أظهرت المشاركة الهزيلة من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في مظاهرات أمس الجمعة 30 آب (أغسطس) الجاري، المؤشرات على احتضار الجماعة، وعلى أنها باتت تفتقد القدرة على الحشد، بعد اعتقال قياداتها، وارتكاب مجازر بحق أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، أثناء فض اعت

أظهرت المشاركة الهزيلة من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في مظاهرات أمس الجمعة 30 آب (أغسطس) الجاري، المؤشرات على احتضار الجماعة، وعلى أنها باتت تفتقد القدرة على الحشد، بعد اعتقال قياداتها، وارتكاب مجازر بحق أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، أثناء فض اعتصامهم في ميداني نهضة مصر ورابعة العدوية. ووقعت اشتباكات دامية بين أعضاء الجماعة وآخرين معارضين لها في عدة مناطق في محافظة مصر، في وقت يحاول رئيس اتحاد علماء المسلمين يوسف القرضاوي، إنقاذ الجماعة من حالتها، وتوجيه الدعوات للتظاهر ضد العسكر، لاستعادة ما يقولون إنها "شرعية الرئيس محمد مرسي".

فشل الحشد
فشلت جماعة الإخوان المسلمين في حشد أنصار الرئيس المعزول محمد مرسي في المظاهرات التي دعت لها يوم أمس الجمعة، في شتى أنحاء الجمهورية، فيما يعرف بـ"جمعة الحسم". وخرج المئات من أنصار الجماعة والمتعاطفين مع مرسي في مظاهرات محدودة، ووقعت اشتباكات بين مؤيدي ومعارضي مرسي في تلك المحافظات، فيما فشل الإخوان في حشد الآلاف في القاهرة في ميدان واحد، بسبب الحصار الذي تفرضه قوات الشرطة والجيش على الميادين الرئيسية في القاهرة، وإغلاق جميع الطرق المؤدية إليها، ولاسيما ميادين: التحرير، محيط قصر الاتحادية، رابعة العدوية، الألف مسكن، عبد المنعم رياض، الجيزة، نهضة مصر، مصطفى محمود

شلل بعد اعتقال القيادات
يأتي فشل أو إصابة الإخوان بالشلل في الحشد للمظاهرات، بعد أن كانت القدرة على تجميع الملايين من المصريين، أهم مفاخر الجماعة والتيار الإسلامي، بسبب الضربات الأمنية القاصمة التي تلقتها، مع فض اعتصاماتها واعتقال العشرات من القيادات العليا، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، إضافة إلى الآلاف من قيادات الجماعة الوسطى والقاعدية بالمحافظات، والتضييق الأمني الشديد على أعضائها.

المظاهرات السلمية مستمرة
وقال الدكتور جمال قرني، القيادي في الجماعة، إن المظاهرات لم تفشل، مشيراً إلى أن الآلاف خرجوا في شتى أنحاء الجمهورية من أجل نصرة الشرعية، ولفت إلى أن الأعداد المشاركة في المظاهرات انخفضت بسبب غياب القيادات الرمزية، والقمع الذي تواجهه أية فعاليات سلمية من جانب الشرطة والجيش، بالإضافة إلى العنف الذي يستخدمه البلطجية ضد المتظاهرين السلميين.
وأضاف لـ"إيلاف"، أن الإعلام الذي اعتاد على تضخيم المظاهرات المعارضة للرئيس "المعزول" محمد مرسي، هو نفسه الذي يقلل من حجم المشاركين في المظاهرات المناهضة لـ"الانقلاب العسكري". وذكر أن الشعب المصري مستمر في فعالياته السلمية ضد الانقلاب العسكري الدموي، مهما كلّفه الأمر من تضحيات.

القرضاوي يحاول إنعاش الجماعة
وفي محاولة منه لإنعاش الجماعة من حالة الاحتضار التي تمر بها، قاد الدكتور يوسف القرضاوي، القيادي الإخواني السابق، ورئيس اتحاد علماء المسلمين، الدعوة إلى الحشد والتظاهر يوم أمس الجمعة، من قطر، وألقى خطبة مطولة من مسجد عمر بن الخطاب في العاصمة القطرية الدوحة، دعا فيها المصريين إلى التظاهر ضد العسكر، وقال في خطبته: "ندعو المصريين جميعًا أن يخرجوا من بيوتهم"، مشيراً إلى أن التظاهر "فرض عين على المصريين"، ولفت إلى أن هذه الفتوى يؤيدها هو ومن معه "من إخوة في الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وعلماء الأزهر في مصر، لا أقول شيخ الأزهر ولا من كان مفتياً في زمن ما، هؤلاء ليسوا بعلماء، ويمثلون السلطة ولايمثلون الشعب، أنا أقول العلماء الذين يمثلون علوم القرآن والسُنّة، ويمثلون حقيقة الشعب وجراحه".
وأضاف موجهًا حديثه للمصريين: "كونوا مع هؤلاء العلماء، كل من له قدرة يخرج فإذا خرجتم جميعاً استطعنا أن نوقف هؤلاء عند حدهم، هذا ما ينبغي على المصريين جميعًا أن يقوموا به، لا نترك بلدنا أبدا، مصر بلدنا. والمصريون ينبغي أن يظلوا عائشين فيه أحراراً شرفاء وإما أن يموتوا شهداء فلا يعيشون مكبلين يسوقهم هؤلاء بعصيهم وسياطهم فهذا ما لا نقبله لمصري أبدا، يا أيها المصريون أنتم منصورون، والله إنكم منصورون".
وإنتقد القرضاوي الجيش المصري قائلا: "العسكر حصلوا على الأموال، وقتلوا بها الناس بغير حق، مدعين أن الشعب معهم وفي الحقيقة أن الشعب ليس معهم، وإنما مع شرعية الصندوق التي اختارت محمد مرسي"، وتابع منتقداً وزير الدفاع المصري، عبد الفتاح السيسي، وقال: "أنت يا سيسي كنت وزيرًا في عهد مرسي فكيف لك أن تعزله، فلتذهب إلى الجحيم أنت ومن معك، بعدما حنثت بقسم اليمن أمام الله".
ودعا الجيش للعودة إلى ثكناته، وقال:"أدعو هؤلاء العسكريين المتطاولين بغير حق على الشعب المصري كونوا عقلاء، عودوا إلى مكانكم، مهمة الجيش أن يحرس الحدود، أما أن يدخلوا ويحكموا البلاد فهذا وراءه الفساد كل الفساد. عودوا إلى أماكنكم.. لا ينبغي لكم أبدا أن تظلوا على رأس هذا الشعب، الشعب له من يحكمه، لا بد أن يعود الشعب ليحكم الناس عن طريق الانتخاب الحر.. ولستم أنتم من تشرفون عليه".

اشتباكات دامية
ولم تثمر دعوات القرضاوي شيئاً، ولم يخرج إلا بضعة آلاف في جميع أنحاء الجمهورية، ففي القاهرة، خرج المئات في عدة مسيرات، منها مسيرة انطلقت من ميدان الحجاز إلى قصر الاتحادية، ورفع المتظاهرون إشارة رابعة الصفراء ذات الأصابع الأربع، وصور الرئيس المعزول محمد مرسي، مكتوب عليها "مرسي رئيسي"، ورددوا هتافات منددة بالسيسي، والانقلاب العسكري، منها: "سيسي يا سيسي.. مرسي رئيسي"، "يسقط يسقط حكم العسكر"، "الانقلاب هو الإرهاب"، وتسببت تلك الهتافات في وقوع اشتباكات محدودة بين المتظاهرين، وبعض المؤيدين للجيش ووزير دفاعه.
ووقعت اشتباكات مماثلة في ميدان الخلفاوي في حي شبرا ذي الأغلبية المسيحية، أسفرت عن وقوع عدة إصابات في صفوف مؤيدي ومعارضي مرسي.
وفي الدلنجات بمحافظة البحيرة، وقعت اشتباكات دامية، استخدم فيها مؤيدو الإخوان ومعارضوهم الأسلحة النارية، وأصيب نحو سبعة أشخاص بأعيرة نارية، وتحول ميدان الساعة بمدينة دمنهور بالمحافظة ذاتها، إلى ساحة حرب بين أنصار مرسي ومعارضوه، واستخدم الطرفان العصي والألعاب النارية وأسلحة الخرطوش في المواجهات، وسقط نحو 11 مصاباً، وألقت الشرطة القبض على عدد من المتظاهرين.