لم تمضِ أشهر قليلة على فاصل الإثارة الذي قدمه لنا خطيب قناة الأنوار مرتضى القزويني حيث دعا حينها إلى مقاطعة شركة آسياسيل للاتصالات الهاتفية بدعوى أن الشركة دعت إلى تنظيم حفل موسيقي، والموسيقى "حرام" بإجماع مراجع المسلمين على حـد قوله.. حتى خرج علينا القزويني ثانية بفتوى مثيرة وغريبة أجاز فيها قتل الشيوعي، لأنه كافر ولا يؤمن بالله، وأن حكمه في الإسلام مثل حكم المرتد.
إذاً مطلوب من الحزب الشيوعي، وهو حزب عريق في النضال ضد الدكتاتورية، قدم خلال تاريخه الطويل آلاف الشهداء من اجل ان يتمتع القزويني وغيره بطعم الحرية.. مطلوب من هذا الحزب "الكافر" ان يتوب إلى الله، ويذهب يستجدي عطف قناة الأنوار لتجد له مكانا في الجنة التي حجزتها القناة لمستمعيها حصراً.
تطبيق فتوى الشيخ يعني أن يتوضأ ساستنا قبل ان يصافحوا أحداً من قيادات الحزب الشيوعي "الكفرة".. وان يصدر قرار بإقامة جدار عازل بين طائفة المؤمنين الذين يمثلهم القزويني، وبين "ثلة" الجاهلية الذين يمثلهم حميد مجيد موسى، ومعه مرتدون في اللجنة المركزية.
كل يوم نسمع فتاوى غريبة وعجيبة، فمرة يخرج علينا من يقول ان إقامة فعاليات ثقافية حرام في دولة إسلامية مثل العراق، وآخر يعتقد ان زواج القاصرات يساعد على تنمية قدرات المجتمع، فيما آخر اكتشف ان صوت فيروز في الصباح يجلب المصائب وهو محرم شرعاً.. أما الشيخ القزويني فقد سمعنا منه العجب، وهو يخرج علينا كل يوم بفتاوى غريبة وعجيبة من قناة الأنوار التي قررت ذات يوم ان تقوم بحملة وطنية لدعم رئيس مجلس محافظة بغداد السابق كامل الزيدي لأنه "ويطبق شرع الله"، في ذلك الحين صالت الأنوار وجالت وهي تشتم صحيفة المدى، متهمة إياها بنشر الرذيلة لأنها قادت حملة الحريات.. وسمعنا الشيخ القزويني وهو يلقي على مسامعنا مواعظ في طاعة الحاكم ، وعن الجحيم الذي ينتظرنا لو أننا خالفنا تعاليم صاحبه الحاج كامل الزيدي!
للأسف يحاول البعض أن يوهم البسطاء من الناس، المحاصرين بغياب الأمن ونقص الخدمات والبطالة ومعارك السياسيين الهزلية، إن المشكلة الحقيقية الآن ليست مع سُراق المال العام والمزورين والمرتشين وعصابات الإرهاب، وإنما المعركة الحقيقية مع الفرح والحياة والغناء والموسيقى، وأن الشيوعيين بتظاهراتهم ودفاعهم عن الحرية والقانون، هم الذين ازهقوا أرواح الأبرياء، ولم تزهقها عصابات القاعدة وميليشيات أمراء الطوائف، فإن تطالب بالعدالة الاجتماعية ومحاسبة المفسدين فهذا هو "الخراب" بعينه!
للأسف لا أدري لماذا يصرّ رجل دين في معظم خطبه على ان قضية العراقيين تتلخص في الغناء والموسيقى، فأغلب الظن أنه يتصور ان مطالب العراقيين في العدالة الاجتماعية والأمان والسكن النظيف، قد حُسمت ولم يبق في الأجواء سوى منغصات المطربين ومن لف لفهم، عندما يعتقد البعض من رجال الدين ان بناء الدولة لا يتم إلا في التخلص من كل خصومهم السياسيين، وليس في نبذ السراق والمفسدين وأمراء الطوائف، فعلينا جميعا ان نشعر بالخوف على مستقبل البلاد، لأن من يقول هذا الكلام اليوم فربما غدا يحوله إلى تشريعات تقضي برجم كل من يخالفه الرأي.
لقد ملأ البعض الأجواء بكاءً على إهدار الأخلاق وضياع الحشمة وانتشار الرذيلة، ووجه برقيات الشكر والتحايا لقواتنا البطلة التي طاردت فلول المسيحيين وهجرتهم من مدينتهم الحبيبة، ومن حقنا الآن أن نسألهم لماذا صمتوا وهم يرون أبناء هذه البلاد من إيزيديين ومسيحيين وصابئة يطردون من بلادهم تحت سمع وبصر أحزابنا الدينية التي ترفع شعار مخافة الله؟
وأسأل السيد القزويني: هل تحققت مطالب الناس بالعيش في بلد آمن ومستقر؟ وهل تجاوزنا كل الفخاخ التي ينصبها لنا كل يوم مثيرو الفتنة الطائفية ليخصص لنا السيد القزويني برنامجاً في قناة دينية لرجم الآخرين وتكفيرهم، ولإقامة جمهوريته "المؤمنة"، أم نخصص للحزب الشيوعي جزيرة لكي ننفي فيها اعضاءها من اجل صلاح البلاد والعباد؟ّ!
أتمنى على القزويني وغيره من أصحاب الفتاوى العجيبة والغريبة، أن ينصتوا إلى صوت السيد أحمد الصافي معتمد المرجعية العليا، وهو يواصل انتقاده لمعظم المسؤولين لتقصيرهم في تقديم مختلف الخدمات الأساسية إلى الناس ودورهم في سرقة ثروات البلاد.. وأن لا يشيح القزويني بوجهه عن كل الخراب الذي يعشش في مفاصل الدولة ، بلا استثناء من اجل دراهم الحكومة ومتنفذيها !
القزويني من آسياسيل إلى ذبـح الشيوعيين
[post-views]
نشر في: 26 أغسطس, 2013: 10:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 5
خليلو...
ايها الشيخ يفتي امثالك ، منذ ثمانين سنة ،، بهدر دمائهم لانهم سراق لثمرة جهد الفقراء بذرائع الغاها شرعك بعد وفاة صاحب الشرع وانت وامثالك مايزالون متمسكين بذاك الشرع المنسوخ تنتفخ رقابكم به ثم ان هؤلاء الذين تستحل دماءهم يستعبدون النساء لقضاء رغباتهم البوي
Abu Heba
القزويني ومن لف لفهم من ما يسمون انفسهم رجال دين والدين براء من هؤلاء المشعوذين الدجالين الذين ابتلى العراق بهم ، هم حفنة من التجار بالدين لا يستطيعون العيش إلا بخلق الأزمات وإقصاء الآخر ، وفقا لنظرية المؤامرة ، أناس تربوا على إذكاء الحقد والفتنة بين أبنا
متاضل العراقي
اريدان اسرد عليكم هذه القصة من صديق الان هو خارج العراق منذ 35 سنه وهو ابن أحد المراجع اًن ذاك ولكم القصة..في فجر أحد ألايام طرق بابنا شخص وكنت اتهيأ لأمتحان ألبكلوريا للصف الخامس الأعدادي وكنت اسهر الليل حتى الصباح بالمذاكرة فتحت الباب لأجد شخصا يرتجف من
تحسين المنذري
الخطورة في هذه الفتوى تكمن في إن رجال الدين يعملون الان بأمرة الاحزاب السياسية وليس العكس وذلك لما توفره السلطة والمنصب من حماية وأموال لهؤلاء ، لذلك فقد تكون هذه الفتوى بالون إختبار أو إنها كرة ثلج رميت لجس النبض ومعرفة حجم ردود الافعال تجاهها ، عليه لاب
عبود الكرمي
أن التاريخ مليء من امثل القزويني وأحداث أنقلاب الدموي في عام ١٩٦٣ الجميع يتذكرها كيف أباح بعض رجال الدين دم الشيوعي ولكن الجميع ذهبوا الى مزبلة التاريخ وضل الحزب الشيوعي شامخ لتضل القافلة مستمر و الكلاب تنبح