TOP

جريدة المدى > سينما > الدراما التلفزيونية انتعاشه تنتظر الدعم والتواصل.. شبكة الإعلام العراقي نموذجا

الدراما التلفزيونية انتعاشه تنتظر الدعم والتواصل.. شبكة الإعلام العراقي نموذجا

نشر في: 4 سبتمبر, 2013: 10:01 م

كان لشهر رمضان الفضيل هذا العام نكهة اخرى اذ استطاعت بعض الاعمال الدرامية العراقية وبالذات تلك التي عرضت من على شاشة تلفزيون العراق ان تستقطب جمهورا غفيرا من المتابعين والمهتمين وحين نتحدث عن الدراما التلفازية فاننا بالتأكيد نتحدث عن الدراما ذات النو

كان لشهر رمضان الفضيل هذا العام نكهة اخرى اذ استطاعت بعض الاعمال الدرامية العراقية وبالذات تلك التي عرضت من على شاشة تلفزيون العراق ان تستقطب جمهورا غفيرا من المتابعين والمهتمين وحين نتحدث عن الدراما التلفازية فاننا بالتأكيد نتحدث عن الدراما ذات النوعية المتميزة والمؤثرة التي تخاطب المتلقين بروح المعرفة والتوعية والحرص الوطني اذ أن مهمة الدراما هي في الاساس توعوية وتنويرية ومشيعة لروح المتعة والبهجة الراقية , نجح تلفزيون العرق هذا العام في التخطيط والتهيئة لانتاج وتقديم مسلسلات وبرامجيات درامية امتاز البعض منها بأنه اقترب من المسكوت عنه في تأريخ العراق السياسي والاجتماعي وقد جاءت تلك الاعمال بخطابها الإنساني العميق بمثابة تحذير وتنبيه وتذكير بأن السكوت عن الخطأ والصمت ازاء التعسف وغض النظر عن الانحراف والفساد بمثابة الخضوع لعودة الدكتاتورية والنفخ في قامات الأقزام ليتعملقوا ويستأسدوا ويحيلوا احلام البسطاء الى رماد.
ولعل اهم عملين تم تقديمهما من قناة العراقية هذا الموسم هما ( رباب ) و( أعماق الأزقة ) في جزئه الثاني والذي يتناول الاحداث في مدينة الثورة وكلا النصين للكاتب المبدع باسل الشبيب والذي يعد وجوده مكسبا للدراما العراقية لما امتازت به كتاباته من التقاط ذكي لمواضيع ساخنة في الذاكرة الاجتماعية والسياسية العراقية ولقدرته ومهارته في نسج الحبكة الدرامية ومعالجة الأحداث بإيقاع متواتر وحيوي وبنائه لشخصيات درامية متنوعة في نسيجها السيكولوجي وتحولاتها الدرامية وابداع حوار درامي يمنح النص الدرامي والشخصيات في المتن الحكائي تميزها وابعادها الاجتماعية والطبيعية و الشبيب واحد من كتاب عراقيين يمتلكون المهارة والدربة في قيادة الاحداث وتفعيلها من امثال الكاتب الكبير صباح عطوان الذي قدم للدراما العراقية انضج النصوص واجملها اضافة الى الكاتب المتميز فاروق محمد  الذي كان له دوره في ترسيخ حضور الدراما التلفازية والذي حصدت نصوصه التلفازية الجوائز الذهبية في المهرجانات العربية المخصصة للاعمال التلفازية والكاتب الاخر الذي ترك بصمة في تأريخ الدراما هو عادل كاظم اضافة الى كتاب اخرين غيبهم الموت مبكرا كالراحل معاذ يوسف والراحل عبد الباري العبودي واذا كان الموت قد غيب هذه القامات العراقية الكبيرة الا ان الاهمال والتقلبات السياسية افقدتنا هي الاخرى اسماء لابد من رعايتها والالتفات اليها ودعوتها لتقديم منجزها لخلق حالة من التنوع والتعدد في الرؤى والمعالجات الدرامية  كالكاتب الكبير عبد الوهاب الدايني والكاتب المتنوع علي زين العابدين  ومع ذلك علينا ان لانغفل وجود قامات ابداعية مهمة تتواصل في عطائها  كالكاتب المبدع والمجدد حامد المالكي الذي رفد الدراما التلفازية بأعمال حققت صدى طيبا عند عرضها وكذلك الكاتب احمد هاتف وعبد الخالق كريم  وسعد هدابي ولايمكن ان نغفل ابداعات الكاتب المجيد  قحطان زغير والتي تمتاز بتنوعها وجمعها ما بين الكوميدي والتراجيدي بمهارة وحرفية عالية ,  هذا العام كانت شبكة الاعلام العراقية جاهزة وبشكل مبكر لتقديم اعمال تلفازية تنوعت ما بين الاعمال التي تتناول التأريخ العراقي القريب  سياسيا واجتماعيا وما بين اعمال شعبية كوميدية وبرامجيات ترفيهية وحوارية وان كان هناك مأخذ كبير على بعض من هذه البرامجيات الحوارية بكونها قد تحولت الى منابر دعائية للشخصيات السياسية والبرلمانية والملاحظة لاتتوقف عند شبكة الاعلام العراقي فقط بل ان اغلب الفضائيات العراقية في شهر رمضان اوقفت اكثر برامجها لتلميع صورة هؤلاء السياسيين والبرلمانيين وكأن هناك توصية واتفاق ضمني بهذا الخصوص خضعت له اغلب الفضائيات بل ذهبت بعض الفضائيات وبشكل يدعو للعجب الى منح برامج في اوقات ذهبية لسياسيين سابقين فكأنها تهيئهم للانتخابات البرلمانية الجديدة وتفرضهم ثانية على العراقيين المساكين !!! وعودة الى شبكة الاعلام العراقية وما قدمته خلال هذا الموسم الرمضاني المبارك فقد استطاعت هذه القناة ان تستوعب في اعمالها عددا كبيرا من الفنانين العراقيين ليعملوا داخل الاراضي العراقية وداخل البيئة العراقية التي طالما اكدنا على أهميتها لمنح العمل التلفازي مصداقيته وتأثيره الحقيقي بعد ان كنا نعيب على الاعمال المنتجة خارج الرحم العراقي أنها تفتقر الى البيئة والمحلية الخصوصية للمجتمع العراقي , جاءت إنجازات شبكة الاعلام العراقية مدروسة ومنظمة وتستند الى تخطيط معرفي واضح فقد بدأت موسمها في فترة مميزة للعمل في بداية الشهر الثاني من هذا العام 2013 حيث الجو بارد بدلا من حر تموز ولهيب اب وأغلب الممثلين والفنيين متفرغين للمشاركة في الاعمال التي تسند اليهم لاسيما وان الشركات التي تعاملت معها الشبكة تميزت بمهنيتها العالية واحترامها للقدرات العراقية فكان أن منحت فرص العمل لفنانين مقتدرين كانوا مبعدين ومقصيين لاسباب تتعلق بطبيعة العلاقات الشللية وليست القدرات الابداعية , وكفاءات شبابية ابعدتنا عن تكرار الوجوه   , أثبتت حضورها الفاعل كشركة الشرق الاوسط  للفنون وشركة قمر الزمان اضافة الى أن شبكة الاعلام تولت من خلال كوادرها العاملة انتاج اعمال درامية اخرى وقد استعانت الشبكة بالكفاءات العربية من مخرجين تلفازيين في رغبة منها للانفتاح على القدرات العربية المعروفة لاتاحة الفرصة للشباب العراقي للتعرف والاستفادة من هذه الكفاءات المهنية وأن كنا نأمل أن تكون فرص العمل متاحة للمخرجين العراقيين اولا لانهم أصحاب حق في وطنهم وفي اموالهم والتي هي من المال العام  اذ أن لدينا مخرجين عراقيين متميزين يستحقون ان  يمنحوا فرص العمل وهم اهلا لها كالمخرج فارس طعمه والمخرج عزام صالح  والمخرج جلال كامل واكرم كامل وحسن الماجدي الذين غابوا عن خارطة المشهد الفني العراقي وغياب بعضهم زاد عن السنتين , وقد تميزت الدراما العراقية هذا العام ايضا انها ومن خلال المسلسل الذي استقطب اغلب المتفرجين العراقيين داخل العراق وخارجه ( رباب ) الذي تصدى لعرض معاناة شريحة اجتماعية هم الكرد الفيلية من خلال عائلة رباب والحيف الذي وقع عليها والذي جسده بأبداع نخبة من الفنانين العراقيين تقف في مقدمتهم الفنانة المتميزة اسيا كمال والفنان القدير عزيز خيون والفنان المثابر غانم حميد والفنانة القديرة اقبال نعيم والفنان سعد مجيد صاحب المهارة المشهودة وايضا الفنانة القديرة هناء محمد ومجموعة متميزة من الفنانين الاكراد ولعلها المرة الاولى التي يشارك فيها فنانون اكراد في عمل بهذا المستوى وادوار بهذه المساحة فكان أن تألقوا واجادوا فيها   اضافة لوجود المجموعة اللاعبة من الشباب الماهرين في ادوار متنوعة , وقد كان باسل الشبيب ماهرا في صياغة احداث هذا المسلسل الذي توقف عند شريحة اجتماعية تشكل واحدة من الوان الطيف العراقي ونجح المسلسل بقيادة الفنان المبدع علي ابوسيف الذي استطاع ان يمسك بمهارة وحرفية عالية قيادة فريق العمل وان يحافظ على ايقاع متدفق وتشويق معتنى به مما منح المسلسل زخمه الدراماتيكي الذي شد اليه جمهور المتلقين في كل مكان ,  اما المسلسل الاخر لمبدعه الشبيب فقد كان اعماق الازقة وهو الجزء الثاني والذي يتصدى لاحداث مدينة الثورة والتي دفعت هي الاخرى ثمنا باهظا من دماء ابنائها  ومن راحة اهلها وما جرى من حيف وجور على الاكراد الفيلية جرى على ابناء بغداد والجنوب  ,ان وقع الظلم وضراوة الاستبداد لايفرق بين فرد واخر اذ ان الطغاة لايملكون بصيرة للتمييز بين هذا وذاك بل  يعتبرون كل صوت مناوئ ومعارض انما هو مصدر خطر يهدد كراسيهم ويطيح بنفوذهم وينال من سلطتهم ,  ضم المسلسل اكثر من خط درامي تشابك وتضارب لخلق حالات الصراع والمواجهة والصدام بين تلك الشخوص المتعددة والمتنوعة والتي صيغت بمهارة كبيرة وبين ما يحيط بها من شخصيات قامعة  ,جاء الاخراج للفنان الاردني ايمن ناصر الدين ليمنح المسلسل قدرته على التأثير من خلال خلق حالة الشد والترقب والمهارة في الحفاظ على ايقاع ساخن ومشدود وزوايا تصوير موفقة وجميلة والعناية الواضحة في تركيبة المشهد على وفق دلالة ومعنى والقيادة الناجحة لفريق عمل متمكن ومجتهد من فنانين وفنيين , وقد تميز الاداء في هذا المسلسل بالعفوية والتلقائية المتأتية من الفهم الواعي والانتماء المثقف للعمل الفني ولا يسعنا الا ان نشيد باداء الفنانة المبدعة الاء حسين والفنان الماهر سنان العزاوي والاداء المتميز  للفنان محمد هاشم والفنانة بتول عزيز واسيل عادل ويقف معهم الفنان القدير صاحب الحضور المتميز عبد الجبار الشرقاوي والفنان اياد حامد وجمال الشاطئ ومعهم مجموعة الشباب التي تميزت بحضورها وفاعليتها  , خطوة مباركة تلك التي اقدمت على تنفيذها شبكة الاعلام العراقية والتي استطاعت من خلالها استقطاب المتلقين وتشكيل حضور مهم في  عالم السماوات المفتوحة ونأمل ان يكون التخطيط ديدن الشبكة للمقبل من المواسم الرمضانية وغير الرمضانية وان تسعى لتسويق العمل العراقي لاهمية ذلك لان التسويق للعمل العراقي يعني اظهار الصورة الحقيقية لواقع المجتمع العراقي والحياة العراقية والتعريف بطبيعة النسيج الانساني الذي يجمع ابناء الوطن الواحد كما ان التسويق يمنح الجهة المنتجة القدرة على استثمار المردود المادي الناتج من تسويق تلك الاعمال لانتاج اعمال اخرى جديدة وبذلك تخلق استدامة الانتاج الدرامي  وتنوعه , كما ندعو الشبكة الى الاستعانة بأصحاب الخبر والكفاءات العراقية للتخطيط وتنظيم المواسم الدرامية بعلمية ومعرفة بالجدوى والاهمية والنتائج , مبارك لكل الجهود الطيبة التي بذلت لتقديم الصورة اللائقة لمجتمع عراقي كما نحلم به ونتمنى له  وليس كما تحاول الاجندات المدفوعة الثمن تصويره.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

كتائب القسام تعلن "استشهاد" قائدها محمد الضيف

ترامب: لم ينج أحد من حادث اصطدام المروحية وطائرة الركاب قرب مطار ريغان

"الاتفاق غائب".. تعديل الموازنة يدفع الى انقسام نيابي

برشلونة يعلن رسميا تجديد عقد بيدري حتى 2030

مكتب السيستاني: يوم غد الجمعة هو الأول من شهر شعبان

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram