اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تشكيل وعمارة > بناء المدينة في العراق والحركة المتاحة للمرأة

بناء المدينة في العراق والحركة المتاحة للمرأة

نشر في: 23 أغسطس, 2013: 10:01 م

(1-2)ليس الغاية من المقال هو المطالبة بحقوق المرأة أو المساواة وإن تضمن المقال في ما يتضمن ذلك، ولكن الهدف هو لفت الانتباه الى أن المرأة وكما يُقال نصف المجتمع، وأن الاحصاءات السكانية في العراق تشير الى أن التركيب الديموغرافي مازال محتفظا ً بالتوازن

(1-2)

ليس الغاية من المقال هو المطالبة بحقوق المرأة أو المساواة وإن تضمن المقال في ما يتضمن ذلك، ولكن الهدف هو لفت الانتباه الى أن المرأة وكما يُقال نصف المجتمع، وأن الاحصاءات السكانية في العراق تشير الى أن التركيب الديموغرافي مازال محتفظا ً بالتوازن بين الجنسين، لذا فأن المرأة تشكل نصف عدد المستخدمين Users والمستفيدين Consumers من المدينة بكل مكوناتها، ولابد أن ينعكس هذا الأمر على هذه المكونات، ولا يمكن الاقتناع أو قبول الرأي القائل بأن مكونات المدينة التي تسد حاجات الرجل وتًصمم وتًشكل طبق هذه الحاجات قادرة على ســد الاحتياجات ذاتها لدى المرأة، ولا تتحقق المساواة بإلغاء خصوصيات أي من الجنسين.

تُقسم المدينة بصورة عامة الى عدد من القطاعات Districts بشكل طبيعي Natural أو عفوي Spontaneous أو من خلال عملية تخطيطية مقصودة Zoning تبعا ً للوظائف التي تنجز فيها أو لعوامل أخرى عــدة، وبعد ملاحظة الحركة Circulation الحاصلة في أجزاء المدينة هذه من قبل الجنسين – المرأة والرجل – يمكن القول بأن الرجل يتخذ من كل هذه القطاعات مجالا ً Field لحركته، في حين تكون المرأة محددة في حركتها في بعضها، وغير قادرة في أخرى، وملغاة تماماً في قطاعات وأجزاء أخرى، ويلعب عامل الأمان Safety دوراً أساسياً في تحديد خارطة حركة المرأة في المدينة. 
فما مساهمة التخطيط الحضري Urban Planning في تنظيم خارطة حركة كل من الجنسين في عموم المدينة، وخاصة في مدن كمدننا في العراق إذ يفقد التخطيط قدرته كعلم على استنفاد كامل طاقاته للسيطرة على المدينة وذلك لتدخل عوامل مؤثرة أخرى وبشكل غير منطقي في أحيان كثيرة، وبشكل مزعج ومربك أحياناً ؟ وهل يستطيع التخطيط الحضري توزيع حركتي الرجل والمرأة بشكل متعادل يضمن لكل منهما حقه وحريته في الحركة؟ وهل تصل الدقة والعمق في التخطيط الى رعاية هذا الأمر ومحاولة حل كل التقاطعات Intersections الناشئة في الشبكة المعقدة لحركة أفراد المجتمع داخل المدينة؟
تتوزع العوامل المؤثرة على دور المرأة ومكانتها في النسيج الحضري للمدينة ضمن مساحتين واسعتين مختلفتين ولكنهما متشابكتان بشكل يصعب الفصل بينهما في أحيان ومواقع كثيرة ، تكمن الاولى في العوامل الطبيعية المتعلقة بطبيعة المرأة وخصائص النسيج الحضري للمدينة ويكاد يكون هذا النوع من العوامل عاماً ومشتركاً ويعتمد معظمه كمبادىء للدراسات الحضرية، في حين تكمن الثانية في العوامل الموضوعة والمتعلقة بطبيعة المجتمع وتركيبته الثقافية وثقافة المرأة الآنية والعوامل المعاصرة ومدى قوة تأثيرها كالسياسية والدينية والاقتصادية وغيرها، ويتضمن هذا النوع عدداً لا حصر له من المتغيرات التي تظهر أو تختفي أو تعاود الظهور كالعادات والتقاليد والثقافات الآنية والمصالح المتنوعة، ولا يمكن أعتمادها كمبادىء في التخطيط ولكنها تدخل أحياناً فيه بشكل مربك له على الأغلب.
تتمثل المجموعة الاولى بالعوامل المتعلقة بتكوين المرأة الجسدي والعقلي والنفسي، فحتى في أكثر دول العالم ديمقراطية واختلاط تراعى هذه الجوانب، فقد تراعي شبكة شوارع المدينة والإسراع فيها طبيعة سياقة المرأة التي توصف بأنها دفاعية، وتخطط المراكز التجارية بما يناسب طبيعة المرأة ورغباتها في التسوق، وتصمم الحدائق العامة والمتنزهات بما يوحي بالشعور بالأمان وبالذات للمرأة. 
وتشير دراسات خرائط الإدراك العقلي Cognitive Maps الى الاختلاف الواضح في حركة المرأة وتنقلاتها ضمن شبكة المدينة عما يخص الرجل والخطوط الخاصة بحركته، فغالباً ما تشكل المحال الكبيرة والمراكز التجارية المغلقة والفضاءات العامة المفتوحة والمأهولة بؤر مهمة Focal Points في خارطة حركة المرأة، في حين تشكل المحال المنعزلة والمراكز المفتوحة ونهايات وزوايا شوارع المراكز الحضرية بؤر واضحة في حركة الرجل.
يطغى الجانب الانثوي Feminist بشكل واضح أحياناً في أجزاء من المدينة وبالذات في تلك التي ترتبط وظائفها وأغراضها بالمرأة مثل أسواق تجارة الاقمشة والالبسة وأسواق الصاغة وبعض الاماكن الدينية والمراقد أو أجزاء منها. يصل الأمر لدى بعض الفلاسفة وعلى رأسهم الفرنسي باشلار Gaston Bachelard (1884-1962) الى حد تصنيف مواد البناء الى ما هو ذكري Masculine وأنثوي Feminine وكذلك الاشكال، فالمستقيم ذكري والمنحني أنثوي، ويحتاج هذا الأمر الى الكثير من الصفاء purity والتلقائية Spontaneous والطبيعية Naturally لإدراكه، تلك المقومات التي امتازت بها مدننا التقليدية كأجزاء بغداد القديمة والكاظمية والمدينة القديمة في النجف والبصرة القديمة والتي فقدتها بتسارغ إثر عجزنا نحن – لا عجز المدن ذاتها – في مواجهة العمارة الحديثة Modernism التي اجتاحتها من دون سابق إنذار.
لقد فقدت مدننا التقليدية وخصوصا مراكزها الكثير من ملامحها اللينة – ولنقل الانثوية – والكثير من حيويتها وصفائها وتحولت الى كتل من الفوضى والتقاطعات غير الآمنة والى خليط من الماضي والحاضر من دون توافق أو انسجام والى مجموعة من النقاط والبؤر غير المريحة وبالخصوص للمرأة التي كانت أهلا لتكون غرضاً لقصائد شعراء الغزل مع احتفاظها بحشمتها وهي في خمارها الأسود لتستحيل الى عرضة للتحرش من دون أن تكتسب مزيداً من الحرية في الحركة. 
قد يُعدّ هذا حنينياً الى الماضي Nostalgia وهو كذلك ولو كان البديل أفضل من سابقه لما كانت للنوستالجية محلا، مع ذلك فأن الأمر أبعد من ذلك بكثير فأن الموروث الحضاري كان وما زال يملك طاقات هائلة للتطور مع قليل من التأني ومحاولة التحديث، ذلك الدور الذي تأهلت له مدن أخرى غير مدننا في العراق، مدن مثل أسطنبول وأصفهان ويزد وتونس ومدن أخرى حافظت على موروثها وأدخلت كل ما تحتاجه من تقنيات جديدة محاولة إيجاد الحلول المناسبة لقبولها من دون خسارة ذلك الخزين الحضاري العريق.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

الشرطة المجتمعية: معدل الجريمة انخفض بالعراق بنسبة 40%

طبيب الرئيس الأمريكي يكشف الوضع الصحي لبايدن

القبض على اثنين من تجار المخدرات في ميسان

رسميًا.. مانشستر سيتي يعلن ضم سافينيو

(المدى) تنشر جدول الامتحانات المهنية العامة 

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

إندونيسي يتزوج 87 مرة انتقاماً لحبه الفاشل 

شباب كثر يمرون بتجارب حب وعشق فاشلة، لكن هذا الإندونيسي لم يكن حبه فاشلاً فقط بل زواجه أيضاً، حيث طلبت زوجته الأولى الطلاق بعد عامين فقط من الارتباط به. ولذلك قرر الانتقام بطريقته الخاصة....
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram