اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > تحقيقات > عصابات توزع "أطفالا متسولين " صباحا على إشارات المرور وتجمعهم في المساء

عصابات توزع "أطفالا متسولين " صباحا على إشارات المرور وتجمعهم في المساء

نشر في: 30 أغسطس, 2013: 10:01 م

اضطر علي سامي 8 سنوات، التسول في شوارع بغداد من أجل تناول الطعام .الصفار يتيم مع اثنين من اشقائه وشقيقته، عملهم كل يوم بالقرب من الإشارات الضوئية يطلبون المال من كل سائق يتوقف.الطريقة التقليدية عمو، خالو، أعطني المال لتناول الطعام ،يقول الطفل الصفا

اضطر علي سامي 8 سنوات، التسول في شوارع بغداد من أجل تناول الطعام .الصفار يتيم مع اثنين من اشقائه وشقيقته، عملهم كل يوم بالقرب من الإشارات الضوئية يطلبون المال من كل سائق يتوقف.
الطريقة التقليدية عمو، خالو، أعطني المال لتناول الطعام ،يقول الطفل الصفار: في بعض الأحيان الطريقة العادية تعطيني بعض المال، وأحيانا، عندما اصر بشكل اكبر، أتعرض للضرب.

الطفل ذو الثمان سنوات يتجول في الشوارع، ويتسول في أماكن مختلفة. يقول :أنا صغير ولكن عادة ما يكون صغر سني سببا في حصولي على مال أوفر. ويضيف :أختي دائما معي ويمكننا أن نؤمن ما يكفي من الطعام قبل نهاية اليوم ".

يقول علي أنه قد بدأ التسول قبل وفاة والديه لأنهم كانوا عائلة فقيرة. قال توفيت والدته في الفلوجة في اب 2004. كانت تزور والديها عندما قصف منزلهم من قبل قوات التحالف التي تقودها الولايات المتحدة.
سقط والده مريضا فأرسل أولاده إلى التسول. مضيفا كنا وانا واخوتي إذا عدنا الى المنزل وليس معنا مع يكفي من المال، فانه يضربنا بشدة. ثم توفي والده من فشل كلوي في نيسان 2005.
يقول علي نحن سعداء بالرغم من أننا ننام في العراء، وآمل في يوم من الأيام ان تقوم الحكومة بمساعدة جميع الأطفال المتسولين في العراق.
علي هو واحد من آلاف الأطفال المشردين في جميع أنحاء العراق الذين بقوا على قيد الحياة من خلال التسول، او السرقة أو البحث في القمامة عن طعام.
فقد اتسعت في الآونة الأخيرة ظاهرة التسول وسط غياب الدور الحكومي لمعالجة هذه الظاهرة، إذ انتشر المتسولون في الشوارع .وتطورت ظاهرة التسول و"فنونها" في الاستجداء من فرد واحد في بعض الأحيان حتى وصلت الى مجاميع صغيرة تتكون كل مجموعة من ثلاثة أفراد احدهما طفل رضيع او صبي يبلغ اربع سنوات، والأخر على عربة طبية لا يتكلم والثالث يقوم بدفع العربة لاستجداء المارة، هذا احد هذه "الفنون"، وهناك فن آخر في التسول عن طريق مسك وصفة طبية والمطالبة بالمساعدة في صرف مبلغ لجلب الدواء مما يثير شفقة المقابل وإعطاء المستجدي مبالغ اكبر؛ وهناك طريقة اخرى تتلخص في ارتداء المستجدي ملابس جميلة يدخل الى المحال لطلب ثمن "أجرة سيارة" للذهاب الى أهله الذي يدعي أنهم في محافظة بعيدة وجاء الى زيارة ثم ففقد ماله!!.
الافراد والتسول
وخلال مدة من الزمن تطورت الافراد القلائل التي تمارس عملية التسول الى شبكات كبيرة ومتعهدين للنقل وتوفير الغذاء، ويستخدم متعهدو هذه الشبكات مجاميع مختارة من النساء وكبار السن والأطفال، على وجه الخصوص المعاقين منهم، في هذه التجارة المربحة التي أصبحت بنسبة كبيرة عن طريق استعطاف الآخرين. 
وقد اعتاد المواطن العراقي إذا ما وقف بأحد التقاطعات أن يتجمع على السيارة مجموعة من الأطفال منهم من يقوم بمسح نوافذ السيارة أو من يبيع المحارم الورقية او انواع البخور وقطعا من القماش ويتخذون ذلك وسيلة للتسول ولكن بطريقة تكون اقرب إلى العمل والبعض من النساء تجدهن في الحر الشديد صيفا الذي قد يصل إلى درجة تفوق الخمسين درجة مئوية وهن يحملن اطفالا لاتخاذهم وسيلة للاستجداء والتسول ومن يمر بشارع معين كل يوم أو بين مدة وأخرى يجد نفس الوجوه, ويقوم المتعهد المسؤول عن تلك الجماعات بجمع محصول التسول ليلا او نهارا او ربما يكون الجمع أسبوعيا، وإذا لم يقم احد أفراد جماعته من المتسولين بجمع المبلغ التقريبي يقوم الشخص المسؤول بمعاقبته وحرمانه من الطعام وتصل أحيانا العقوبة إلى الكوي بالنار أو الضرب.
يقول المتسول (ع. ل) ان :المتعهد سيعاقبه لو علم انه من صرح بذلك، نحن من محافظة الـ(.بصرة...) وكنا نمتهن الرقص والغناء واحياء السهرات وبعد احتلال العراق وكون الحكومة منعت (معاميلنا) حسب تعبيره من دخول قريتنا، فر الكثير من النساء والذي يتراوح أعمارهن من 13 الى 35 سنة الى بعض الدول المجاورة للعمل في الفيديو كليب او بعض المسارح والمراقص اما من بقي في القرية فهم يمتهنون التسول في المحافظات التي يكثر بها تجوال الناس مثل النجف و بغداد وكربلاء.
واضاف (ع ل) ان كل محافظة بها أكثر من (متعهد) بنا.. نعم.. متعهد او كما تسمى في لغة اليوم(مقاول) يدير أمرهم ويسهل عملية النقل والغذاء و(حمايتهم) عند الحاجة ويكون لكل منطقة مسؤول ولا يحصل العامل في الاستجداء سوى مبالغ بسيطة جدا وهي اقل من30% من ما يجنيه، والباقي إلى "الكبير" كما يسمونه حاليا.
وخلال تجوالنا في مكان آخر، وجدنا احدهم مقطوع الكفين رفض الكلام، ولكن من خلال متابعتنا له تبين انه يملك سيارة ودار سكن، ويمارس عمل الاستجداء علما انه يستلم (راتب معوق من الدولة) بحسب بعض الذين يعرفونه.
وخلال مشاهداتنا وتجوالنا، وجدنا امرأة تستجدي وهي تغطي وجهها بـ(البوشية)، فبعد ان بحثنا عن سكنها وجدناه تعيل الكثير من البنات وليس لها أي راتب او معونات من الدولة وهي تستجدي على قدر ما يكفي رمق العيش فقط، وهي من العوائل التي فقدت معيلها بمرض السرطان الذي انتشر هو الآخر في الاحياء الفقيرة.
فيما قال متسول آخر: "إنه ضحية لإحدى التفجيرات التي تركته معوقا لا يستطيع تأمين قوته إلا بالوقوف والاستجداء لضمان الحصول على المساعدة من أهل الخير (كما يسميهم)، بعد أن عجز عن مراجعة الدوائر الحكومية طلبا للمساعدة الاجتماعية.
هذه بعض النماذج التي لاحظتها ، وبعدها توجهنا لسؤال بعض المواطنين عن هذه الحالة فقال المواطن عباس الفحام: ان اغلب المتسولين هم يمتهنون التسول كمهنة وليس بدافع الحاجة فنحن لا نعرف من هو المستحق منهم.
باحث اجتماعي
فيما قال الباحث في الشؤون الاجتماعية حيدر العيساوي " لا ننكر أن ظاهرة التسول في المجتمع العراقي لم تكن بالشيء الجديد برغم أن البلد يملك ثاني اكبر مخزون نفطي في العالم , ولكن تعاقب الحروب على هذا البلد المنكوب مرورا بالحصار وأخيرا الاحتلال الأمريكي الذي زاد من حجم تلك الظاهرة في المجتمع العراقي فاصبحت منتشرة بشكل تجمعات لهم مسؤول يقوم بالتحكم بمجموعة من المتسولين البنات والأولاد ومن مختلف الأعمار ويقوم بعد ذلك بإعطاء توجيهات معينة وفي نهاية اليوم يجمع محصول عملية التسول ويعطيهم الأجر اليومي، ولقد استفحلت ظاهرة التسول بشكل خطير داخل المجتمع العراقي بسبب الفقر، والبؤس، والبطالة، والانحراف، الجهل، والطلاق، ومشاكل عائلية، إضافة إلى المشكلة والهم الرئيس وهو الاحتلال الأمريكي للعراق"
اما علي حسن احد المارة 45 سنة قال : لقد وصل عدد العاطلين عن العمل والفقراء والأيتام والأميين في العراق إلى أرقام مليونية، أيضا الأوضاع الأمنية والإرهاب والعنف وتردي مستوى الخدمات وتدهور اقتصاد البلد من بين أهم الأسباب. 
وتشير آخر إحصاءات رسمية لوزارتي التخطيط والعمل والشؤون الاجتماعية ولمنظمات دولية إلى أن ما بين 20 إلى 30 بالمئة من العراقيين يعيشون تحت خط الفقر، وان عدد العاطلين عن العمل تجاوز المليون ونصف المليون شخصا, وان نسبة الأمية تصل في بعض المحافظات إلى 40 بالمئة ، ونسبة تسرب الطلبة من المدارس تصل إلى 25 بالمئة."
تحذير الاخصائيين
ويحذر أخصائيون وباحثون اجتماعيون من تنامي ظاهرة التسول التي يرون أنها نتاج الأزمات والحروب التي مر بها المجتمع في العقود الماضية، التي ذهب ضحيتها كثير من معيلي العائلات ، فضلا عما خلفه العنف من آثار سلبية أجبرت كثيرين على التسول ، للبحث عن لقمة عيش عجزت الحكومة عن تقديم المساعدة لهم للحصول عليها .
فيما تقول سيدة في الاربعين من عمرها تسكن منطقة شعبية في شرقي العاصمة "كل يوم عندما أذهب للعمل أو لجلب أبنائي من مدارسهم، يأتي اطفال بالقرب من سيارتي يطلبون المال.
وتقول السيدة سناء حامد التي تعمل في احدى منظمات المجتمع المدني غير الحكومية : اصبح عدد الاطفال المتسولين في الشوارع ملفتا للنظر ..لا يمكن تجاهلهه باي حال من الأحوال.
واضافت "انهم يتحدثون مثل البالغين، وفي بعض الأحيان، عندما يصل الطفل الى مرحلة من الجوع ولايجد ما يسد رمقه سيضطر الى السرقة .محذرة من وجود "مافيات" تقوم باستغلال الأطفال في التسول وتوزيع المخدرات والاستغلال الجسدي والجنسي.
تدهور الوضع الاقتصادي
تدهور الوضع الاقتصادي والأمني في العراق هو السبب الرئيس للزيادة في عدد أطفال الشوارع منذ بدء احتلال البلاد في عام 2003. والمساهم الرئيس التالي هو الزيادة في عدد الأرامل.
يقول علي الماجد مسؤول في احدى المنظمات المعنية بالطفولة "إن الوضع الاقتصادي للعراقيين يتناقص شهرا بعد شهر. الكثير من الأسر تستخدم أطفالها للحصول على دخل إضافي، من خلال التسول.
ويضيف الماجد ان تزايد عدد الأرامل والأيتام، وسوء الأوضاع الأمنية زاد احتياجات الأسر . مؤكدا انه عندما لا يذهب الأطفال إلى المدرسة فليس هناك شيء يمكنك القيام به للحفاظ عليهم من الخروج الى الشوارع.
محاولات للحد من الظاهرة
وهناك العديد من المراكز العاملة مع أطفال الشوارع في بغداد ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية، بالتعاون مع المنظمات غير الحكومية، تعمل على توفير الدعم المالي أو الاجتماعي للأسر وذلك لمنعهم إرسال أطفالهم للعمل أو التسول. وهذه المشاريع هي أقل بكثير جدا، حسب معنيين بالموضوع .
وقد بذلت مساع في المجتمع العراقي للحد من تلك الظاهرة ولكن للأسف لم تصل إلى مستوى يحد منها فلابد من وضع نظام قانوني إضافة إلى اخر اجتماعي وتوعوي مع توفير فرص الضمان الاجتماعي وتوفير فرص العمل و إيداع المتسولين في مراكز للرعاية الاجتماعية وخاصة الأطفال منهم وللحد من ظاهرة التسول والتشرد أطلقت الجهات المعنية في كانون الثاني 2009 حملة موسعة شاركت فيها خمس وزارات هي حقوق الإنسان ووزارة العمل والشؤون الاجتماعية ووزارة الداخلية ووزارة العدل ووزارة الأمن الوطني، لكن تلك الحملات لم تحقق القصد منها في تقليل أو الحد منها في حين يرى آخرون من المتسولين أن الكسب السريع للتسول أفضل بكثير مما تمنحه بعض تلك الوزارات أن منحته.
وزارة العمل
الاستجابة القليلة للمتسولين أجبرت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى اللجوء إلى القانون وخاصة المادة (390) من قانون العقوبات التي تنص على معاقبة المتسول البالغ عمره 18 عاما فما فوق بالسجن لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر او غرامة مالية تعتقد وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أن تطبيق تلك المادة ربما يسهم في ردع الكثير ممن يمتهنون التسول مهنة لهم .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية
تحقيقات

لا ينبغي ان يحلق في سمائها غير طيور الحباري ..الإرهاب والمخدرات يهددان أمن الحدود العراقية السعودية

 اياد عطية الخالدي تمتد الحدود السعودية العراقية على مسافة 814 كم، غالبيتها مناطق صحراوية منبسطة، لكنها في الواقع مثلت، ولم تزل، مصدر قلق كبيراً للبلدين، فلطالما انعكس واقعها بشكل مباشر على الأمن والاستقرار...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram