إذاً ليس علينا إلا أن نسمع و نطيع، فقد تصور القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي أن العراقيين مجموعة من السبايا والعبيد في مملكته، ليس مطلوبا منهم سوى الاستماع إلى تعليماته و تنفيذ ما يأمر به، و أن يقولوا له بصوت واحد: سمعاً و طاعة يا مولانا.. أعطنا يدك لنقبّلها
المالكي لا يريد أن يقتنع بأن تغيّرا قد حصل في العراق، و أن تماثيل "قائد الحملة الإيمانية" قد أزالتها الدبابات الأميركية من الوجود، فهو مثل كثير من السياسيين و المسؤولين ينظرون إلى العالم من خلال عقولهم الضيقة، يتحدثون عن الديمقراطية من على شاشات الفضائية، لكنهم في الخفاء يعيدون بناء جمهورية الاستبداد و الخوف، يريدون أن يظل العراقيون مسلوبي الإرادة، يعيشون خائفين من الحكام.
ما حدث أمس يفضح مخططات نوري المالكي ومن معه، ويثبت للجميع أن القائد العام لا يضع الخطط لحماية الناس، و لا يسعى إلى مطاردة الإرهاب و محاصرته، وإنما خطته الأساسية تحويل العراق إلى إمارة يحكمها بصولجان القوة و سياط الاستبداد، يريدها إمارة شبيهة بإمارة الحاج عمر البشير في السودان، وإلا ماذا نسمي ما جرى تحت سمع و بصر الحكومة ومباركتها؟
ماذا نسمي صولة قوات المالكي على المتظاهرين؟.. ماذا نسمي ضرب الشباب ومطاردتهم وسرقة أغراضهم الشخصية والإساءة إلى بعض الرموز الثقافية؟.. ماذا نسمي الفعل الذي قام به أحد أفراد قوات سوات حين أصر على أن يشتم الإعلامي والقاص المعروف شوقي كريم حسن أمام سمع وبصر الناس.
حفلة بالهراوات التي جرت سواء في ساحة التحرير أو ساحة الفردوس أو ساحات ذي قار والديوانية والبصرة ليست حدثا فريدا.. فالابن المدلل للمالكي "سوات" من حقه أن يدهس من يختارهم ببساطة.. وهذا يسمونه في أعراف دولة القانون "عملاً بطوليا وطنيا"...
و دعوني أسأل المشير نوري المالكي ماذا سيقول عن هذه الأفعال الإجرامية؟.. وماذا سيقول للمتظاهرين الذين تعرضوا للإهانة والتهديد بالقتل تحت هتاف قوات أمنية تصرخ: نحن تابعون لمكتب رئيس الوزراء؟
في كل يوم يخرج علينا رئيس الحكومة ومعه أجهزته الإعلامية والأمنية وهم يحذرون العراقيين من خطر جديد اسمه "التظاهرات" وكيف أن أصحابها يريدون أن يهددوا الحياة الهانئة التي تعيشها مدن بغداد والبصرة والأنبار وميسان والحلة، وقرأنا سيلا من البيانات والشتائم تطالب بتطهير العراق من هذه الزمر المتآمرة على مستقبل البلاد، وسعى البعض إلى إيهام الناس بأن المشكلة ليست في غياب الأمن ولا في أرتال الفاسدين الذين يعششون في معظم مؤسسات الدولة، ولا في غياب أبسط شروط العيش، وإنما في أعداء النجاح المتربصين للانقضاض على المكاسب التي حققتها حكومة المالكي!
حفلة الهراوات تفسر جنون السلطة في الدفاع عن الفشل، فنحن في ظل جماعة تريد الحكم، لكنها لا تملك غير الاستبداد.. وهي في الوقت الذي تخوض فيه معركتها "المظفرة" ضد شباب التظاهرات، نجدها عاجزة عن حماية مدن العراق التي تذبح كل يوم من الوريد إلى الوريد.. وسط غفلة أمنية وصمت حكومي مخجل.. ضحايا أبرياء ذنبهم أنهم صدقوا أن المعركة الأمنية حسمتها قوات "سوات" البطلة، وأن السيد المالكي اكتشف من هم الأعداء، وسوف يقضي عليهم.
هل سأل المالكي نفسه كيف سينام العراقي على وسادته، وهو يرى رئيس مجلس الوزراء يجهز قواته لمجرد أن شباباً طالبوا بحماية البلاد من الفساد والسعي لتحقيق استقرار اجتماعي أو سياسي أو وطني؟ لم يعد يكفي إطلاقا أن يقدم المالكي للناس شيئا سوى شرطة مكافحة المتظاهرين.
لم يعد يكفي أن يقرر فرسان صولة دولة القانون، أن لا مكان للمتظاهرين في جمهورية "أبو إسراء الديمقراطية الشعبية الاتحادية".
المالكي يقرر: لا مكان لكم في جمهوريتي!!
[post-views]
نشر في: 31 أغسطس, 2013: 10:01 م
انضم الى المحادثة
يحدث الآن
الأكثر قراءة
الرأي
مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض
د. فالح الحمــراني يتمحور فكر الكسندر دوغين الفيلسوف السوفيتي/ الروسي وعالم سياسي وعالم اجتماع والشخصية الاجتماعية، حول إنشاء قوة أوراسية عظمى من خلال اتحاد روسيا والجمهوريات السوفيتية السابقة في اتحاد أوراسي جديد ليكون محط جذب لدائرة واسعة من...
جميع التعليقات 1
سيف
المزيد من التنكيل برئيس الوزراء وكيل الاتهامات.