TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الصادق إمام الشيعة والسُنَّه

الصادق إمام الشيعة والسُنَّه

نشر في: 3 سبتمبر, 2013: 10:01 م

تمر هذه الايام ذكرى وفاة الإمام العالم أبو عبد الله جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب الذي انتقل الى جوار ربه عام 148 للهجرة، وتنقل عنه كتب المؤرخين الثقاة أنه كان من كبار علماء المدينة المنورة، وأكثرهم تواضعاً وتراحماً وتلاحماً مع الناس. تجلّت فيه صفات بيت النبوة بشكل فطري وفي ذلك ما قاله عنه عمرو بن أبي المقدام "كنت إذا نظرت إلى جعفر بن محمد، علمت أنه من سلالة النبيين"، فكان يصدق إذا تحدث، ويقدّم الناسَ على نفسه. كما كان عالماً فقيهاً احتل مكانة رفيعة بين علماء المسلمين كافة، وكانت حلقته الفقهية في المدينة تجتذب علماء المسلمين من كافة المذاهب، ودرس فيها إمامان لمذهبين من مذاهب أهل السُنَّة هما أبو حنيفة النعمان ومالك بن أنس، وغيرهما كثيرمن علماء السُنة.
كان الصادق عالم فلك وفيزياء، وأديباً ومتكلماً وفيلسوفاً وطبيباً، وكيميائياً يقال إن أبا الكيمياء جابر بن حيان تتلمذ على يديه، وفي مناظرات مجالسه الفقهية تأسست المذاهب الإسلامية التي نعرفها اليوم، حيث اتسمت بالمناقشة المهنية وقرع الحجة بالحجة، وتميزت حلقات الدرس في تلك الفترة بأنها كانت تشهد نشاطات في علوم الدنيا والدين، وفي تلك المجالس كان الصادق على تواضعه، معتزاً بعلمه الغزير، حريصاً على أن تستفيد منه الأجيال اللاحقة، فكان يحث الناس على العلم والتعلم والاستفادة من العلماء بقوله "سلوني قبل أن تفقدوني، فإنه لا يحدثكم أحد بعدي بمثل حديثي".
غالباً ما يطرح البعض سؤالاً عن عدم انتشار مذهب جعفر الصادق بين أهل السُنة، وهو واحد من أئمتهم، أخذ عنه أبوحنيفة ومالك وغيرهما، وكان قوله معتبراً عندهم قديماً وحديثاً، فمن طالع كتب المحدثين والفقهاء يجد النقل والرواية عنه وعن أبيه الإمام الباقر كثيراً، كما يجد الاعتراف بإمامته في كتب الفقهاء والمؤرخين، فقد وصفه الذهبي في السير بأنه شيخ المدينة، ونقل عن أبي حنيفة أنه قال فيه "ما رأيت أحدا أفقه من جعفر بن محمد"، ولا يؤشر عدم انتشار مذهبه بينهم إلا على أن أصحاب المذاهب السُنّية الأربعة، حظوا بمن يدرس مذاهبهم وينشرها ويؤلف فيها ويأتي بأدلتها، علماً بان الكثير من الأئمة لم يحظوا بهذا، بل إن بعض الصحابة، وكثيراً من التابعين لم يشتهر لهم أتباع، ولم تدون أقوالهم في مؤلفات منفردة، غير أن الثابت الأبرز أن الإمام الصادق ظل معتبراً ومحترماً عند أهل العلم جميعا.
سياسياً عاش الإمام في فترة حرجة للغاية، شهدت سقوط الدولة الأموية وقيام العباسية، لكنه بحنكته العالية، حافظ على مسافة كافية تفصله عن الحكام، رغم سعيهم إلى التقرب منه لأسباب سياسية وإنسانية، إلا أنه فضّل التفرغ للعلم، والبقاء بعيدا عن معترك السياسة، في مرحلة انتقالية كانت لها ايجابيّات و سلبّيات و إفرازات وانقسامات وتغيّرات طرأت على هيكل الأمة، استغلها الامام للتدريس و فتح جامعته الضخمة في مسجد جدّه الرسول، حيث جاء طلبة العلم بالمئات ليحضروا دروسه وقدر عدد طلبة جامعته بأربعة آلاف حصلوا على حاجتهم من علوم الفقه و الاحكام الشرعية، وعلم الكلام وبعض المسائل الاعتقادية، وعلوم الطب و الكيمياء و تفسير القرآن والحديث وغيرها، واستطاع أن يصنع طبقة كبيرة من المثقفين و العلماء.
هل فينا اليوم من يتعظ بسيرة الأمام الصادق؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

عمليات بغداد تغلق 208 كور صهر و118 معمل طابوق وإسفلت

أسعار الصرف اليوم: 143 ألف دينار لكل 100 دولار

ترامب: أوقفتُ 8 حروب وأعدتُ "السلام" للشرق الأوسط

الأنواء الجوية: انتهاء حالة عدم الاستقرار وطقس صحو مع ارتفاع طفيف بالحرارة

حصار فنزويلا ينعش النفط… برنت وغرب تكساس يقفزان في آسيا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram