بعد مُجاملات مُخجلة، تبادلها وزراء الخارجية العرب في كلماتهم، أثناء اجتماعهم "الطارئ"، الذي انعقد بعد عشرة أيام من ارتكاب مجزرة الغوطة الكيماوية، قرر المجلس البقاء في حالة انعقاد دائم، لمتابعة تطورات الأوضاع في سوريا، لكن المجلس الموقر لم يُفلت الفرصة، فدعا الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للاضطلاع بمسؤولياتهم، وفقاً لميثاق المنظمة الدولية وقواعد القانون الدولي، واتخاذ الإجراءات الرادعة واللازمة ضد مرتكبي هذه الجريمة، التي يتحمل مسؤولياتها النظام السوري، ووضع حد لانتهاكات وجرائم الإبادة التي يقوم بها هذا النظام منذ عامين، وطالبوا بتقديم كافة المتورطين عن هذه الجريمة النكراء لمحاكمات دولية عادلة، أسوة بغيرهم من مجرمي الحروب، وبتقديم كافة أشكال الدعم المطلوب للشعب السوري للدفاع عن نفسه، وضرورة تضافر الجهود العربية والدولية لمساعدته.
في التفاصيل، تبنت السعودية الدعوة إلى اتخاذ قرار حاسم، بدعم التدخل الدولي العسكري في سوريا، وأيّد الدعوة كما هو متوقع رئيس الائتلاف الوطني السوري المعارض، وزاد رُبّما لكسب التأييد الخليجي، بأن معركة سوريا يجب أن تكون بوابة لصد التدخل الإيراني في المنطقة، وتعهد وكأنه يمتلك السلطة، بأن يقوم الجيش الحر بعدها بمهمة تطهير سوريا، بينما عارضت مصر والجزائر ولبنان الدعوة وتحفظ العراق على تحميل النظام السوري المسؤولية، وعلى دعوة الأمم المتحدة إلى الاضطلاع بمسؤولياتها، وفي الأثناء تجمع مئات المتظاهرين أمام مبنى الجامعة رفضاً للضربة العسكرية الخارجية، التي يدعو لها الوزراء ضد دمشق.
أمين عام الجامعة، المنفصل عن الواقع بالتأكيد، يتوهم كما أعلن ذلك بفخر واعتزاز وثقة، أن جميع دول العالم تنتظر موقف الجامعة من النظام السوري، بعد استخدامه للأسلحة الكيماوية، وأن جامعته تدعم مطالب الشعب السوري في الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية، وتسعى لحل الأزمة عبر الانتقال السلمي للسلطة، ويستوجب هذا تذكير الأمين بأن لا أحد في العالم ينتظر موقف جامعته المهترئة، فقد اتخذت أميركا وبريطانيا وفرنسا وتركيا قرار التدخل، ثم قرارات التراجع أو تأجيل ذلك، قبل أسبوع كامل من اجتماع مجلس وزراء خارجيته "الطارئ"، الذي صرف وقتاً ثميناً في شكر البحرين على تجديدها أثاث قاعة الاجتماعات في الجامعة، وعلى مُجاملات للحاضرين تستحضر مآثر آبائهم تحت التراب.
نقف ضد التدخل الخارجي في الأزمة السورية، عربياً كان أو غربياً، ليس لتضامننا مع نظام الأسد، ولا لوقوفنا ضد طموحات السوريين في الديمقراطية والحرية والعدالة، وإنما بسبب النتائج الكارثية لهكذا تدخل، يمكننا مطالعتها في العراق وليبيا واليمن ومصر أيضاً، وإذ نقر بأن الجامعة العربية كانت الأحق بمتابعة الأزمة السورية، لتأثيرها على الأمن القومي العربي، فإن علينا الاعتراف أنها بتركيبتها ووضعها الراهن، لا تمتلك هذا الحق، خصوصاً مع خضوع قراراتها لأجندات بعض الدول، التي تشتري المواقف بثروات أبنائها، بحثاً عن أدوار ليست على مقاسها، ولا هي بحجمها.
كان أفضل لو انصرفت الجامعة إلى القشور، بدل التذلل للغرب لأداء دور، كان من صميم مهامها وواجباتها، إن كانت تعرف فعلاً مهامها وواجباتها.
الجامعة العربية إذ تنطق كُفراً
[post-views]
نشر في: 2 سبتمبر, 2013: 10:01 م