عشر سنوات عجاف مرت على سقوط بغداد، الثروة الإنفجارية في واردات النفط تعاظمت أضعافا مضاعفة، الكثافة السكانية تنامت، والعراق من تأخر إلى نكوص، إلى احتراب، إلى..إلى.
ماذا جرى ويجري ليحيق بالعراق ما حاق به من ارتداد لحافة القرون الوسطى؟ ولماذا تأخر ركبه عن اللحاق بدول مجاورة تنامت وإزدهت وإزدهرت في غضون سنوات؟
لا بد من الإعتراف إن ما من حكم على وجه الأرض نجا من قصور وإنحياز وفساد ذمم، وما من حكام ملائكة تربعوا على سدة الحكم، وترفعوا عن المغانم والمطامع والمطامح، ولماذا الذهاب بعيدا، ولنا في عراق الستينات أسوة حسنة!
أدري – يقينا أدري -- سيلعنني من يرى في سنوات حكم عبد الكريم قاسم، شططا، وديكتاتورية، وبطشا، وإسهاما بمصرع الملك البريء والعائلة المالكة، وتفريطا بوحدة العراقيين،
أدري ,, لكن مقارنة (بانورامية) للمشهد العام الحالي، تستحق من التاريخ وقفة محايدة.
أربع سنوات من حكم قاسم، حفلت بخصومات الأصدقاء الألداء، إزدانت بالمؤامرات والمكائد، دون إغفال مواقف الدول الكبرى التي هددت بجوهر مصالحها في المنطقة، ليس آخرها النفط، وليس اولها الإستحواذ على مقاليد المنطقة عبر جادة العراق .
ومحاولة الإغتيال وخيوطها السرية غير بعيد عن ذاكرة التاريخ
اربع سنوات يا سادة، لو امتدت لعشرة، لأصبح العراق في مصاف الدول الناهضة،
لن أتطرق لقانون رقم ثمانين، لن أتطرق لقانون الإصلاح الزراعي الذي أماتته الأقاويل وتقاذفته الشبهات وهو في المهد رضيع، لن أعدد مزايا الحاكم، الذي يكفيه مجدا إنه اكتفى براتبه الشخصي،يكفي إنه لم يفتح له رصيدا ماليا خارج العراق، وليس في رصيده بالعراق غير راتبه الشهري، وما وجدوا في جيوبه أكثر من بقايا دينار، يكفي إن أفراد حمايته ومرافقيه لم يزيدوا عن عشرة أنفار ,يكفي إنه كان يضطجع على حصيرة وجودلية ممدودة في غرفة متواضعة الأثاث. يكفي إن وجبته المتواضعة يتناولها من سفرطاس بيتي، يكفي إنه إكتفى ببدلته العسكرية، دون بدلات واربطة روما وباريس،وفضل بيجاما مخططة صنعت في العراق على ما عداها من حرير، يكفي إنه عاف سكنى القصور، وقبع في بيت للإيجار حتى ساعة مصرعه.يكفي أنه بنى مدنا،(بشوارعها وساحاتها وحدائقها، ودورها (مدينة الضباط واليرموك، والثورة – الصدرحاليا، والإسكان، والشعلة ,.وآوى من كان يحلم بمأوى،. - - وأرسى شواهق بنايات، (بناية وزارة التخطيط، وأسس مستشفى مدينة الطب، مثالا لا حصرا. و..و..
أربع سنوات حافلات بالإنجازات والشواهد، ولكن هل كان بإمكان قاسم أن يحقق كل هذا لوحده او بمفرده؟؟ قطعا لا، بل لإعتماده على نفر من الوطنيين ذوي الإختصاص رأوا في العراق مستقبلهم وملاذ أجيالهم، وجوابه الحاسم لأحدهم، حينما عاتبه على تكليف الدكتور عبد الجبار عبد الله برئاسة جامعة بغداد وهو صابئي: يا فلان، لقد كلفته برئاسة جامعة، ولم أعهد إليه بإمامة جامع.
إن نفعت الذكرى
[post-views]
نشر في: 28 أغسطس, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 1
حسن
لا تنسي عزيزتي ان العراقيين كشعب برمتهم هم من تربية العهد الملكي وانظري الى العراق كلما ابتعد عن العهد الملكي ازداد خرابا لماذا ننتظر عبد الكريم قاسم عشرة سنين ماذا لو بقي في ثكنتهه وامتد العصر الملكي حتى الان وتصوري كيف سيكون العراق.