TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > صولة "سواتية "

صولة "سواتية "

نشر في: 4 سبتمبر, 2013: 10:01 م

في بيانات القيادة العامة للقوات المسلحة ، أثناء الحرب العراقية الإيرانية ، كانت تستخدم مفردة صولة باستمرار في صد هجوم أو تعرض تصدى له الصناديد من "أبنائكم الشجعان " في قاطع البصرة أو العمارة ، وعلى إيقاع صوت المذيع عبر شاشة التلفزيون الرسمي أثناء قراءة البيان بحماسة ترتفع نبضات قلوب الأبناء والأمهات ،وهناك من تراوده الهواجس والمخاوف ، من عواقب الأمور ، ولاسيما ان كبار السن في سنوات الحرب، كانت تنتابهم قشعريرة حين يسمعون رنين جرس الهاتف الأرضي ،فالمتصل في ساعة متأخرة من الليل في كثير من الأحيان لا ينقل أخبارا سارة ، وليس من المستبعد في الصباح أن تقف سيارة أمام المنزل ، تحمل تابوتا مغطى بالعلم العراقي.
انطباعات معظم العراقيين عن الصولات على اختلاف مسمياتها سابقا ولاحقا ، ليست حسنة ،فهي بالنسبة لهم نذير شؤم ، وحصد أرواح بريئة ، وإجبار الكثيرين على الانضمام إلى الجيش الشعبي لنيل " شرف المشاركة" في القتال على الجبهة الشرقية لخوض المعركة المصيرية ، وفي كثير من الأحيان، تكون الصولات مفتاحا لتنفيذ حملة اعتقالات، وملاحقة معارضين للسلطة بمزاعم الحفاظ على الأمن القومي وإحباط المخططات التآمرية .
عادة ما تكون الشعارات الصادرة من جهات رسمية ، أو الحزب المتنفذ في السلطة خطوة تمهيدية ، لتهيئة الأجواء الملائمة لتنفيذ الصولات ، وبعد نكبة الخامس من حزيران، رفع شعار "كل شيء من أجل المعركة" ، وعندما استفسر أحدهم عن معنى الشعار ودلالاته ،والدور الشعبي في تحقيقه جاء الجواب " الاستعداد للكونة " بمعنى آخر تحشيد كل الجهود لخوض حرب ضد إسرائيل، وبمرور الزمن وخاصة في الساحة العراقية أخذ شعار الصولات طابعا محليا ، وكان آخرها ملاحقة الخارجين على القانون من عناصر الميليشيات ، والجماعات المسلحة ، لغرض فرض دولة القانون بكل الوسائل المتاحة ، وكلفت قوات" سوات" وغيرها بهذا الواجب ، فأثارت "الصولة السواتية" وممارسات عناصرها ، اعتراض قوى مشاركة في الحكومة ، لانتهاكها حقوق الإنسان واعتقال أبرياء من دون صدور مذكرات قبض قضائية ، وبغض النظر عن احتمالات وجود دوافع سياسية أو طائفية تقف وراء الاعتراض، شهد التاريخ العراقي للمرة الأولى رفضا شعبيا لصولة السلطة ، لأن سجل" سوات" بنظر الناشطين المدنيين ، أعاد إلى الأذهان الممارسات القمعية السابقة لأنها لا تنسجم مع الدور المفترض للمؤسسة الأمنية في "العراق الجديد ".
من المؤكد أن إنجازات الأجهزة الأمنية في القبض على المطلوبين المتورطين في ارتكاب جرائم ، وملاحقة الجماعات التي تهدد امن المدنيين ، تحظى بدعم وتأييد شعبي ، وأية صولة في هذا الإطار ستعزز ثقة العراقيين بقواتهم المسلحة، أما إذا كانت الصولات تستهدف البرلماني السابق عبد فيصل السهلاني وغيره ، فإنها ستثير القلق والمخاوف من" صولة سواتية" مرتقبة ، لا يعلم أحد هل تطول الإرهابيين أو المطالبين ببناء عراق جديد؟ والإجابة على السؤال ربما ستكون في سنة ظهور مذنّب هالي.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. الناصري

    نحن بحاجه إالى ثوره أعلاميه ضد الفاسدين والفاشلين أظهروا على الفضائيات وتكلمو بهذا الكلام لأسقاط الفاسدين والفاشلين

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram