TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الرجال الخطرون

الرجال الخطرون

نشر في: 26 أغسطس, 2013: 10:01 م

كان في طريقه لجلب الخضار لأسرته في فترة صار فيها مجرد الخروج من المنزل جريمة كبرى..كان جيش القائد المخلوع السابق قد دخل الى محافظات الجنوب والوسط لينظفها من (الغوغاء) الذين تجرأوا على الخروج عن طاعته،ولأن المسؤولين عن التنظيف كانوا على درجة كبيرة من الحرص و(النظافة) فقد حرصوا على إزالة كل (شائبة) تعترض طريقهم حتى لوكان الفتى عصام كبير إخوته الذي بلغ السادس الإعدادي بدعوات والدته الفقيرة، والتي يتوجب عليها طعام عائلته والخروج من المنزل حتى في اقسى الظروف، فهو بريء من حمل السلاح والمشاركة في (الغدر والخيانة)لمحبوب الشعب، لكن الرجال الأبرياء هم الرجال الخطرون كما يقول الكاتب السوري ياسين رفاعيه، وهو ماجعل رجال القائد الشجعان ينزلون عصام من على ظهر دراجته الهوائية ويقتادونه الى جهة انتهى أفرادها أما الى مقابر جماعية او عادوا محملين بالإهانة والحقد..
قبل أسابيع كان فؤاد قد استعد للخروج الى البصرة بعد إجازة قصيرة في شاحنته التي يحمل فيها بضائع من علاوي(جميلة) ويعرفه معظم تجار جميلة وموانئ البصرة، كما يعرفه اغلب رجال السيطرات في الطريق اليها..كانت عمليات تنظيف مناطق (حزام بغداد) من الإرهابيين قد بدأت بقوة بعد تهريب سجناء وفرار آخرين من سجن أبي غريب والتاجي في فضيحة وجد القائد لها مخرجاً يعيد اليه بعض ماء وجهه المسكوب أمام العراقيين في القبض على اكبر عدد ممكن من الرجال الخطرين (الأبرياء) في مناطق حملت وصمة (التواطؤ وحضانة الإرهاب) كما حملت مناطق قبلها وصمة (الغدر والخيانة)..وهكذا حل فؤاد ضيفاً على رجال الجيش (المخلصين) لقائدهم، لأنه لم يفكر في الهرب فهو بريء من وجهة نظره لأنه يعيل عائلة ويتجنب كل مامن شأنه ان يؤذي أحداً من أبناء بلده، لكنه خطر من وجهة نظر القيادة ففي شهادة ميلاده يحمل وصمة الانتماء الى مناطق موصومة بالأذى..
قبل أيام خرج فؤاد من المعتقل لأنهم اكتشفوا براءته من الإرهاب بعد حفلات تعذيب كهربائية أحالت جسده الرياضي القوي الى كومة عظام مهشمة وأعصابه المشدودة الى خيوط واهية..قال فؤاد ان أبرياء مثله حملوا سمة (إرهابي) بعد اعترافات اجبرهم عليها التعذيب وآخرون قتلهم التعذيب او كاد يقتلهم لكنه كان من بين المحظوظين الذين قاومت براءتهم كل أشكال الإرهاب الحقيقي في المعتقلات..فؤاد الذي كان يذبح الدجاج الحي رغماً عنه لشدة قرفه من الدم، شاهد وشهد كل مامن شانه ان يزرع الحقد في قلبه البريء وكذا الحال مع كل من يتعرض حالياً في مناطق حزام بغداد الى إهانة في الطرق واعتقالات عشوائية وتجميد لمصادر الرزق..
يقول المثل الألماني ان الانتقام والثأر يحولان الحق البسيط الى خطأ جسيم، والمنتقم يحفر قبرين احدهما لنفسه وهو مايحدث مع قائدنا (الحكيم) ورجاله، فهم يحولون رجالا أبرياء بكل بساطة الى رجال خطرين. انهم يفسحون الطرق للارهاب الحقيقي ليعبث بالبلد، لكنهم يحاسبون أبناء بلدهم الأبرياء على جرائم انتمائهم الى مناطق سبق وخرج منها قائد (حكيم) آخر حكم شعبه بالحديد والنار ليحافظ على بقائه في السلطة فقط. أما الرجال الأبرياء فسيظلون حطباً أبدياً لجنون القادة وانتقامهم ما سيحولهم يوماً ما الى رجال (خطرين) فعلا..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram