دخلت الأزمة التونسية عنق الزجاجة بانتهاء المهلة التي منحتها المعارضة للحكومة للاستقالة دون التوصل إلى اتفاق يحول دون تكرار السيناريو المصري وإسقاط الحكومة في تونس حيث توعدت المعارضة بتصعيد احتجاجاتها حتى إسقاط حكومة حركة النهضة إن لم تستجب لمطالبها.
دخلت الأزمة التونسية عنق الزجاجة بانتهاء المهلة التي منحتها المعارضة للحكومة للاستقالة دون التوصل إلى اتفاق يحول دون تكرار السيناريو المصري وإسقاط الحكومة في تونس حيث توعدت المعارضة بتصعيد احتجاجاتها حتى إسقاط حكومة حركة النهضة إن لم تستجب لمطالبها.
وكان نواب المعارضة المنسحبون من المجلس الوطني التأسيسي، أعلنوا في 24 أغسطس، دعوتهم إلى حل الحكومة المؤقتة الحالية، في أجل لا يتجاوز 31 من الشهر الجاري.
وتقف استقالة الحكومة حجر عثرة في المفاوضات الجارية بين الائتلاف الحاكم في البلاد، المعروف باسم "الترويكا"، والذي يرفض هذا المطلب، وبين المعارضة التي تعتبره شرطاً أساسياً، قبل انطلاق الحوار بينهما.
حل الحكومة هو مطلب أساسي من بين حزمة مطالب تقدمت بها جبهة الإنقاذ الوطني التي تضم تنظيمات المعارضة بعد الأزمة السياسية الخانقة التي دخلت فيها البلاد إثر اغتيال محمد البراهمي، النائب المعارض بالمجلس التأسيسي، يوم 27 يوليو على يد "متشددين".
ومن أسباب الأزمة أيضاً، إصرار حركة النهضة على استبعاد خصمها الأول، حزب "نداء تونس"، بواسطة قانون العزل السياسي، وكذلك علاقة الحركة بـ"الحركات المتشددة"، حيث حضر ممثلون رسميون من الحزب كل فعاليات تنظيم "أنصار الشريعة" والذي أعلن مؤخرا اعتباره تنظيماً إرهابياً، فيما بدا محاولة من الحكومة لامتصاص الأزمة.
وكان راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، قد أعلن الأسبوع الماضي موافقته على استقالة الحكومة الحالية واستبدالها بأخرى محايدة، وذلك في تراجع لافت عن مواقفه السابقة شمل أيضا قانون العزل السياسي الذي يُعرف في تونس باسم "قانون تحصين الثورة".
وقال الغنوشي في حديث بثته قناة "نسمة" التونسية إن النهضة "تقبل ﺑﺤﻞ اﻟﺤﻜومة اﻟﺤﺎﻟية بشرط أن يكون اﻟﺒديل ﺟﺎهزاً، حتى لا تُترك البلاد في حالة فراغ".
وأوضح "لقد قبلنا مقترح الاتحاد العام التونسي للشغل المتعلق بحل الحكومة، ولكن قلنا تعالوا للحوار لبلورة طبيعة الحكومة، من سيرأسها ما هي مهماتها ولن نتراجع عن هذا الموقف".
وأضاف أن ذلك يتم "بالحوار الذي يمكن ان يتواصل لمدة شهر واحد يتم فيه تشكيل هذه الحكومة وتحديد موعد للانتخابات".
ويعتبر هذا الموقف تراجعاً كبيراً عن مواقف الحركة السابقة، إلا أنه لا يرقى لدرجة الاستجابة لمطلب المعارضة الذي ينص على ضرورة استقالة الحكومة الحالية قبل البدء في أي حوار لمناقشة بقية القضايا الخلافية العالقة.
وينذر عدم التوصل إلى توافق بتصعيد موجة الاحتجاجات ونقلها إلى أعتاب مقر الحكومة وتوسيع نطاقها أيضا في المحافظات التونسية حيث يرابط أنصار المعارضة أمام عدد من المقار الحكومية للدعوة إلى رحيل الولاة والمعتمدين، وكبار المسؤولين الذين تم تعيينهم على أساس انتمائهم الحزبي.
وكان النواب المستقيلون من المجلس التأسيسي قد هددوا بنقل "اعتصام الرحيل"، الذي ينظمونه، من ساحة "باردو" إلى ساحة القصبة، قبالة مقر الحكومة في حالة عدم تجاوب حركة النهضة الاسلامية بحلول نهاية المهلة.
وأعلن الاتحاد العام التونسي للشغل السبت عدم التوصل إلى اتفاق بين الجانبين.
وقال حسين العباسي، رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) إن الاتحاد سلم المعارضة اقتراحاً من الترويكا ، وسيسلم لاحقاً هذه الترويكا اقتراحاً من المعارضة يتضمن تصور كل طرف للخروج من الأزمة.
وفي ختام اللقاء مع عباسي صرح حمة الهمامي الناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية الذي يمثل المعارضة أنهم "ردوا على اقتراحات الترويكا" مضيفاً أنهم قدموا مقترحات "فعلية وملموسة تستجيب للوضع المتأزم انطلاقاً من مبادرة الاتحاد العام التونسي للشغل".
ولم يكشف عباسي والهمامي الأفكار التي يجري تداولها بين الفريقين.
إلا أن الهمامي أكد مع ذلك صحة "التسريبات في الإعلام" التي تقول أن حركة النهضة مع حليفيها العلمانيين اقترحوا أن تقدم الحكومة الحالية استقالتها في نهاية سبتمبر في ختام "حوار وطني" للاتفاق على تشكيلة الحكومة المقبلة وعلى النقاط الخلافية الأخرى مثل الدستور الجديد والقانون الانتخابي.
وتم تجميد عمل المجلس الوطني التأسيسي، ووافقت حركة النهضة بعد امتناع دام بضعة أسابيع على مبدأ استقالة حكومة علي العريض.
وتتهم حكومة العريض بأنها فشلت في ضبط الأمن بمواجهة تنامي الحركات الإسلامية الجهادية، كما فشلت في المجال الاقتصادي في حين أن المطالب الاقتصادية كانت في صلب الثورة التونسية التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي في يناير 2011.
وكانت الحكومة السابقة بقيادة حركة النهضة أيضاً أجبرت على الاستقالة بعد اغتيال المعارض شكري بلعيد في فبراير الماضي.