TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > دشداشة أبو النفط

دشداشة أبو النفط

نشر في: 24 أغسطس, 2013: 10:01 م

العاصمة بغداد  اكتسبت صفة انتشار أعداد كبيرة من المتسولين من الجنسين وبأعمار مختلفة وبعاهات أصلية وأخرى مصطنعة ، والمشهد المتكرر في التقاطعات والشوارع العامة في عاصمة الثقافة العربية للعام الحالي ، يجسد بصورة  ثلاثية الأبعاد سيناريو فلم هندي من نوع ميلودراما الفقر والجهل والمرض ، والحظ الأسود المصخم الملطم ،  وفواجع القدر.
ولكثرة تكرار المشهد ،  بات مألوفاً ولا يثير الانتباه ،  وعطف الآخرين على وفق  القاعدة القديمة التي كانت معتمدة في باصات مصلحة نقل الركاب "ساعد الجابي بأصغر  نقدٍ كافٍ " ومن  المناسب ان يتولى الجيل القديم المهدد بالانقراض توضيح وتفسير العبارة للجيل الجديد لكي يتعرف على حقيقة ان الأجهزة الرسمية في وقت مضى كانت حريصة  حتى على التمسك  بقواعد اللغة ، فحذفت ياء" الكافي " لضرورات التنوين .
بغض النظر عما يقال عن وجود  جهات او ربما "مافيات" تقف وراء زج المزيد من المتسولين في الشوارع والمسألة لا تخلو من احتيال ، إلا ان القضية بحاجة الى معالجة فورية،  ليس باعتقال قادة  "المجادي"  كما فعل رئيس الوزراء الأسبق الراحل طاهر يحيى بذريعة الحفاظ على الهوية الحضارية للعاصمة ، وإنما بإجراءات اقتصادية واجتماعية ،  وبتعاون منظمات المجتمع المدني مع الجهات الرسمية المعنية بهذا الأمر ، وهذا الكلام "الخريط " سمعناه  من مسؤولين كبار وقادة سياسيين  ومنظمات  دولية ومحلية ، ولكثرة تكراره  تهرأ  ولم يعد صالحاً للاستخدام .
"حجي  جرايد" ابتكار عراقي للتعبير عن الاستهانة بالتصريحات والوعود الرسمية ، سواء صدرت من مسؤول  كبير في الحكومة ، او من وزير او وكيل  وحتى من قائد عسكري بدءاً من رتبة الفريق، ويقال ان العراق فيه  الآن قرابة عشرين فريقاً حصلوا على الترقية تقديراً لجهودهم في توطيد استقرار الأوضاع الأمنية ومكافحة الإرهاب ، وليس عن طريق المحسوبية والمنسوبية والانتماءات  الحزبية كما يعتقد من يؤمن بان حجي الجرائد هو شكل آخر من الخريط السياسي في بلد ميزانيته اكثر من 100 مليار دولار والمجادي فيه يشكلون النسبة الأكبر من عدد ناخبي الأحزاب الدينية .
في عقد الستينات تحرك احد الحزبيين على بائع نفط في منطقة الكاظمية يجرعربته بنفسه لعجزه عن شراء حصان  لغرض ضمه  للحزب ، وبعد مشاورات وتعهد بخوض المعترك النضالي ، وتنفيذ التعليمات الحزبية   بكل دقة ، صدر التوجيه بان  يستخدم بائع النفط  مفردة " نفطكم" ، وأثناء تجوال البائع  لتنفيذ الأمر الحزبي وهو يردد "نفطكم "اثأر انتباه رجال الأمن ، وفي مركز الشرطة "خرط عنده السوق " من أول" سطرة "   واعترف بانه كلف من قبل الرفيق" فلان " بقول  "نفطكم " ليثير انتباه الجماهير ،  ويحفزها على المطالبة بحصتها من الثروة الوطنية ، وحينذاك سيشتري دشداشة جديدة ، وتخلو شوارع العاصمة من المجادي والمتسولين. 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

شرعية غائبة وتوازنات هشة.. قراءة نقدية في المشهد العراقي

العمود الثامن: ليلة اعدام ساكو

 علي حسين الحمد لله اكتشفنا، ولو متاخراً، أن سبب مشاكل هذه البلاد وغياب الكهرباء والازمة الاقتصادية، والتصحر الذي ضرب ثلاثة أرباع البلاد، وحولها من بلاد السواد إلى بلاد "العجاج"، وارتفاع نسبة البطالة، وهروب...
علي حسين

قناطر: المسكوت عنه في قضية تسليم السلاح

طالب عبد العزيز تسوِّق بعضُ التنظيمات والفصائل المسلحة قضية الرفض بتسليم أسلحتها الى الدولة على أنَّ ذلك قد يعرض أمن البلاد الى الخطر؛ بوجود تهديد داعش، والدولة الإسلامية على الحدود مع سوريا، وأنَّ إسرائيل...
طالب عبد العزيز

ناجح المعموري.. أثر لا ينطفئ بعد الرحيل

أحمد الناجي فقدت الثقافة العراقية واحداً من أبرز رموزها الإبداعية، وهو الأديب ناجح المعموري الذي توزعت نتاجاته على ميادين ثقافية وفكرية متعددة، القصة والرواية والنقد والميثولوجيا. غادرنا بصمت راحلاً الى بارئه، حيث الرقدة الأخيرة...
أحمد الناجي

من روج آفا إلى كردستان: معركة الأسماء في سوريا التعددية

سعد سلوم في حوارات جمعتني بنخبة من المثقفين السوريين، برزت «حساسية التسميات» ليس كخلاف لفظي عابر، بل كعقبة أولى تختزل عمق التشظي السوري في فضاء لم تُحسم فيه بعد هوية الدولة ولا ملامح عقدها...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram