:01 م

في مقال سابق تساءلت كم كومبارس افتقدتهم مسارح العاصمة بغداد، بعد أن تحولوا إلى سياسيين ومسؤولين يريدون منا أن نعيش معهم عصر التهريج الذي لا ينتهي؟.. كم سياسياً يضحك علينا كل يوم بجمل وشعارات يستخدم فيها الدين والطائفة والمظلومية ليعيد ترويضنا؟..
كم مسؤولاً وسياسياً لا يزوره الخجل في المنام، وهو يشن هجوماً كاسحاً من اجل تحقيق مصالحه الخاصة؟
نضحك الآن على هلوسات كوميدية يقدمها ببغاوات من على الفضائيات بكثير جدا من الرطانة والجهل والقدرة على الإفتاء في كل شيء، واحتقار عقل المواطن، مع قليل جدا من المعرفة وأقل القليل من احترام مشاعر الناس، هذه هي الخلطة السحرية للعديد من منظري عصرنا العراقي السعيد، الذين هبطوا علينا مثل النسور الجائعة، الكثير منهم منتفخون جهلاً واستعلاءً على عقول الناس ومشاعرهم، يدّعون الوقوف إلى جانب الدولة المدنية، وحرية التعبير والفكر وفي الوقت نفسه لا يتورعون عن الاستخفاف بمطالب الناس ومعاناتهم.
من ذلك مثلاً أن الناس الذين يحاصرهم الخراب وفوضى الأمن والإحباطات من كل اتجاه وجدوا في دعوة النائب جواد البزوني ثقباً في جدار الإحساس بالكآبة، فاعتبروا حديثه المثير عن الأقاليم فرصة لاصطياد لحظات من الضحك.. فالنائب أكد ان الدعوة لإقامة الأقاليم تأتي من نظرته الصائبة على اعتبار العراقيين جميعا "حمير يزكط بعضهم البعض " على حد قوله، ولن تتوقف معاركهم، إلا بعزل أصناف الحمير هذه في محميات خاصة بكل نوع أطلق عليها النائب اسم إقليم..
سيقول البعض إن كلمات النائب البزوني جاءت ضمن حديث عن الأسباب التي تؤدي إلى تخلفنا ويستشهدون بما تبقى من كلماته التي جاء فيها أن، إسرائيل ظلت الدولة الأكثر قوة وأمناً في المنطقة لأنها تستعمل عقولها، فيما "نحن نستعمل غرائزنا فتحولنا إلى حمير " ولا أعتقد ان البحث عن أسباب الخراب والتخلف يمكن ان تدفع نائباً بأن يوصم ناخبيه بأنهم مجرد حيوانات.
والآن دعونا نتساءل: لو ان مواطناً تحدث بمثل هذا الكلام، هل سيسلم من غضب الساسة ورجال الفضائيات؟ بالتأكيد لا.. وبالتأكيد أيضا ان المواطن لن يفكر فيقول مثل هذه العبارات المخزية، ولن يجرؤ على قولها حتى في سره إلا عندما يكون قد ألغى الوطن من حساباته نهائيا.
سيقول لك المنتفخون الم يقل المتنبي "يا أمة ضحكت من جهلها الأمم"، وربما يذهب أحدهم إلى أبعد من ذلك، ويقول إن مثل هذا التصرف سيساهم في تحسين صورتنا عند جمعيات حماية الحيوان، وربما نحصل على دعم من النجمة الشهيرة بريجيت باردو التي ستطالب حتماً بحمايتنا من الانقراض..
للأسف معظم السياسيين في العراق يتحدثون ليل نهار عن العراق ومكانته التاريخية ومصطلحات ضخمة كبيرة، لكن 99٪ منهم تقريباً لا ينفذون شيئاً مما يقولونه، والمضحك أن خبر الحمير ليس هو الخبر الكوميدي الوحيد للنائب البزوني، وإنما كان للسيد النائب تصريح آخر أكثر خفة وطرافة، حين برر لأحد النواب تزوير شهادته الدراسية لأن هذا النائب حسب قوله "حاصل على شهادة الدراسة الحوزوية من إيران غير انه تأخر في تقديمها إلى مجلس النواب"، مؤكداً أن "زميله استكمل الإجراءات كافة بتصديقه على شهادته التي تعتبر بمثابة الإعدادية وهوفي طور تقديمها إلى البرلمان من اجل الرد على السلطة القضائية"، ولم يخبرنا النائب عن أي مجتمع يتحدث ، يتم فيه التضامن مع مزور، فإن تدافع عن شخص زوّر شهادته من اجل أن يحصل على منصب أو وظيفة ليست من حقه، فهذا نوع من أنواع الضحك على الناس، لو حدث ذلك في أية دولة محترمة لقامت الدنيا ولم تقعد.. لكنه يحدث في العراق وفي ظل نظرية البزوني، وكأن شيئا لم يكن،
الغريب أن النائب الذي صنفنا في خانة الحمير كان قد أقام الدنيا وأقعدها لأن صحفياً " الزميل ناصر الحجاج " طالب النواب بأن يتعلموا التقنيات الحديثة المتعلقة بالبريد الإلكتروني والإنترنيت، وكلنا نذكر الدعوى الشهيرة التي أقامها البزوني ضد الحجاج، لانه كتب "سنوات من الفشل المتكرر لأعضاء مجلس النواب العراقي في معرفة معنى السلطة التشريعية ودورها وعلاقتها بالسلطتين التنفيذية والقضائية، وبالسلطة الرابعة (الصحافة)، وشرح مفهوم التوصيف الوظيفي للنائب، وبالواجبات والمسؤوليات المنوطة به " البزوني الذي استفزه هذا المنشور ، لم يجد أحداً يقول له " عيب " ولم يقدم إلى لجنة انضباط في البرلمان بتهمة الإساءة لـ30 مليون عراقي ، لكن الذي حدث أن مجلس النواب صمت صمتاً مطبقاً، وهو يرى أعضاءه يتلاعبون بمصائر الناس على هواهم..
من غير المنطقي ولا المقبول أن تتساوى دعوات تنادي بالعدالة ومحاربة الفاسدين وتوفير الخدمات للناس ، وبين خطب تريد أن تسخر من معاناة العراقيين.وتصر على الدفاع عن مشروع الأقاليم ضمن مبدأ إقامة تنظيمات للحمير في العراق ، الذي سيدرج تحت خانة "العجائب والطرائف".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 3

  1. سالم صالح

    ظاهرة وصف العراقيين بالحمير ليست جديدة،،الم يصف احد كبار المسؤولين في وزارة التربية المدرسين بانهم مطاية،،،!!!!

  2. sarah

    وصفنا بالحمير..وغدا سيصفنا بكل الصفات التي بامكان لسانه البذيء النطق بها..وللاسف المواطن يلتزم الصمت !!

  3. عزيز

    اولا: كاتب هذا المقال هو الذي وصف العراقيين بالحمير وليس النائب,, ثانبا: الاقليم مطلب جماهيري بصري من اجل الارتقاء بواقع المحافظة المهموله امنياً واقتصاديا وخدمياً, وهو مطلب دستوري.. وهذا ياتي بعد فشل الحكومة المركزية وحتى المحليه المرتبطة بالمركز في توفي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: برلمان كولومبيا يسخر منا

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

باليت المدى: أسد عراقي في متحف

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

 علي حسين ما معنى أن تتفرغ وزارة الداخلية لملاحقة النوادي الاجتماعية بقرارات " قرقوشية " ، وترسل قواتها المدججة لمطاردة من تسول له نفسه الاقتراب من محلات بيع الخمور، في الوقت نفسه لا...
علي حسين

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
د. فالح الحمراني

السرد وأفق الإدراك التاريخي

إسماعيل نوري الربيعي جاك لوغوف في كتابه "التاريخ والذاكرة" يكرس الكثير من الجهد سعيا نحول تفحص العلاقة المعقدة، القائمة بين الوعي التاريخي والذاكرة الجماعية. وقد مثل هذا المنجز الفكري، مساهمة مهمة في الكتابة التاريخية،...
إسماعيل نوري الربيعي

هل يجب علينا استعمار الفضاء؟

توماس ليبلتييه ترجمة: عدوية الهلالي بالنسبة للبعض، تعتبر الرغبة في استعمار الفضاء مشروعًا مجنونًا ويجب أن يكون مجرد خيال علمي. وبالنسبة للآخرين، فإنه على العكس من ذلك التزام أخلاقي بإنقاذ البشرية من نهاية لا...
توماس ليبلتييه
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram