TOP

جريدة المدى > عربي و دولي > المقامرة

المقامرة

نشر في: 3 سبتمبر, 2013: 10:01 م

هناك خمسة عواقب كبيرة لدعوة الرئيس أوباما الكونغرس الأميركي لاتخاذ قرار بشأن التدخل الأميركي في سوريا. يبدو ان سياسته تجاه سوريا تتسم باجراءات لم تنفذ   و قرارات لم تتخذ، ما جعله يتخذ واحدا من أهم و أعمق القرارات في فترة رئاسته و هو التصريح با

هناك خمسة عواقب كبيرة لدعوة الرئيس أوباما الكونغرس الأميركي لاتخاذ قرار بشأن التدخل الأميركي في سوريا. يبدو ان سياسته تجاه سوريا تتسم باجراءات لم تنفذ

 

و قرارات لم تتخذ، ما جعله يتخذ واحدا من أهم و أعمق القرارات في فترة رئاسته و هو التصريح بانه يحتاج الى موافقة الكونغرس قبل اتخاذ أي إجراء ضد النظام االسوري نتيجة اطلاق قنابل الغاز على ابناء شعبه، حيث انه اتخذ خطوة يبدو ان لها عواقب مضاعفة و عميقة منها :

 

1- الهجوم على سوريا ليس رهاًنا أكيداً
يبدو ان الاجراء العسكري ضد سوريا، و الذي بدا " أكيدا " يوم الجمعة، غير مؤكد. و اذا ما كان من المقرر حصول الضربات فان تأخيرها – رغم نفي اوباما - سوف يجعلها أقل فاعلية. و رغم ان الرئيس ووزير الخارجية جون كيري في ملاحظاته يوم الجمعة قد قدما حججا مقنعة للأجراء الأميركي في سوريا، فان الكونغرس قادر على إيجاد أسباب للتقاعس والتحزب و الاعتراضات غير المثمرة . اليمين و اليسار المتطرف للأحزاب المعنية لا يميلون الى التدخل ؛ الأكثر تشددا لا يميلون الى اجراءات محدودة . كما ان الكثير من الجمهوريين لا يميلون الى أي شيء قد يساعد اوباما . الأكثر من ذلك، ان التطورات في التردد شبه المؤقت من قبل الحلفاء الآخرين يمكن ان يجعل الولايات المتحدة تبدو اكثر عزلة او يجعل تأثير الهجمات يبدو أقل من المرغوب فيه . كل هذه الأمور يمكن ان تساهم في التصويت بـ " كلا " ما يجعل من الصعب جدا على الرئيس ان يغير المسار او ان يتخذ الإجراء في أية حال من الأحوال . اذا ما اقنعت الإدارة الكونغرس في دعم الأجراء العسكري، فان ذلك سيبدو انتصارا للرئيس. لكنه قد يعطي نظام الأسد اسبوعين او ثلاثة للإعادة نشر ما لديه و الاختفاء ما يجعل الهجوم المرسوم حاليا ذا نتائج محدودة .

 

 

2- الخطوط الحمر لم تعد كما كانت 
الرئيس محاصر فيما يتعلق بخطوطه الحمر المفترضة عن استخدام الأسلحة الكيمياوية، ما يزيد في تقليل مصداقيته. عندما اقترح اوباما أولا خطا أحمر ، فقد ذكر ان نقل الأسلحة الكيمياوية او استخدامها أمر لا يطاق و لا يمكن احتماله الا ان النقل و الاستخدام قد حصل – حسب تقارير موثوقة – في مناسبات عدة منذ ذلك الوقت و لم تتخذ الولايات المتحدة أي اجراء .و كان الحادث الأخير الذي وقع في 21 آب من الفظاعة لدرجة من المستحيل الاستمرار بغض النظر عنه خاصة و قد أتبعه حادث آخر في 26 آب . يبدو ان اتخاذ اجراء هو الوسيلة الوحيدة التي تجعل الرئيس يبدو وانه رجل يعني ما يقول . لكن بعد ذلك و في اواخر الاسبوع الماضي- حيث احجمت بريطانيا عن دعم واشنطن و كان الرأي العام المحلي يبدو معارضا لأية مشاركة اميركية في سوريا - استولت على الإدارة روح التردد التي بلغت ذروتها يوم السبت . حتى لو وقعت الهجمات، فسيضاف تحذير جديد لأي تحذير مستقبلي قد يقوم به الرئيس: سنتصرف – اذا ما اختار الكونغرس ضعيف الذاكرة الذهاب معه .

 

 

3- انه الآن محاصر لما بقي 
من ولايته
أيا كان ما سيحدث فيما يتعلق بسوريا، فان اكبر عواقب الإجراءات التي سيتخذها الرئيس سيتردد صداها على مدى سنوات. لقد استبعد الرئيس قدرته، خلال ما بقي من ولايته، على القيام باجراء عسكري دون استحصال موافقة الكونغرس. من المعلوم ان العديد من الذين عارضوا الاجراءات التي اتخذها الرئيس دون موافقة الكونغرس بموجب قانون سلطات الحرب، سيرحبون بهذا النهج الاستشاري لأوباما و الذي يبدو من المؤكد انه اكثر انسجاما مع نوع التعاون التنفيذي المتوخى من الدستور . 
مع ان اميركا لا تحتاج في الواقع الى موافقة الكونغرس كي تستخدم القوة العسكرية منذ زمن الحرب العالمية الثانية، فان القرارات السيئة للرؤساء السابقين تجعل خطوة اوباما تستهوي المنهكين من الحرب و القلقين منها . لكن سواء أوافقنا على الخطوة ام لم نوافق، يجب ان نقر بان اوباما قد وضع هذه السابقة – عمل عسكري محدود بكل المعايير ( يومان فقط و دون انزال قوات على الأرض و اطلاق ربما 100 صاروخ كروز على عدد محدود من الأهداف العسكرية )- و سيكون من الصعب عليه القيام بأي شيء اكثر من ذلك دون الرجوع ثانية الى الكونغرس لاستحصال الدعم ، سواء أكان التصويت القادم لصالحه أم لا .

 

 

4- هذا الرئيس يطلب إعادة الصلاحيات إلى مكتبه
لقد قلب اوباما عقودا من السوابق فيما يتعلق بطبيعة صلاحيات الحرب الرئاسية، في الحقيقة انه ينقل مسؤولية السياسة الخارجية الأميركية الى كونغرس منقسم و عاجز عن الحوار المتعقل او عن اتخاذ اجراء ، و اكثر كونغرس فيه خلل في التاريخ الأميركي الحديث . 
تم التكفل باجراء الرئيس في ليبيا دون هذه الموافقة، و كذلك توسيع برامج الطائرات الأميركية المسيرة . فهل ان الاعمال الهجومية في المستقبل تتطلب موافقة الكونغرس ؟ كيف سيكون رد فعل الكونغرس اذا ما حاول الرئيس ان يختار تاريخ تطبيق هذه السابقة؟ 
تصور ان جون بونر كان اكثر وضوحا من اي شخص في الإدارة حول وضع توقيت لأي اجراء محتمل ضد سوريا مع تصريحه بان الكونغرس لن يستأنف اعماله قبل عودته في 9 أيلول الى واشنطن. ربما الأهم من ذلك، ماذا سيتوقع كونغرس المستقبل من رؤساء المستقبل ؟ اذا ما التزم اوباما بهذا النهج الجديد خلال السنوات الثلاث المقبلة، فهل سيفتقر خلفاؤه القدرة على التصرف بسرعة من تلقاء أنفسهم ؟ مع ان الرؤساء السابقين قد انتهكوا بلا شك صلاحيتهم في سلطة الحرب عندما اتخذوا اجراءات ما و طلبوا موافقة الكونغرس خلال ستين يوما ، فاننا نعيش اليوم في عالم مضطرب ؛ احيانا يتطلب الموقف الأمني اجراء سريعا . 
لازال الرئيس يمتلك قانونيا ذلك الحق ، لكن قرار اوباما– سواء أكان جيدا أم سيئا – في رد صلاحية الرئاسة ربما فعل اكثر مما فعله اي من سابقيه او مما فعله الكونغرس على مدى عقود .

 

 

5- من المحتمل ان يتضرر الموقف الدولي لأميركا 
نتيجة لكل ما ورد اعلاه، حتى لو "كسب" الرئيس و اقنع الكونغرس في دعم اجراءه المحدود في سوريا، فقد تتراجع أميركا عن كونها عاملاً ذكياً و قوياً على المسرح العالمي، و ان رئيسها هو رجل تحمل كلمته ثقلا كبيرا. و مرة اخرى ، سواء أعجبنا التحول أم لا ، فان أميركا ما بعد العراق و ما بعد افغانستان أقل ميلا للمشاركة في أي مكان، لكن عندما يتعلق الأمر باستخدام الولايات المتحدة للقوة العسكرية فاننا نصبح اقل احتمالا للعمل او في كل الأحوال اقل احتمالا للعمل السريع. انه موقف من المحتمل ان يدخل في حسابات اولئك الذين كانوا ذات يوم يخشون استفزاز الولايات المتحدة . 
نتيجة اخيرة هي انه يبدو من المؤكد ان سياسة اوباما الخارجية ستكون مؤطرة بعدم التدخل و تركز على فك الارتباط عن الشؤون العالمية مما ستكون له عواقب سياسية كبيرة في عام 2016 . 
ان الجدلية تتأرجح من نهج بوش في التدخل الى ابتعاد اوباما عنه . الآن سيكون السؤال ما اذا كانت التركيبة الوسطية ستظهر لتعيد فكرة كون الولايات المتحدة قادرة على امتلاك سياسة خارجية قوية و حكيمة و قادرة على التصرف و تحترم القوانين و الأعراف الدولية. بالتأكيد هذا هو ما يسعى اليه اوباما، لكن هناك شك في ان الآخرين ، بينهم وزير خارجيته السابق، قد يسعون الى نهج مختلف . 
في الواقع قد نشهد انقسامات داخل الحزب الديمقراطي حول الأمن القومي، تظهر كتصدعات بارزة في المعارك الرئاسية بين كلينتون و بايدن لعام 2016 . و لك ان تتصور كلنتون مقابل راند بول في الانتخابات العامة .

 

عن : فورن بوليسي

 

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقتل إعلامية لبنانية أمام المحكمة

تقرير "إسرائيلي" يصوب نحو الخريطة الجديدة: جاء دور العراق

صحيفة أمريكية: العراق مصدر خطر على المسيحيين

صحيفة عبرية تكشف عن "تواصل" بين الأسد والموساد

صحيفة تكشف عن تحالف مرتقب يضم "إسرائيل" وأميركا والسعودية

مقالات ذات صلة

إيران تحذر من تحوّل سوريا إلى

إيران تحذر من تحوّل سوريا إلى "ملاذ للإرهاب"

متابعة/ المدى حذر وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، اليوم الجمعة، من تحول سوريا الى "ملاذ للإرهاب". وقال عراقجي في تصريح صحفي: "نرفض أي نوع من التدخل الأجنبي لتفادي عدم تحول سوريا إلى ملاذ للإرهاب...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram