TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لاتنسوا عدد ركعات الصباح !!

لاتنسوا عدد ركعات الصباح !!

نشر في: 27 أغسطس, 2013: 10:01 م

لم أستطع إكمال مشاهدة فديو قتل السواق السوريين الثلاثة إلى النهاية.. كنت حزينا ويائسا وأنا أرى أحد الوحوش البشرية يقرر في لحظة أن يتحول إلى وكيل باسم الله يمتحن أناسا مساكين بعقيدتهم... الرجل الملتحي الذي يريد أن يثبت للعالم أننا خير أمة في فنون القتل والذبح.. أعتقد أن عدم معرفة البعض عدد ركعات "صلاة الصبح" دليل على فسادهم، ولهذا لابد من اجتثاثهم من أجل صلاح الأمة طريقة نادرة ومبتكرة من الهمجية تخصص بها القدر السياسي في بلاد العرب والمسلمين، سيقول البعض إن فديو "قتل السواق" هو نتيجة طبيعية للصمت الخبيث إزاء ما يحدث من مجازر للشعب السوري الذي قـُتل منه حتى هذه اللحظة أكثر من 120 ألف إنسان.
منذ نصف قرن وفي لحظة إعلان "الجمهوريات العربية المناضلة" وشعوب هذه المنطقة تحولت إلى آلات حاسبة تعد كل يوم عدد القتلى والمغيبين والمهاجرين إلى المجهول.. طبعا لا يمكن حساب عدد الذين يسيرون حفاة ومعدمين.. ومنذ نصف قرن أيضاً وقادة هذه المنطقة أدمنوا أخبار الدماء ورائحة الجثث في الطرقات.. وأدمنوا معها مشاهد التعذيب وتعليق الخصوم في سجون المخابرات.. الجميع ينظر إلى شعبه على أنه جرذان وفقاعات!
الملتحي صاحب امتحان صلاة الصبح، تصوَّر أنه عندما يفشل هؤلاء المساكين في معرفة عدد الركعات.. فإنهم إنما خانوا الدين وخرجوا على المِلـَّة ، وباعتباره وكيل الله، فقرر أن يصدر أمراً يقضي باستعادة أرواحهم.
هذا كل ما في القصة، أو هذه هي القصة.. إنها حرب وكلاء الله.. أو مَن يدّعون الوكالة لله ، حرب يدفع ثمنها آلاف الأبرياء.. حيث كل جماعة أو حزب يرى نفسه ظل الله على الأرض، يقتل ويُهجِّر ويستبيح المال العام من أجل أن ترفع كلمته.. جماعات تعتقد أن طريق النصر يجب أن يُفرش بارتكاب المزيد من المذابح.. هذه قصتنا..
أنظر إلى لقطات من الفديو وأرى كيف انشغل الإعلام، على صفحاته الأولى بحرب داحس والغبراء بين الملا والصيداوي.. وخطبة إبراهيم الجعفري الذي استفزته صور جيفارا، ولم يستفزه مقتل العشرات كل صباح.. فيما خبر مقتل هؤلاء السواق والاستعراض العسكري الذي أقامته القاعدة على الطريق الدولي في الأنبار يتوارى خجلاً، ولأننا جميعا غارقون في لعبة الدفاع عن رفع صور قادة دول الجوار في التظاهرات، لم يتوقف مسؤول أو سياسي أمام الكوارث التي يتعرض لها العراقيون كل يوم.. والأخطر من ذلك أن الناس لم تغضب.. وكأننا جميعا أصابنا عطب مزمن بالضمير والأخلاق والأهم بمسؤوليتنا تجاه هؤلاء الآخرين.. اليوم نجد من يملأ الجو صخبا من أجل الدفاع عن مظلومية المعارضة البحرينية.. فيما لم يتحرك هؤلاء وهم يرون الخراب الذي يحل بالبلاد، وسوء الخدمات.. واستشراء الفساد..وتفشّي المحسوبية والانتهازية اللصوصية.. نجد الناس قد أصابها الصمم إزاء أحداث ومآسٍ بشعة ليس آخرها طبع فديو " السواق "
من أوصلنا إلى مشهد قتل الناس بسبب عدم معرفتهم عدد ركعات الصبح، ومن قبلها مشاهد كان فيها الزرقاوي ورجاله يذبحون الناس بدم بارد، فيما أُسدل الستار على جرائم " وراء السدة " وقبو وزارة الصحة وملجأ الجادرية من أجل عيون حكومة الشراكة الوطنية !
كل ما نراه من على شاشات الفضائيات من انهيار لقيم الحياة، هو صناعة سياسية خالصة، فبأيدي قادتنا الأشاوس كتبنا أسوأ صفحات في تاريخ الإنسانية، الكل يرفع "اسحقوهم حتى العظم" الكل يتماهى مع موسوليني ويصرخ: "لا مكان للعظام العفنة بعد اليوم" الكل مشغول بابتكار وسائل جديدة للقتل، لكن لغة الوحوش واحدة: لا مكان لأنفاس الناس.. هناك طريقان لبناء الجمهوريات الحديثة، إما القبر أو السجن.
شعوب تكسّرت أرواحها تحت حكم المفسدين والمستبدين، حيث لا صوت يعلو فوق صوت الذعر والفساد.. سياسيون صنعوا قطيعا من البشر يلتهمون ضحاياهم، ويتفاخرون بأنهم يُقطّعون الناس بالمنشار الكهربائي، وهو الاختراع الذي سيسجله التاريخ باسمنا.. الكل يعتقد أن طريق الجنة مفروش لأصحاب امتحان الركعات.. الكل يريد اليوم أن يفتح باباً جديدا للهمجية والوحشية باعتبارهما مفتاحاً للنصر المؤزر!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. آريين آمد

    ما دمنا نعيش في المستنقع فلن نتج سوى الخراب والدم والقتل... يا أمة ضحكت من قتلها الامم.

  2. مواطن يائس

    اليس الدين الاسلامي دين عنف لماذا نختبىء خلف المسميات ونلعن ونرعد ونزبد ان قالها غير مسلم , الم نحفظ ونحن صغارا ( اسلم تسلم ) ما الغريب في سلوك الملتحي !!!!!!!!!!! الم تسمعه في تسجيل اخر يتحدث عن هروبه من سجن المطار قبل عام يقول ( عندما تسلقت الجدار للهرب

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram