TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > المالكي يقرر: لا مكان لكم في جمهوريتي!!

المالكي يقرر: لا مكان لكم في جمهوريتي!!

نشر في: 31 أغسطس, 2013: 10:01 م

إذاً ليس علينا إلا أن نسمع و نطيع، فقد تصور القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي أن العراقيين مجموعة من السبايا والعبيد في مملكته، ليس مطلوبا منهم سوى الاستماع إلى تعليماته و تنفيذ ما يأمر به، و أن يقولوا له بصوت واحد: سمعاً و طاعة يا مولانا.. أعطنا يدك لنقبّلها
المالكي لا يريد أن يقتنع بأن تغيّرا قد حصل في العراق، و أن تماثيل "قائد الحملة الإيمانية" قد أزالتها الدبابات الأميركية من الوجود، فهو مثل كثير من السياسيين و المسؤولين ينظرون إلى العالم من خلال عقولهم الضيقة، يتحدثون عن الديمقراطية من على شاشات الفضائية، لكنهم في الخفاء يعيدون بناء جمهورية الاستبداد و الخوف، يريدون أن يظل العراقيون مسلوبي الإرادة، يعيشون خائفين من الحكام.
ما حدث أمس يفضح مخططات نوري المالكي ومن معه، ويثبت للجميع أن القائد العام لا يضع الخطط لحماية الناس، و لا يسعى إلى مطاردة الإرهاب و محاصرته، وإنما خطته الأساسية تحويل العراق إلى إمارة يحكمها بصولجان القوة و سياط الاستبداد، يريدها إمارة شبيهة بإمارة الحاج عمر البشير في السودان، وإلا ماذا نسمي ما جرى تحت سمع و بصر الحكومة ومباركتها؟
ماذا نسمي صولة قوات المالكي على المتظاهرين؟.. ماذا نسمي ضرب الشباب ومطاردتهم وسرقة أغراضهم الشخصية والإساءة إلى بعض الرموز الثقافية؟.. ماذا نسمي الفعل الذي قام به أحد أفراد قوات سوات حين أصر على أن يشتم الإعلامي والقاص المعروف شوقي كريم حسن أمام سمع وبصر الناس.
حفلة بالهراوات التي جرت سواء في ساحة التحرير أو ساحة الفردوس أو ساحات ذي قار والديوانية والبصرة ليست حدثا فريدا.. فالابن المدلل للمالكي "سوات" من حقه أن يدهس من يختارهم ببساطة.. وهذا يسمونه في أعراف دولة القانون "عملاً بطوليا وطنيا"...
و دعوني أسأل المشير نوري المالكي ماذا سيقول عن هذه الأفعال الإجرامية؟.. وماذا سيقول للمتظاهرين الذين تعرضوا للإهانة والتهديد بالقتل تحت هتاف قوات أمنية تصرخ: نحن تابعون لمكتب رئيس الوزراء؟
في كل يوم يخرج علينا رئيس الحكومة ومعه أجهزته الإعلامية والأمنية وهم يحذرون العراقيين من خطر جديد اسمه "التظاهرات" وكيف أن أصحابها يريدون أن يهددوا الحياة الهانئة التي تعيشها مدن بغداد والبصرة والأنبار وميسان والحلة، وقرأنا سيلا من البيانات والشتائم تطالب بتطهير العراق من هذه الزمر المتآمرة على مستقبل البلاد، وسعى البعض إلى إيهام الناس بأن المشكلة ليست في غياب الأمن ولا في أرتال الفاسدين الذين يعششون في معظم مؤسسات الدولة، ولا في غياب أبسط شروط العيش، وإنما في أعداء النجاح المتربصين للانقضاض على المكاسب التي حققتها حكومة المالكي!
حفلة الهراوات تفسر جنون السلطة في الدفاع عن الفشل، فنحن في ظل جماعة تريد الحكم، لكنها لا تملك غير الاستبداد.. وهي في الوقت الذي تخوض فيه معركتها "المظفرة" ضد شباب التظاهرات، نجدها عاجزة عن حماية مدن العراق التي تذبح كل يوم من الوريد إلى الوريد.. وسط غفلة أمنية وصمت حكومي مخجل.. ضحايا أبرياء ذنبهم أنهم صدقوا أن المعركة الأمنية حسمتها قوات "سوات" البطلة، وأن السيد المالكي اكتشف من هم الأعداء، وسوف يقضي عليهم.
هل سأل المالكي نفسه كيف سينام العراقي على وسادته، وهو يرى رئيس مجلس الوزراء يجهز قواته لمجرد أن شباباً طالبوا بحماية البلاد من الفساد والسعي لتحقيق استقرار اجتماعي أو سياسي أو وطني؟ لم يعد يكفي إطلاقا أن يقدم المالكي للناس شيئا سوى شرطة مكافحة المتظاهرين.
 لم يعد يكفي أن يقرر فرسان صولة دولة القانون، أن لا مكان للمتظاهرين في جمهورية "أبو إسراء الديمقراطية الشعبية الاتحادية".

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. سيف

    المزيد من التنكيل برئيس الوزراء وكيل الاتهامات.

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram