أكثر الأخبار قراءة على الوكالات المعارضة الايرانية، منقول عن صحيفة ألمانية بسند متصل الى مخابرات بلادها، ومفاده ان مسؤولا لبنانيا كان يشرح لنظيره الايراني، عبر وسيلة اتصال خضعت للتنصت، ان الاسد "في لحظة عصبية امر بضربة كيمياوية محدودة لمسلحين من المعارضة على ابواب دمشق، لكن الضابط المسؤول عن الضربة لم يكن خبيرا بما يكفي، فاستخدم كمية كيمياوي اكثر بكثير من المطلوب، تفشت وانتشرت وقتلت المدنيين بالمئات". ثم يأخذ الرجلان ببحث سبل "تخطي خطيئة الأسد".
لم يعد هذا مهما الآن. ولكن كم خطأ عبر التاريخ، جعلنا نغطس في العار، وننشغل بنهش اجساد بعضنا، عن واجبات متأخرة وضعتنا خارج التاريخ؟ الشعوب لم تصبح على هذه الحال السيئة، لولا زعماء استخدموا وسائل الحماقة "بأكثر من الكمية المطلوبة". لم يعد المهم هو الكيمياوي او من استخدمه. الاخطاء في عقول صانعي السياسات اخطر من كل القنابل النووية. لقد قصف زعماؤنا شعوبهم بالنووي مليون مرة، انطلق من حماقاتهم الذهنية ورسم الايام السوداء ومستويات الشلل والتخلف. لا فروق كبيرة بين شيعة وسنة، عرب وعجم. كل الحكايات بدأت بمحاولة تصميم "ضربة محدودة" حماية للامة. وكل "الفرسان" الذين جرى تكليفهم بذلك لم يكونوا خبراء بالاشياء المحدودة، لاننا امة مبذرة تأكل كثيرا وتنام كثيرا وتهذر كثيرا، ومن الطبيعي إنها تقتل، حين تقتل، "كثيرا" وليس في وسعها تصميم مواجهات محسوبة بتدبير.
حتى هزائمنا التاريخية أمام الغرب، كان من المقرر ان تبقى محدودة، لكن قواعد المواجهة انفلتت، وحيث كنا متأخرين ١٥٠ عاما عن الافرنجة في القرن الثامن عشر، حسب مؤرخ لا أتذكره الان، اصبح الفارق بيننا وبينهم زمنا لا تقيسه الأعداد الحسابية المتعارفة.
هكذا شعرنا بأن لا جدوى من البناء، لان الهزيمة خرجت عن السيطرة، فبدأنا عمليات هدم وتحوير لواقعنا البالي، وكنا نرغب ان تظل تلك العمليات محدودة، لكننا سرعان ما تورطنا في مواجهة كل الدول العظمى، وبعد كل هزيمة كنا نعود لننتقم من الشعب سجنا وقمعا وقتلا.
ولأننا يئسنا من تحقيق المجد في سباق الامم، قرر الكثير من شبابنا ان ينخرطوا في "ذبح مقدس" اعتذارا للالهة من العجز. ولذلك فإن اكثر الأخبار قراءة لدى العرب اليوم، تقرير فرانس برس عن ذباح النصيرية الذي ظهر في الفيديو الشهير لاختبار عدد الركعات. من هو القاتل الذي اسفر عن وجهه؟
تقول الوكالة انه الشاب شاكر الفهداوي المولود عام ١٩٨٦. كان عمره ٢٠ عاما ويدرس علوم الحاسبات في جامعة الانبار، حين اتهم عام ٢٠٠٦ بأنه يعمل مع جماعات العنف فاختفى في سجن بوكا المطل على خور عبدالله في ام قصر، بعدها نقلوه الى سجن تكريت، فنجح في الهرب خلال الحادثة الشهيرة للفرار الجماعي. ولم يظهر الا في فيديو الركعات، حيث قتل سائقي شاحنات سوريين من الطائفة النصيرية التي نشأت داخل الجدل الكلامي في البصرة قبل ألف عام، ثم تبعثرت هنا وهناك.
ومن المؤكد ان لشاكر هذا اما وأبا فرحا حين حصل على قبول في الجامعة عام ٢٠٠٤، وراحا يتخيلان مستقبله كخبير في الحواسيب، وربما كان شاكر يحب الرياضيات، لكنه بسبب شعور الهزيمة، لم يجد اي شهية لاستخدام المعادلات في كتابة السوفتويرز، بل اخضعها لسؤال الموت، مستفهما عن عدد الركعات، ومصدرا قرار إعدام ضحية لم تكن ماهرة في الحساب الديني!
الشاب شاكر الفهداوي وعمره اليوم ٢٧ عاما، انخرط بسرعة، في نادي صانعي الاقدار السوداء لهذه الامة. من المنطقي انه لم يفكر في البداية، الا في "ضربات محدودة" لدبابات اميركا، غير انه ومثل الضابط الكيمياوي في سوريا، لم يكن خبيرا في تصميم "الضربات المحدودة"، فانتهى به الامر يقطع الفيافي، وهو يرتجز شعر الحماسة مع الغيلان، ويذبح الفاشلين في "اختبار الرياضيات".
"ذبح محدود" للشيعة وللسنة
[post-views]
نشر في: 3 سبتمبر, 2013: 10:01 م
جميع التعليقات 4
عمر الدليمي
سيدي. العزيز مع احترامي ،أسلوبك في التعليق و الكتابة على عملية القتل التي قام بها المجرم الإرهابي شاكر الفهداوي ،تعطي انطباع خاطئا لا اعتقد انك قصدته ،كنت أتمنى ان تكون أكثر حدة و جدية في موضوع أقشعرت له أبدان كل من شاهد هذه الجريمة،سيدي ان أقلامكم يقرأ
علي صفاء
يذكر أن شاكر الفهداوي هو نفسه من صعد منصة المتظاهرين في الأنبار و راح ينشد نشيد إحنا تنظميم أسمه القاعدة , نككطع الراس و نككيم الحدود والأغبياء المتحلقين حوله يرددون بببلادة منقطعةالنظير وراءه هذا النشيد. الا يستدعي منك هذا الحدث موقفاً يا طائي؟ أم أنك
ابوجهاد
الاخوة القراء لا يوجد عاقل في العالم يدافع عن المجرم فضلا عن المثقفين ولكن الاخ سرمد اراد ان يبين بان الانحراف الذهني المغفول عنه يؤدي الى قراءة الامور بشكل مقلوب ليوصل من لايراجع نفسه الى الاجرام بحق نفسه ونوعه وهذه الطريقة في الكتابة تبشر بخير نطق به ال
سعد الدباغ
الدولة من تصنع الارهاب.