TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > كلود ليفي شتراوس .. رحـيــــل آخــــر الـمـفــكــريــن الـفـرنـسـيـيــن فـي عـــصـــر

كلود ليفي شتراوس .. رحـيــــل آخــــر الـمـفــكــريــن الـفـرنـسـيـيــن فـي عـــصـــر

نشر في: 7 نوفمبر, 2009: 05:29 م

ترجمة: ابتسام عبد الله ان شهرة كلود ليفي شتراوس، الذي توفي مؤخرا عن مائة عام، تجاوزت موضوعة الانثروبولوجي (علم الانسان) لقد كان بلا شك العالم الانثروبولوجي الاكثر شهرة بالنسبة لغير المختصين. ويعود ذلك بشكل رئيسي لاعتباره مؤسس الحركة البنيوية،
والتي كان لها تأثير كبير جدا في العالم وخاصة في اعوام السبعينيات. كان ليفي شتراوس احد اكثر المفكرين الفرنسيين الكبار – مثل جان بول سارتر، وسيمون دي بوفوار، وميشيل فوكو، ورونالد بارت، وجاك دريدا واخيرا بول روكور – الذين تعدى تأثيرهم الى فروع اخرى من المعرفة، لانهم كانوا فلاسفة على نطاق واسع بمعنى الكلمة متجاوزين بذلك الفلاسفة الاكاديميين البريطانيين والامريكيين. وكنتيجة فان هؤلاء الفلاسفة بدوا اكثر تحفيزا بالنسبة للمفكرين الآنغلو ساكسون، في مجالات الادب والتاريخ والاجتماع. ومن سخرية القدر ان تكون سمعة شتراوس كذلك وهو الذي يعتقد نفسه انثروبولوجيا تقنيا في الدرجة الاولى، وكان يبدي عجبه ودهشته للحماس الذي كان يبديه طلاب الادب وغيرهم لافكاره البنيوية. ومن جهة اخرى لا يمكن ابدا نكران انجازاته في المجال الادبي واغنائه له، ومؤلفاته في هذا المجال لا تزال مطلوبة من القراء. ولد ليفي شتراوس في بروكسل لعائلة فرنسية فنية، وتلقى تعليمه بشكل اعتيادي في الطبيعة البشرية. ثم واصل تعليمه في فرنسا وتخرج من السوربون، مثيرا الاعجاب لصغر سنه، بنجاح كبير، واجتاز اختبار الفلسفة. بعد تخرجه اصبح مدرسا في ديكاردي (كلية من الدرجة الممتازة). على اي حال فان شتراوس سرعان ما تحرر من وهم الفلسفة لعدم ميله الى الاشكال الاخلاقية للحركة الاشتراكية الفرنسية في ذلك الوقت ولفترة من الزمن تخلى عن اهتمامه بالسياسة، ولم يشارك – مما يثير العجب – بالاحداث الدراماتيكية في خلال اعوام ما بعد الحرب. بدلا من ذلك، بدأ اهتمامه بالانثروبولوجي، بعد قراءة مؤلفات العالم الامريكي، روبرت لاوي. ويعود ذلك بالدرجة الاولى لادراكه ان غناء الثقافات التي كانت تعرف بالبدائية اعطت الكذبة للكتاب المتفائلين بحركة التطور من امثال اوغست كومتي. ان نتيجة ذلك الاهتمام ظهرت في عضويته لمجموعة الاكادميين الفرنسيين الاجتماعيين، والتي كانت الثانية في اهميتها العالمية بعد المجموعة التي تشكلت في جامعة سان باولو – البرازيل، بدعم فرنسي. وفي العام 1935 منح لقب بروفيسور، على اعتقاد انه سيبحث الجزر – الامريكية. لكنه تخلى عن كرسيه عام 1939، مفضلاً الدراسة والبحث عن شعوب نامبيكوارا وماتو غروسو في الامازون البرازيلية وعلى الرغم من ان مجاله ذلك بدا متواضعا في بادئ الامر في حقل – علم الانسان – لكنه كان مؤثرا. والاهم من ذلك ان بحوثه اكدت احترامه لثقافة وتقاليد تلك الشعوب التي تسكن في اميركا الجنوبية، مبديا اهتماما اكثر بالجوانب الفلسفية والفنية والثقافية للعالم القديم. وقد تأكد بعد ذلك اتجاهه مع احداث الحرب العالمية الثانية، واحس بالاهانة التي وجهت لبلاده، عندما عاد الى فرنسا التي هرب منها الى نيويورك، مع عدد آخر من المثقفين الفرنسيين، حيث تم تعيينه في (المدرسة الجديدة للبحوث الاجتماعية). وبعد الحرب العالمية الثانية اصبح الملحق الثقافي في واشنطن، ثم تولى مناصب اخرى في بلاده حتى منح كرسي العلوم الانسانية – الانثروبولوجي عام 1959. وفي عام 1973 اختير عضوا في الاكاديمية الفرنسية ومنح جائزة ايراسموس. لقد كانت الفترة التي امضاها في امريكا قد انتجت البنوية اصطلاح استخدم بعدد متنوع من النظريات في علم الاجتماع وما وراءه والتي مع كونها استمدت افكاره فانها لاتحمل الكثير من عمله. ومن المثير للدهشة انه على الرغم من التقدير الكبير الذي يعامل به وخاصة في فرنسا، لا يوجد لديه اتباع او طلاب. وهناك العديد ممن يدعون انهم بنيويون ولكن عدداً محدوداً من افكاره قد اثرت عليهم. ومجرد حمل وتبني شعار قوس (البنيوية) كان قد اصبح نوعا من الموضة العابرة. وبنيوية شتراوس نفسه كانت مزيجا من المقاربة للطبيعة ودراسة الكائن الانساني والاتجاهات الفلسفية.ان الجانب الفلسفي في تفكيره كان نتيجة مزيج نظريتين الاول يتعلق بعلاقته بعلم الاجتماع الامريكي وتأثره بها – علاقة تبدو غامضة (نظرا لبعدها عن تأثيرات النظريات المعاصرة. الثاني انه اقترب من البنيويين اللغويين، مزيج سلوكي لنظريات اوروبية وامريكية وعلى الاخص العمل الخلاق لليعاقبة الرومان واللغويين الروس التي كانت مدرسة جديدة آنذاك. كان ليفي شتراوس مهتما بالانواع البشرية بشكل عام، وبالنسبة له فان المجموعات البشرية الصغيرة اكثر اهمية، "هنود الامازون" من العالم الصناعي الحديث. وقد قادته هذه المقاربة لإيلاء اهتمام بالاساطير المتعلقة بـ (اميرينيان) هذه الدراسة التي شملت معظم مؤلفاته منذ اعوام الستينيات وخاصة في كتابه (ميثولوجيات) الذي صدر باربعة اجزاء خلال 1964 – 1971. في حياته لقي كلود ليفي شتراوس التقدير غير المسبوق وخاصة عند بلوغه سن المائة وبدا كأن فرنسا بأكملها قد اكتشفت انه شيء ثمين ومصدر لل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالحوارِ أم بـ"قواتِ النخبة".. كيف تمنعُ بغدادُ الفصائلَ من تنفيذِ المخططِ الإسرائيلي؟

تحديات بيئية في بغداد بسبب انتشار النفايات

العراق بحاجة لتحسين بيئته الاستثمارية لجلب شركات عالمية

الكشف عن تورط شبكة بتجارة الأعضاء البشرية

مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

مطلع الشهر المقبل.. انطلاق معرض العراق الدولي للكتاب

بغداد/ المدى تنطلق فعاليات الدورة الخامسة من معرض العراق الدولي للكتاب، في الفترة (4 – 14 كانون الأول 2024)، على أرض معرض بغداد الدولي.المعرض السنوي الذي تنظمه مؤسسة (المدى) للإعلام والثقافة والفنون، تشارك فيه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram