TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > حاجتنا إلى وزراء من كولومبيا

حاجتنا إلى وزراء من كولومبيا

نشر في: 4 سبتمبر, 2013: 10:01 م

طبعاً تتوقعون مني أن أكتب عن منجزات النائبة عالية نصيف ، وخطب الصيهود، وابتسامة عباس البياتي، قد تتوقعون مني أن أسخر مما يحدث حولنا، وربما تتوقعون أن أعود إلى كتابة المسرحية الكوميدية .. فالناس اليوم لا تفرق بين السياسة والكوميدية.. فبعد التصريحات الفكاهية عن التظاهرات، اكتشفنا مبكرين أنّ ساستنا يتعمدون أن يقدموا لنا كل يوم عملا يضحك العراقيين ليشغلهم عن مأساة حياتهم. فالضحك قد ينبه الإنسان إلى أخطاء جسيمة يرتكبها في حق نفسه أو الغير.. لكنه أيضا قد يكون وسيلة لإلهاء الناس عن مشاكلها أو جعلها بسيطة وطبيعية. خذ النكتة التي أطلقها المالكي عندما خرج علينا بعد التظاهرات الأخيرة ليقول إنه يدعم مطالب المتظاهرين، ويتمنى عليهم أن يواصلوا احتجاجاتهم ! وكأن الناس نسيت أنّ المالكي نفسه قال قبل يوم 30 آب، إنّ هذه التظاهرات ستفشل مثلما فشلت تظاهرات شباط.
بالأمس وأنا أستمع لتغريدات نوابنا الأشاوس أثارني خبر بثته وكالات الأنباء يقول، إنّ " 16 وزيرا في الحكومة الكولومبية قدموا استقالاتهم إلى رئيس البلاد احتجاجا على ضرب المتظاهرين ودعما لإضراب المزارعين، ويأتي ذلك بعد أن اضطر الرئيس الكولومبي إلى نشر قوات الجيش في شوارع العاصمة بوغوتا في أعقاب الاحتجاجات المساندة لإضراب المزارعين".
وأنا أقرأ الخبر تذكرت البرلمانية "الحاجة" حنان الفتلاوي التي خرجت علينا ذات يوم بنظرية "المقص" وهي النظرية التي أرادت أن تثبت فيها للعراقيين جميعا، بأن متظاهري 25 شباط جمعوا كل "مقاص الحديد" من السوق ليستخدموها في سرقة المحال التجارية والبيوت، في ذلك الوقت أصرت النائبة المنتخبة على تغييب إرادة الناس، واستحضار روح الدكتاتورية البغيضة، حين حاولت ومعها عدد من مقربي رئيس الوزراء، أن ينصبوا مجلس عزاء للديمقراطية، وطلبوا منا نحن المواطنين أن نقرأ سورة الفاتحة على الدولة المدنية.
وزراء كولومبيا قدموا لنا مثالا مشرقا لنخبة سياسية تناضل ضد الظلم والاستبداد، فيما العديد من وزرائنا أصبحوا اليوم مجرد ديكور في مجلس يدير مقدراته عدد من الأشخاص.. بل أن العديد منهم أصيبوا للأسف بنوع من فوبيا الإصلاح ومحاسبة الفاسدين، تجعلهم كلما ذكرت كلمة فساد يستغرقون في نوبة من الهرش وحك الجلد بعنف حتى تسيل منه عبارات التخوين والشتائم، وزراء يعيشون عالماً من الخيال والأحلام، حيث لا يشعر البعض منهم بمعاناة بالناس، ولماذا وتحت أيديهم كل ما يشتهونه ويتمنونه!
اليوم ونحن ننظر إلى المواقف الشجاعة التي يتخذها بعض السياسيين والمسؤولين سواء في مصر أم في تونس أم في كولومبيا، سنجد حتماً أن العديد من مسؤولينا سينظرون إلى الوزراء المستقيلين، بمنتهى الاستخفاف والتعالي،لأنهم رفضوا المشاركة في مهرجانات الشعوذة السياسية التي تقام في بلدهم..اليوم نحن أمام مسؤولين بلا خيال سياسي تقريبا إلا إذا اعتبرنا الحيلة نوعًا من الخيال واعتبرنا الخطب والشعارات والظهور المتواصل في الفضائيات يمكنها أن تحل مشكلات العراقيين..اليوم نحن أمام مسؤولين نجدهم عندما يتعلق الأمر بقضايا وطنية كبرى مثل الحريات والديمقراطية والإصلاح.. يتحولون إلى مقدمي البرامج في الفضائيات.
بالتأكيد إن مسؤولينا سيتلمظون ويشتعلون غيظا وغضبا، من وزراء قرروا أن يتخذوا موقفا شجاعا،، لكن من حسن حظ الناس أن حبل الخداع والانتهازية قصير، ففي نهاية الأمر على المسؤول والسياسي أن يختار في أي معسكر يقف.. وتلك هي المشكلة التي تواجه معظم سياسيينا، لأنهم يريدون أن يلعبوا على كل الحبال.
أرجو ألا يكون المقال ثقيلاً عليكم، وسأحتمي من غضبكم وسخريتكم، ببيت شعر لعمنا الشاعر والمناضل التركي ناظم حكمت الذي قضي أكثر سنيّ عمره يدافع عن العدالة الاجتماعية يقول فيه: من يضحك هو من لم يسمع بعد النبأ الفاجع!
فاضحكوا قبل وبعد كل خطبة نارية لرئيس مجلس الوزراء.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. علي الزبيدي

    عزيزي علي حسين الورد صدقني انا كنت ايام التظاهرات التي جرت بعد بداية ثورات الربيع العربي وكنت اسكن في العمارات السكنية في الصالحية، حيث تم قطع الجسور اثناء التظاهرات ومعظم محلات السعدون اغلقت ابوابها ومنها تم رفع معظم معروض المحلات خوفاً من سرقتها من قبل

ملحق معرض العراق الدولي للكتاب

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الغرابي ومجزرة جسر الزيتون

العمود الثامن: نون النسوة تعانق الكتاب

العمود الثامن: مسيرات ومليارات!!

ثقافة إعاقة الحرية والديمقراطية عربيا

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

العمود الثامن: نصف قرن من التفوق

 علي حسين في مثل هذه الأيام، وبالتحديد في الثاني من كانون الاول عام 1971، أعلن الشيخ زايد عن انبثاق اتحاد الامارات العربية، وعندما جلس الرجل البالغ آنذاك خمسين عاماً على كرسي رئاسة الدولة،...
علي حسين

كلاكيت: في مديح مهند حيال في مديح شارع حيفا

 علاء المفرجي ليست موهبة العمل في السينما وتحديدا الإخراج، عبئا يحمله مهند حيال، علّه يجد طريقه للشهرة أو على الأقل للبروز في هذا العالم، بل هي صنيعة شغف، تسندها تجربة حياتية ومعرفية تتصاعد...
علاء المفرجي

البَصْرة.. لو التَّظاهرُ للماء والنَّخيل!

رشيد الخيّون تظاهر رجال دين بصريون، عمائم سود وبيض، ضد إقامة حفلات غنائيَّة بالبصرة، على أنها مدينة شبه مقدسة، شأنها شأن مدينتي النَّجف وكربلاء، فهي بالنسبة لهم تُعد مكاناً علوياً، لِما حدث فيها من...
رشيد الخيون

الانتخابات.. بين صراع النفوذ، وعودة السياسة القديمة

عصام الياسري الانتخابات البرلمانية في العراق (11 نوفمبر 2025) جرت في ظل بيئة أمنية نسبيا هادئة لكنها مشحونة سياسيا: قوائم السلطة التقليدية حافظت على نفوذها، وبرزت ادعاءات واسعة النطاق عن شراء أصوات وتلاعبات إدارية،...
عصام الياسري
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram