افراح شوقي لطالما سعت الدول المتحضرة، إلى استكمال ملامح حضارتها وتطورها بالسعي لتجميل واجهات بناياتها بعد ان تكون قد استكملت (فرضاً) تطوير آليات عملها وخدماتها بما ينسجم مع توجهات المنافسين لها، وهم كثر من الشركاء ضمن القطاع الواحد أو حتى مابين القطاعات المختلفة،
ولعل نصف نجاح عمل المؤسسات - الخدمية منها خصوصاً- مرهون بما تضفيه تلك المؤسسات من معالم الجمال والترتيب والأناقة لما حولها، ولواجهاتها على التحديد، والتي غدت تتبارى فيه معظم المكاتب الهندسية والعمرانية لتصميمات متجددة ومتطورة تحاكي روح العصر، مع مراعاة ماهية عمل المؤسسة ذاتها، لكن يبدو إن الحال يصعب إن ينطبق على معظم مؤسساتنا الخدمية حتى لو بعد قرون، فهي ستحتاج وقتا كبيراً كي تفهم تلك المعادلة الصعبة، وربما لا تقتنع بها وتحيلها إلى سلة (المهملات ) الممتلئة على أسطح حواسيبها التي غزتها الفيروسات من كل حدب وصوب ولون، وشلت حركتها عن تقبل أي تغيير، وإلا ماذا نسمي إصرار معظم دوائرنا الحكومية على الاستعانة بخدمات (العرضحالجي) بالآلية ذاتها المتبعة قبل عشرات السنين، هم ذاتهم بمظلاتهم المتهرئة وكراسيهم المعوقة، وأوراقهم الصفر وإعلاناتهم التي تطورت وحدها وصارت تستخدم الأيدي والركض وراء المراجع ليسجل بيانات زيارته في عريضة حتى وان كانت زيارة شخصية لشخص المدير العام! بالأمس كنت في إحدى المحاكم الشرعية في بغداد، وتألمت لحال مدخلها الفوضوي بعد ان استحلته مقاعد ومظلات (العرضحالجية) وهم يتناسلون كل يوم بشكل كيفي، وأساليبهم البدائية لحث الناس على مراجعتهم والاستعانة بخدماتهم حتى ولو بالتهديد والوعيد، كما اخبرني بعض الموظفين الحقوقيين العاملين هناك لاحقاً، في معرض حديثنا عن تلك الظاهرة، وزادوا لي ان هؤلاء باتوا يشكلون عبئاً على الدائرة بابتكارهم أساليب جديدة لابتزاز المواطنين البسطاء وفرض أجور عالية على خدمات انجاز المعاملات والاستنساخ وغيرها، والأخطر من هذا وذاك ما تم الكشف عنه مؤخرا عن استخدام مجموعة منهم أختاماً مزورة لغرض تمشية معاملات بأجور باهضة، وعلى الرغم مما قدمه الكثير منهم من خدمات لمصلحة العمل والمواطن طوال سنوات خلت إلا إننا وامام تقدم الزمان وأساليب العمل واستخدام النظم الالكترونية الحديثة لابد من ان نفكر جدياً بالولوج إلى تلك المظاهر بإلحاح حتى لو بخطوات بطيئة لكن المهم ان نبدأ، ومن حقنا ان نتساءل هنا، هل يصعب على دوائرنا الخدمية ان تستحدث مكاتب او حتى كرفانات في مداخلها لغرض تمشية معاملات الناس بمعية رجال حقوقيين يلحقون بكادر الدائرة، وحاصلين على شهادة اولية في القانون بدلا من عرضحالجية اليوم ممن لا يحمل معظمهم على شهادة الابتدائية ! ولا اغفل من قال لي ان نقطة الفسا د الإداري المستشرية هذه الأيام في دوائرنا الحكومية غالباً ماتبداً من على طاولة (السيد عرض حالجي) لتشق طريقها قدما نحو أهدافها، والرأي لأولي الرأي أولا وأخيرا فماذا انتم فاعلون؟
(العرضحالجي) يتصدر دوائرنا الحكومية مع سبق الإصرار!
نشر في: 7 نوفمبر, 2009: 05:25 م