TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بائع السميط" التعيس"

بائع السميط" التعيس"

نشر في: 2 سبتمبر, 2013: 10:01 م

بعد تهجير أسرته من حي الدورة ، ونسف منزلها  في أيام  الاحتقان الطائفي ، لم يجد حيدر هاشم من وسيلة لتوفير دخل العائلة اليومي إلا بالنزول الى الشارع،  وبيع السميط في  التقاطعات وجسر الجادرية ، وفي بعض الأحيان ، يتوجه الى مسطر  عمال البناء في حي العامل ، الشاب انهى دراسته الإعدادية ،قبل عامين ، ولم يستطع الدخول الى الجامعة ، وكان يأمل ان يستعيد  الأب  قواه من  الإصابة بأكثر من مرض مزمن، ويعود لعمله في ورشة الحدادة  ،  ليأخذ على عاتقه دفع إيجار منزل يقع في عشوائيات حي المعالف بأطراف الكرخ .
أثناء استراحة  حيدر وقت تقل حركة المركبات في التقاطعات ، يضع صينية السميط بجواره  ويطلب من زميله بائع الجرائد صحيفة،  ليطلع على ما فيها من  أخبار،  تتعلق بتعويض  المتضررين من الأعمال الإرهابية ، وأثناء  البحث عن الخبر او التصريح المطلوب، يستسلم لغفوة صغيرة ،  ثم سرعان ما ينهض مذعوراً نتيحة سماع زعيق  ينطلق من منبه سيارة ذات دفع رباعي،  تعود لاحد المسؤولين،  لطالما تمنى حيدر ان تقف  السيارة احتراماً للإشارة الحمراء ،  فيتوجه لمن فيها ليحدثه عن  مشكلة أسرته ومساعدتها بترويج معاملتها  المقدمة الى الجهات المعنية منذ العام 2007 للحصول على تعويض مالي جراء التعرض لعمل إرهابي .
بائع الجرائد في ساحة الحرية في الكرادة  ابدى استعداده لمساعدة زميله أبو السميط ،لان الأول يتسلم يوميا مئات الصحف الصادرة  من أحزاب مشاركة في الحكومة ليوزعها مجاناً، وعمله اليومي هذا جعله يتعرف على أشخاص ينتمون لتلك الأحزاب ، لربما تدفعهم العقيدة والأفكار والمبادئ لمد يد المعونة لحيدر حين يدعوهم لمساعدته ويعطيهم صورة موجزة عن  مشكلته المستعصية .
بائع السميط  التعيس علق آماله على جهود زميله ، عسى ان يلتفت القدر ليخلصه من واقعه الراهن ، فوضع الأمنيات على لائحة الانتظار كغيره من العراقيين في تحقيق الفرج ورفع المظلومية  عن ضحايا العمليات الإرهابية وجرائم التكفيريين ، متشبثاً ببصيص أمل قد يجده في يوم ما منشوراً على شكل مانشيت عريض في صحيفة توزع  مجاناً في التقاطعات العامة ، او أثناء بث خبر عاجل من فضائية عراقية  تتناول أحداث البحرين يوميا ، وتدين ممارسات نظام المنامة  لانتهاكه  حقوق الإنسان ، و لقمعه التظاهرات المطالبة بالديمقراطية  وتحقيق العدل والمساواة .
في تفجيرات حي العامل الأخيرة كان حيدر قريباً من الحادث فأصيب بجروح ، واثر ذلك نقل لاحد المستشفيات ، وخرج مصاباً  بكسور في قدمه اليمنى ، مع توصية وإرشادات من الأطباء بالتوقف عن الحركة ،  وتناول نوع من الغذاء يحتوي على الكالسيوم، والشاب  تجاهل قول الأطباء ، لأنه لحظة ذاك كان يفكر كيف يصل الى منزله في حي المعالف ، وليس في جيبه مايدفعه لسائق سيارة الأجرة.
بائع السميط التعيس تصلح قصته لمسلسل  تلفزيوني  تنتجه الفضائية المعروفة  بخطابها المستمر في الدفاع عن المظلومين في العراق والبحرين وقطاع غزة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram