TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > برلمان ابو العانة !

برلمان ابو العانة !

نشر في: 25 أغسطس, 2013: 10:01 م

انه سند مكين ودعامة شديدة البأس للحملة الشعبية المتصاعدة المطالبة بإلغاء أو الحد من الرواتب التقاعدية والامتيازات المبالغ فيها لأعضاء مجلس النواب الحاليين والسابقين وسواهم من أصحاب المناصب والدرجات العليا في دولتنا الفاشلة بنظامها السياسي المعّوق بالمحاصصة والتوافقات المصلحية، الشخصية والحزبية.
ما أعنيه هو أحدث تقرير للمركز الوطني لحقوق الإنسان في وزارة حقوق الإنسان. انه يقرر أن "العراق يعتبر من البلدان الغنية بالموارد النفطية الا ان مستوى إنفاق الفرد فيه يعتبر متدنياً مقارنة بالبلدان المجاورة"، ويوضح أن "الإحصائيات تشير الى ان (18.9%) من سكان العراق هم دون مستوى خط الفقر، ويبلغ عدد السكان الفقراء (6.4) مليون نسمة ولا سيما بين سكان الريف". على اهمية هذه الارقام الا انه كان من المفيد تعزيزها بعدد ونسبة الذين هم عند خط الفقر، فهؤلاء فقراء أيضاً لانهم بالكاد يتدبرون احتياجاتهم الاساسية.
بعد عشر سنين من الخلاص من حقبة الدكتاتورية والحروب، وهو ما كان حلم كل عراقية وعراقي، وبعد عشر سنين من انتقال السلطة الى معارضين كانوا يقسمون اغلظ الايمان انهم سيحولون العراق الى جنة الله على الارض بمجرد اطاحة صدام، وبعد عشر سنين من تضاعف انتاج وتصدير النفط اكثر من عشر مرات (من اقل من عشرة مليارات دولار في السنة الى 100 مليار)، لم يزل ربع سكان العراق، بلد النفط والغاز والنهرين والاهوار والجبال والسهول والعتبات المقدسة والآثار والحضارات، فقراء يكافحون من اجل البقاء على قيد الحياة عليلين وأميين ومسلوبي ابسط الحقوق.
لماذا؟ ومن المسؤول؟
السبب أنه خلال السنين العشر الماضية لازم سوء الحظ العراقيين في العهد الجديد الذي انتظروه طويلاً فلم يحظوا بحكام شرفاء ذوي غيرة ووطنية. والمسؤول الرئيس عن هذا هو البرلمان بأعضاء دورته الحالية ودوراته السابقة.. الدستور حدد نظاماً سياسياً للبلاد ابتدع اعضاء البرلمان نظاماً مختلفاً عنه تماماً، هو نظام المحاصصة والتوافقية، وزعموا انها صيغة مؤقتة لدورة واحدة، وكذبوا كذباً سافراً في هذا. وفي هذا الاطار اهمل البرلمان الحالي والسابق استحقاق تعديل الدستور الذي كان يتعين الوفاء به منذ 2006 .. والدستور وضع في أيدي البرلمان السلطة الأعلى والاسمى في الدولة، سلطة التشريع والمراقبة، ولم يفلح هذا البرلمان لا في تشريع القوانين التي تنهض بالعراق من حقبة الدكتاتورية والحروب البائدة الى حقبة الديمقراطية والتنمية المنشودة، ولا في مراقبة الحكومات الفاسدة الحانثة باليمين الدستورية ومساءلة ومحاسبة الفاسدين.. بل انه (البرلمان) نفسه غدا بؤرة كبرى للفساد.
وعلى صعيد التشريع لم يتردد البرلمان في مطلع كل دورة في تأمين احتياجات أعضائه وامتيازاته، فيما بقيت مشاريع القوانين التي يحتاجها الشعب للتحرر من ذل الفقر والتخلف مركونة على الرفوف العالية.
وفوق هذا وذاك كان البرلمان ولم يزل ساحة لتأجيج الصراعات السياسية والطائفية والقومية، واعضاؤه دعاة للعنف والقتل والإرهاب الذي يُزهق عشرات الأرواح يومياً.
لو كان البرلمانيون الحاليون والسابقون قد وفوا بما عاهدوا الشعب عليه وكانوا ممثلين حقيقيين له ولتطلعاته، ما كان هذا الشعب سيستكثر عليهم رواتبهم الحالية والتقاعدية، وما كان سيسأل حتى لو انفق الواحد منهم مليون دولار في الشهر، فخير العراق وفير وثراؤه فاحش، لكن مشكلته دائماً في حكوماته الفاسدة التي هي الآن نتاج هذا البرلمان وسابقاته.
برلمان لا يستحي أن يظل ربع سكان العراق فقراء وجهلة ومتخلفين بعد عشر سنين من إطاحة نظام صدام لا يستحق الحياة، ولا يستحق أعضاؤه رواتب تقاعدية ولو بقيمة عانة واحدة فقط.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ali modric

    عاش لسانك ؤالله انت ؤسرمد الطاءي ابطال ؤتعبرؤن عن ما في قلؤبنا المتقيحة المكظؤمة ؤهي الاكئرية من الكسبة الجالسين في البيؤت من جراء الكساد ؤانسداد الطرق والخؤف من التفجيرات وكلامكم هذا يجعل لنا امل في هذا البلد المحطم

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram