بيروت/ المدى برستتقاطع التقارير الاستراتيجية والسياسية على أن الضربة الأميركيةـ الأوروبية في سوريا، التي لم تعد بعيدة، ستكون مشابهة لقصف كوسوفو في العام 1999، من دون أن تكون نسخة مطابقة لها بالصورة، من ناحية اتساعها أو في مداها الزمني.هذا الا
بيروت/ المدى برس
تتقاطع التقارير الاستراتيجية والسياسية على أن الضربة الأميركيةـ الأوروبية في سوريا، التي لم تعد بعيدة، ستكون مشابهة لقصف كوسوفو في العام 1999، من دون أن تكون نسخة مطابقة لها بالصورة، من ناحية اتساعها أو في مداها الزمني.
هذا الاعتقاد تعزز بعدما كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن "كبار مساعدي اوباما العسكريين والمدنيين تدارسوا في عطلة نهاية الأسبوع الأخير عملية كوسوفو كمسودة محتملة لعمل مماثل في سوريا".
وفي تقارير للخبراء الأميركيين أن "باراك أوباما يجد نفسه في وضع مشابه لوضع كلينتون في كوسوفو قبل 14 عاما، اذ بعد فترة تردد و تريث قرر كلينتون التدخل، لكنه كان يدرك أن ليس في إمكانه الحصول على غطاء قانوني من مجلس الأمن، نظرا لمعارضة روسيا التي تعتبر الحليف الرئيس لصربيا واستعدادها لممارسة حق النقض، ضد أي قرار في هذا الشأن، وقد لجأ إلى غطاء حلف الأطلسي، و لم تحرك روسيا يومذاك ساكنا رغم وعودها السابقة لصربيا".
بدوره يدرك أوباما أن ليس في استطاعته الحصول على ضوء أخضر من مجلس الأمن، نظرا للموقف الروسي والصيني أيضا، و بالتالي فهو سيلجأ بدوره الى الأطلسي، مع إعطاء تركيا دورا أكبرا في العملية، باعتبارها الأكثر تأثرا باضطراب الأوضاع على حدودها الجنوبية، وانسجاما مع فلسفته القائلة بأن على الدول المعنية مباشرة، و ليس الولايات المتحدة بالضرورة، تحمل العبء الأكبر في الحفاظ على الأمن الإقليمي.
وعلى غرار كوسوفو لن يتم إقحام أي قوات برية، فأوباما سيشدد مثل كلينتون على عدم سقوط ضحايا في صفوف الجنود الأميركيين، و قد ظلت حرب كوسوفو حربا جوية بامتياز، و لم يسقط للأميركيين فيها سوى قتيلين، خارج أرض المعارك، وهما جنديان كانا يتدربان في طائرة آباتشي.
وعلى سبيل المقارنة، وفي انتظار ما يمكن أن يحدث في سوريا، يذكر الخبراء بالحقائق الآتية:
ـ في حرب كوسوفو استمر القصف الجوي 87 يوما.
- شاركت في القصف أكثر من 1000 طائرة في عدادها أول طائرات بلا طيار (بريديتور).
- بلغ عدد الطلعات القتالية 38 ألف طلعة.
- كان القصف يتم من علو 10 آلاف قدم، وأكثر تجنبا لبطاريات الدفاع الجوي.
- عدّلت لائحة الأهداف وتوسعت بحيث شملت القواعد العسكرية والمصانع ومحطات الطاقة الكهربائية، وصولا في المراحل الأخيرة إلى الشاحنات الخاصة التي صادف وجودها في أرض المعركة.
- بلغ عدد القتلى من المدنيين 1200.
- ارتكبت بعض الأخطاء الجسيمة جراء المعلومات المخابراتية الخاطئة، وفي
عدادها قصف السفارة الصينية في بلغراد.
يبقى أن التساؤل الأهم المطروح في الأوساط السياسية والعسكرية في الأيام القليلة الماضية هو الآتي: ما هي أهداف الحرب ضد سوريا؟
وفي الرد على هذا السؤال، يقول الصحفي الأميركي المعروف فرد كابلان "انه السؤال المحوري الذي ينبغي طرحه والإجابة عنه قبل اتخاذ أي قرار بالتدخل مع احتساب الجهد، الذي سيبذل لتحقيق هذه الأهداف، وإذا كانت الكلفة تعادل المكاسب المتوقعة من الضربة".
وفي معرض الأجابة يذكر العارفون أنه في العام 2002 حصل سياسي مغمور يحمل اسما غريبا على شهرة واسعة في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، بعدما ألقى خطابا قال فيه أنه " لا ينبغي شن حرب على العراق لأن صدام لا يمثل خطرا مباشرا على الولايات المتحدة، ولأن الاقتصاد العراقي في حالة يرثى لها، والجيش العراقي فقد الكثير من قوته"، و دعا عوضا عن ذلك إلى "احتواء صدام كي يسقط كسائر الطغاة الصغار في مزبلة التاريخ".
هذا السياسي هو الرئيس باراك أوباما.
الى جانب باراك اوباما، وبصفته عضوا في مجلس الشيوخ قام وزير الخارجية جون كيري يومذاك برحلة رافقها الكثير من "الطبل و الزمر" إلى نيكارغوا لعرقلة خطة الرئيس ريغان، بشأن تسليح ثوار الكونترا المعارضين للشيوعيين، وأعلن في الرحلة انه "على أميركا عدم تمويل الإرهاب الذي يهدف إلى إسقاط حكومات الدول الأخرى".
وزير الدفاع الأميركي الحالي تشاك هاغل، عيّن في منصبه، بسبب معارضته قبل عشر سنوات حرب العراق، والانتقادات التي وجهها إلى بوش بشأن أسلحة الدمار الشامل.
والمفارقة أن "حمائم العراق" الثلاثة، (اوباما وهاغل وكيري) هم الذين يقرعون اليوم طبول الحرب ضد سوريا، وهذا يعني أن كل شيء قد تبدل بعد وصول اوباما الى البيت الأبيض، وأن واشنطن من فوق غير واشنطن من تحت، والبيت الأبيض من الداخل غير البيت الأبيض من الخارج، مع فارق أساسي هو أن الضربة ستكون محدودة على أكثر من صعيد مقارنة بما حصل في العراق و في ليبيا، والتقارير تتقاطع حتى الآن، على أنه لن يتم إقحام قوات برية كما في العراق، وبخلاف ليبيا يفترض أن لا يستمر القصف الجوي سوى أيام معدودة .
يعزز هذا الاحتمال أن الرأي العام الأميركي بصورة عامة يعارض التورط في سوريا، تخوفا من أن تطول فترة التدخل الأميركي كما جرى في العراق وأفغانستان، وما نتج عن ذلك من ازهاق للأرواح و هدر للمال، كما يتخوف الأميركيون من أن يكون المتطرفون هم البديل الجاهز للأسد، اذا ما أخطأت الصواريخ أهدافها السياسية